سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فايز الشهري: شعوب الأرض تتعلم فينا.. بدءاً من «الختان» وحتى دفن موتانا
نشر في الحياة يوم 20 - 10 - 2009

دائماً أبناء الأطراف لهم اليد الطولى في الإبداع والتنمية ومن غيرهم يشل كل جسد لا يلجأ إليهم.. الدكتور فايز الشهري ابن تنومه البار، انخرط في الحياة العسكرية فسرقته المدنية، وأصبح في صراع بينهما وحياته كلها أساسها صراع.. دائما يعشق التفوق ويهيم بالمراكز الأولى.. يحاول أن يهدأ فيسرع بالحركة.. لافتة النهاية ليست في طريقه يحزن على حال جيله ويشفق على أجيال سيرثون تركتهم البائسة، يقرأ الملقات بعناية فائقة وتتكاثر الأسئلة من خلاله، ودائماً ما تخرج إجاباته مؤلمة.. يرى في مجتمعنا أنه يملك كل شيء لكنه الضمير والإرادة تجعلانه يتأخر كثيراً.. يلقي بمسؤولية تنامي الإرهاب على مؤسسات معينة ويشفق على حال وزارة الداخلية بتحمل وزر كل شيء..
الدكتور فايز تسكنه عذوبة الأطراف ولن أنسى تعليقه لي بعد الحوار بقوله: قد تستغرب إن قلت أنك من بين قلة ممن عبروا الخط الفاصل بين ما في القلب وما تعانيه الروح فشكراً لك. حاولت أن أجاريك لغة ومرمى واعترف أنني قد فشلت وما ستقرأ هنا هو ترنيمة رجل يطارده ظله، بالنسبة لي فقد «اكتملت» إجابات أسئلة كثيرين عني، وما بقي لا يقال إلا همساً بين الأحباب ... فإلى تفاصيل الحوار
أبناء الأطراف لماذا جيناتهم مختلفة عن أبناء المحور؟
- كم هي موجعة يا «خالد» في بلادي تبعات تهمة أن تكون من «الأطراف»، ولكن بالله حدثني هل يمكن أن يوجد جسد سليم الحركة وهو يفتقد (الأطراف)، ألا يسمونه الجسد «المعاق».
«تنومة»... هل أنت بار بها أم تشتكي عقوقك؟
- فوق سماء «تنومة» فوق كل أرض ما زلت استظل ببقايا صوت «الحبيبة» المدفونة - رحمها الله - تحت ثراها، لم ينس الصغير - قليل الحيلة- لحظة مناجاة أمه وهي تئن على فراش المرض وهي تحلم برحلة إلى مكة في الزمن المقبل. تغيّرت تنومة – يا صاحبي- بعد رحيل أغلى الناس ومن يومها قرّر الطفل ألا يكبر حتى لا ينسى حلمها معه.
مقاعد كلية الملك فهد الأمنية.. هل كانت هي الحلم؟
- الحلم وقتذاك كان على قدر القامة.. فحين هاتفني زميل الثانوية وصديق العمر الصدوق تركي بن طلال بن عبدالعزيز ذات أصيل رمضاني بعيد وقال للفتى الغض «مبروك» أنت من أوائل المملكة في الثانوية العامة... تاهت بي السبل ولعل هذا المقعد كان مهرباً سريعاً من إلحاح طموح لم يتسع الكون له وقتها.
البوصلة والاتجاهات
من بكالوريوس علوم أمنية إلى بكالوريوس وماجستير ثم دكتوراه صحافة الكترونية.. كيف تغيرت البوصلة؟
- لم تتغير البوصلة ولكن حاملها يمشي خطاه المكتوبة وما انفك يطمح ألا تطأ قدماه إلا أرضاً تحدها الجهات «الأصلية» فقط. ولعل المتغير الواضح اليوم هو أن الرحلة طالت ولم تكن محطات الاستراحة كثيرة إذ كلما وصل الفتى شمالاً رأى وميض حلم يلوح مغرياً بأفق شمال جديد وهكذا طال الليل وطال السرى.
العسكري عندما يعيش حياة مدنية كيف تبدو حياته؟
- لا اعلم ولكني أجد أحياناً بعض التضاد الجميل في هذه المعادلة.. بالنسبة لي رأيت حالي - إن كان هذا يرضيك- وقد سارت بي مشاوير العمر لأظهر متهماً «بالمدنية» في كل مكان حتى وسط العسكر، وفي كل خير.
هل تفكر بالتقاعد والتفرغ للحياة المدنية؟
- بل تجاوزت التفكير إلى التنفيذ بعد عرض مغر لعمل مريح فيه الكثير من المزايا والقليل من الرزايا ولكن لقائي الفاصل بشخصية كريمة من قيادات بلادي.. جعلني أعود إلى منزلي ذات فجر وأنا أردد «عذراً كم نحن أنانيون يا وطني».
لماذا العالم يخاف دوماً من حكومة العسكر؟
- هل سأكون محايداً هنا؟ على أي حال كيف يخشى العالم حكومات العسكر وهي تحكم نصفه وتتحكم بالوكالة في النصف الباقي تقريباً! ولكن ربما يكون مرد الخوف هنا أن بعض الناس يخشون حكومة العسكر لأنها تأتي دائماً لفرض «النظام» بعد أن يشيع غير العسكر الكثير من الفوضى!
سحر الحواسيب والالكترونيات متى بدأ أثره عليك؟
- في مرحلة الدراسات العليا - منتصف التسعينات- كانت معظم خيارات الشاب لقضاء ليل الشتاء الأوروبي الطويل (وقت وصولي) توجع القلب والضمير والمبدأ فهداني ربي لصحبة وسحر جهاز Gateway بمبلغ 11 ألف ريال وقضينا معاً رفقة الانترنت عروسنا الجديدة (حينها) أجمل الليالي واستمر إغراء الساحر وطاعة المسحور ولم تفلح أية رقية حتى اليوم في فك هذا «العمل».
الدراسة في الخارج
الدراسة في بريطانيا ماذا غيرت فيك؟
- لم تكن الدراسة وحدها صاحبة التأثير، هناك طريقة الحياة، وأسلوب التعامل مع الناس وطريقة الحياة في ظل النظام وحده، بحق كانت البعثة فرصة كبرى لإعادة تقويم الذات والأدوات، وأرجو أن يكون من أثمن ما بقي لي من سنوات البعثة إدراك قيمة الوقت ومدى عبء بعض التقاليد الاجتماعية واستهلاكها السلام الداخلي للفرد.
تساءلت في مقالة لك مرة: «هل واقعك يشبه شخصيتك الانترنتية ؟ ما رأيك في أن تبحث لنا عن إجابة على هذا السؤال عندك؟
- صدقني كلنا ندور في حبس سلطة التناقض الاجتماعي ولهذا لا نكاد - بكل أسى- نلمس الفرق، فهنا أقنعة وأشباح الكترونية هناك، بالنسبة لي احرص – لا انجح كثيراً- على أن تصور شخصيتي الالكترونية بعض روحي (كما أنا) وحين اخفق أجد أن ضعف الشخصية الالكترونية مرده إلى عطش مماثل لروح أخرى لم تسلم من عوادي الزمن الرقمي وكثيراً ما صادفت أرواحاً ظامئة فأتعبتني وأتعبتها.
في رأيك المبتعث السعودي، ماذا يجب أن يحمل معه غير حقيبة ملابسه وحقيبة «اللاب توب»؟
- المهم ألا يحمل معه تناقضات مجتمع وعقد قبيلة، وتراثاً من كسل ذبح الطموح وأرهق خطط التنمية. ليت الشباب ينجح، فقد فشل جيلنا في تجاوز معظم التحديات، خصوصاً أن كل شعوب الأرض تتعلم فينا وبنا كل شيء، بدءاً من ختان مواليدنا حتى دفن موتانا.
في المجتمعات العربية الإنترنت منفى أم وطن؟
- شبكة الإنترنت منجز حضاري تمثل درّة تقنيات العصر، وهي في جانب منها صورة الشوارع الخلفية في كل مدينة. المأساة أن الحال الفكرية والسياسية – عربياً - جعلت من الشبكة في اغلب الأحيان وطن المنفيين والمهمشين، وفي أحيان أخرى منفى من ضاق به وطنه أو أتعبه عقله وحلمه.
الصحافة والكتابة
كيف بدأت مع الصحافة والعمل الكتابي؟ وهل سرقتك من شيء؟
- لم تسرقني، بل سرقت لي أجمل لحظات العمر من برنامج حياة، أكثره جد وقليله مرح. وقصتي مع الصحافة قديمة، فأول نشر صحافي لي كان في إجازة صيف الثالث المتوسط، وكتبت أول زاوية منتظمة وأنا في الصف الثاني الثانوي. وكنت اكتب الشعر والقصة، ولما غارت مياه الموهبة عدت للكتابة الصحافية.
ألا تشعر بأن كثرة مشاريعك وأفكارك تجعلك مثل السيد «خراش»؟
- ليتي مثل «خراش»، فهو يتصيد «الظباء» المتكاثرة حوله، أما أنا فتتصيدني ملفات اللجان ودراسات المشكلات الاجتماعية وهموم المخدرات والجريمة أضف عليها أسئلة المشاكسين من طائفتك!
بعد حصولك على الدكتوراه في الصحافة الإلكترونية، هل طبقت أسس دراستك على عملك؟
- كانت لي فرص كبرى في التدريب والتدريس الجامعي، ثم في تأسيس وإدارة بعض المواقع الإلكترونية، ومنها مواقع إخبارية تشرفت فيها بثقة ناشريها، وكانت هناك نجاحات أرضت بعض الطموح قليلاً وإخفاقات تعلمت منها الكثير.
تكنولوجيا متطورة في البيوت، وتعليم جامد في المدارس من الخاسر هنا؟
- الخاسر هو المستقبل وجيل ضحية يتشكل اليوم بلا هوية، واسمح لي بأن اسأل ماذا اعددنا لاستقبال أفواج خريجي الجامعات الجديدة، زد عليهم الحشود القادمة من كل فج ابتعاث عميق هؤلاء وأولئك سيأتون غداً بأحلامهم، وأخشى أن ليس أمامهم سوى تصريحات وزارة العمل التي لا تملك حتى بصيص أمل.
كيف تقرأ ثورة الإعلام الجديد؟
- كثيراً ما اقرأها بمنطق المهنة التي تقول: «فكر عالمياً وتصرف محلياً»، وهي ثورة مفاهيم ستحدث انقلاباً في تقاليد النشر والقراءة. المحزن أن معادلة الإعلام الجديد لم يستدل على أطرافها كثير من المستثمرين العرب في فضاء الكتروني شديد الشراسة التنافسية.
هل من الممكن أن تنهي الصحافة الالكترونية حياة الصحافة الورقية يوماً؟
- هناك متغيرات كثيرة وكثير منها لم يتشكل بعد، ولكن بما أن ركني الصحافة المكتوبة هما الخبر والمعلومة التي جلبت المشتري ثم المعلن من بعده، وحينما تتوافر وسائل أسرع وأدق واقل كلفة أمام من يدفع في مقابل هذه الخدمات، البديهي أن ينصرف إليها وارى أن الصحافة الورقية في طريقها للاضمحلال التدريجي، خصوصاً حينما تتولى أجيال الانترنت مقاليد الأمور في مقبل السنين.
الصحافة الالكترونية السعودية... هل هي ناجحة؟
- فنياً، نعم وبشكل يدعو للإعجاب. مهنياً لم ينجح احد بعد بما يكفي للأسى.
ما أكثر صحفنا الالكترونية احترافية؟
- من دون أدنى شك تعد مواقع الصحف المطبوعة هي الأفضل فنياً وتحريرياً من دون منافس يعيبها بالطبع الفشل في تمييز شخصية الموقع الالكتروني عن نمطية ورتابة الصحيفة المطبوعة. أما أكثر ما نطالع على الانترنت من جهود إعلامية – تحت مسمى صحافة الكترونية - فيغلب عليها الطابع الفردي ولا تخفى مظاهر الارتزاق وأخشى أن أقول وغياب أخلاقيات المهنة.
الصوت الجريء
الصوت الجريء لدى المواقع الالكترونية جذب كثيراً من الكتاب... برأيك إلى متى والعالم الافتراضي أكثر ترحيباً؟
- (علمتني «الانترنت» أن ما هو أسوأ من فقدان الحرية هو إساءة استخدامها حينما تتاح) هذا ما كتبته وبناء عليه فقد لا يكون «الصوت الجريء» هو الصوت الأمين وحده فمجتمعنا والموقف التاريخي يحتاجان مع القلم الصادق والصوت الحر ضمير الإنسان «المسؤول».
قلت: «بعض كتابات الانترنت أفضل بمراحل مما نكتبه في الصحف المحلية» لماذا؟
- لأن بعض المواقع والمنتديات نجحت في جمع واستقطاب أقلام لم تتح لها فرص النشر في الصحف المطبوعة، والأهم أن كتاباً كثر يجدون في المنتديات ملاذاً آمناً للحرف الذي قمعه رعب مجتمع أو مصلحة مجموعة. والانترنت حرة لا يعنيها مزاج بيروقراطي معظم تعليماته يتلقاها من محفوظات أرشيف المكتوبجي...
الوفاق واللاوفاق
صحيفة «الوفاق» وصويحباتها المحلية... هل ترى فيها من أمل؟
- «الوفاق» بدأت حلماً تشكّل ببراءة فرعته عقول كان أقصى حلمها – آنئذ- أن تبني كياناً يتيه فيه صوت العقل ومنبراً تتباهى به الحرية. وكان ما كان بحماسة كوكبة من شباب الوطن... ثم خلف من بعدهم خلف تناثروا في كل أصقاع الشبكة فأضاعوا الموضوع ونحروا الموضوعية.
من أفسد على «الوفاق» وفاقها وتميزها؟
- كانت أيام... لا املك كل سجلاتها ولا ادعي كل أمجادها... الذي أستطيع أن أقوله إن صحيفة الوفاق كانت فكرة كبرى لم يستوعبها زمنها وبكل حزن فقد تفرّق دم «الوفاق» بين القبائل الإدارية ولم يحضر مأتمها من محبيها احد.
ربطت المؤسسات الصحافية نفسها بمواقع تخصها وأولتها اهتماماً بالغاً... لكن في المقابل يُرفض غالباً في الصحافة الورقية أي خبر مصدره الكتروني... لماذا هذا التناقض؟
- بالنسبة لي أرى المشهد بصورة معكوسة، إذ أجد في كثير من الأحيان أن (الخبر) في الصحافة المطبوعة يظهر صدى لما تبثه المنتديات المواقع الالكترونية الإخبارية في حين يبدو (الرأي) في الصحافة المطبوعة مادة مثيرة لسادة المشهد الفكري الالكتروني.
هل من الممكن أن تنجو الشبكات العالمية بنفسها بطريقة ما في حال شنت عليها حرب معلوماتية؟
- الحرب الالكترونية فرع وتخصص رئيسي في كل جيوش العالم تقريباً. وهكذا حال أي حرب فيها منتصر ومهزوم، والشبكات المعلوماتية بطبيعتها في خضم معارك يومية مع مهددات كثيرة الكل فيها مناضل وبالنسبة لشبكة الانترنت فقد لا تنجو من حرب الكبار لأن رأسمالها فكرة وإرادة ومستخدمون.
هناك اهتمام واضح من مؤسسات إعلامية سعودية عدة بمسألة الحقوق الملكية الفكرية والإبداعية في مجال الإعلام والاتصال...هل سينجح الأمر مع الإعلام الجديد؟
- (الحقوق الفكرية) ثمرة ناضجة لا تأتي من عدم بل هي نتاج شجرة نادرة في عالمنا اسمها (الحقوق) وحين نحترم هذه الشجرة ونرعاها ستثمر ثمار الحقوق لكل جنس وكائن.
الظواهر والمتغيرات
مراكز البحث وقياس الظواهر... لماذا هي عرجاء في بلادنا؟
- لأن السيرك الإعلامي يسبق معامل العلم في سلم الأولويات في كثير من الإدارات الرسمية. ولهذا نجد المفكر والعالم دائماً غائباً أو مغيباً فلا نراه آتياً إلا مضطراً للتبرير وبناء الحجج. مأساتنا أن المفكر غير شريك في صناعة الرؤية وقيادة حركة المجتمع.
تساءلت منذ زمن «لماذا كل شيء بالمجان في الانترنت» هل تظن أن الأمر مازال بالمجان؟
- نعم كل شيء بالمجان وسيظل لان الثمن تدفعه أجيال تدافعت بلا بوصلة فكرية على استهلاك منتجات الشمال غثها وسمينها تحت حراب العولمة. وحين تقاذف من نسمهم (الكبار) بشتائم التيارات على الانترنت جنينا مع (الصغار) مصائب ثلاث كبرى هي التطرف والإباحية واللامبالاة.
كل تقنية تبدأ دورة حياتها في مجتمعنا بكثير من الفوضى... لماذا؟
- في غياب الهلع الذي حرمنا من الاستعداد الواعي والتنظيم المتزن أصبحت فوضى البدايات مؤسسة غير رسمية ذات تقاليد، تأمل في حال مستهلكات التقنية وانظر وضع أسواق بيع وتركيب أجهزة الاستقبال الفضائي وأجهزة الملاحة الصحراوية وأجهزة الاستقبال اللاسلكي هي(إدارياً) ممنوعة وبعضها (محرم) بفتاوى وهي في كل أركان المدينة بضائع مزجاة.
ألا تشعر أننا نكثر من التنظيمات واللوائح في مسارات حياتنا؟
- نعم وقد قلت وأقول مرة أخرى نحن قوم بارعون بحيث نجيد صنع الأنظمة المثالية التي لا يمكن تطبيقها إلا بالاستثناءات.
عندنا قوانين... ومن يشرعها هو أول من ينتهكها... لماذا؟
- لا تسيء الظن كثيراً...ربما يهدف المسؤولون عن تطبيق الأنظمة من خرقهم لها اكتشاف الثغرات التي تركها واضعوها!
ما الرابط بين تطور تقنيات الاتصال والتغير الاجتماعي؟
التغير سمة المجتمعات التقليدية وفي مجتمعنا تبدو تقنيات الاتصال مؤثراً رئيسياً ويكفي أن نعرف حجم التغير في السلوك الفردي والاجتماعي بجانبيه الإيجابي والسلبي مع كثافة حضور التقنيات الحديثة في أيدي الناس، وهو واضح في مجالات شيوع الانحرافات الأخلاقية والشكاوى من مخرجات وشبكة الانترنت والهواتف المحمولة.
الجدية الغربية تجاه شبكة الانترنت... لماذا لا نجدها في شبابنا؟
ليس كل الغرب جادين ولكن الجادين منهم يكون حضورهم أقوى واشد تأثيراً ونجاحات «قوقل» و«أمازون» و «ياهو» و «هوتميل» ومئات القصص في عالم التقنية هي في أساسها نجاحات أفراد تبنتها ورعتها المؤسسات الغربية فحققت كل النجاح الثقافي والعلمي والاقتصادي.
اليوتيوب الغربي أكثر نضوجاً... هل هناك باب لم نقرعه بعد ليكون لنا ذات الصفة؟
- نحن لا نقرع الأبواب في عالم التقنية بل نتسلق «المواسير الخلفية»، وموقع يوتيوب معرض ثقافات الشعوب ومسرح انجازاتهم، الغربيون التائهون كثر مثل تائهينا ولكن الأنشط عندهم هم من يقدمون أفضل ما لديهم. في مجتمعاتنا العربية نجد كثيرين منشغلين ببث النقائص والنقائض العربية.
مالك بن نبي ومحمد الجابري... هل يجعلان العقل في نعيم أم جحيم؟.
يختلف مع مشاريع هذين الرجلين كثير من الناس. ولكنهما يذكّران العربي بعقله الذي لا يعمل بكامل طاقته إلا لسك تبريرات الهزائم. ومالك بن نبي كتب قبل عقود طويلة عن «شروط النهضة» وشخّص حالة « القابلية للاستعمار» عندنا فخاصمناه حتى مات معدماً منسياً. أما محمد الجابري، فقد أكمل مشروعه الفكري عن العقل العربي في أربعة أجزاء وقدّم قراءته متضمنة تحديات مشروع الإصلاح بين ماض (إسلامي) وحاضر (غربي) داعياً إلى تحرير العقل ولعل انحياز الجابري للعقل وعدم وضوح توجهاته افقداه أنصار كثر.
الإرهاب والأمن السعودي
الإرهاب الالكتروني... موضة أم موجة عارمة؟
- والإرهاب الالكتروني في عصر المعلومات جزء من حقائق الحياة اليومية المعاصرة ولا جديد إلا الوسائل وفي عصر المعلومات بات كثيرون يرون الوجه التقني للعنف في الحياة المعاصرة من خلال شبكة الانترنت.
هل لدينا احترازات أمنية للحماية من الإرهاب الإلكتروني؟
لا شك أن المؤسسات الأمنية لديها الكثير من الاستعدادات التقنية والكفايات المدربة بدليل ما تحقق في السنوات الأخيرة من نجاحات. ولكن هل كل المؤسسات العامة والخاصة على ذات الكفاءة من حيث قدرات الصد والحماية فيما لو تعرضت البنية الالكترونية للتهديد.
هل تشعر أن وزارة الداخلية قدمت مشروعاً تثقيفياً للحد من الإرهاب؟
- ما لكم كيف تحكمون...! حضارياً اسأل لماذا تحمل وزارة الداخلية مع الملف الأمني ملف التوعية والتثقيف. وزارة الداخلية بحسب مهامها مؤسسة تنفيذية تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار وتوفير أسباب الطمأنينة في المجتمع من خلال مواجهة أشكال الجريمة، وحينما ظهر أهل الفتنة نفذت الوزارة مشروعاً فكرياً تثقيفياً طموحاً بالتوازي مع العمل الأمني السريع والكفء ورأينا ثمار برامج رعاية العائدين من مناطق الصراع، وبرامج المناصحة، وحملات التوعية العامة، والسؤال ماذا عملت وماذا تنوي أن تعمل بقية مؤسسات الدولة والمجتمع المعنية فعلاً بالفكر.
لماذا لغة برامج التوبة والمناصحة تتم بتقليدية بحتة؟
- هل هذا تساؤل أم حكم...! الذي المسه أن بناء الفكر المتطرف استغرقنا جيلاً كاملاً في الماضي ومعه تدخلت وتداخلت «محاضن» ومؤثرات كثيرة داخلية أو خارجية. يبدو لكثيرين أن ذات المحاضن الفكرية لم تشارك بجهد كاف في جهود المعالجة بل وتغيبت وترددت رموز مؤثرة مثلت تلك المرحلة المتوترة وبعض من تقدم تراه يمشي على وجل أو خجل.
حرب أفغانستان هل كانت قاصمة الظهر لمجتمعنا؟
- بل كانت كاشفة الألغام التي زرعت لنا ونحن نسير بحسن نية أو بخطأ الحسابات. وكما تعلمنا من التاريخ فإن الشعوب الحية التي تتألم تتعلم وفي حالة أفغانستان وغيرها حين جاء أوان الحصد عرفنا أن الشيطان وحده يكمن في التفاصيل.
في الحروب المعلوماتية ما هو السيناريو الأكثر تداولاً... عما يبحث القناص الالكتروني؟
- كل الخصوم في كل العصور لا يبحثون إلا عن الفرصة وغفلة الخصم ليتمكنوا من المباغتة، وعصر المعلومات هو عصر الفرص الكبرى، أما الغفلة فتتحقق حينما يغفل المسؤولون الفنيون عن تتبع إجراءات أمن المعلومات أو حين يصطدم مسؤول التقنية بمدير بيروقراطي يتعامل مع الأجهزة والبرامج بعقلية تأمين الأثاث وخرامات الورق.
المدونات والحجب
أغلقت كثير من المدونات، وحجز مدونوها... متى يكون التدوين نقمة على صاحبه؟
- في عصر الانترنت اكتشفنا أن للسلطة في كل دول العالم تقريباً كلمتها في كل كلمة تكتب، والمدون الذي يكتب قضيته في فم الضجيج لا يتوقع السكون. والمدونات كانت أشبه باتجاه Trend أو مزاج أقرب «للموضة» الالكترونية، وهي الآن في مرحلة خفوت بعد سطوع نجم الشبكات الاجتماعية.
حجب المواقع... هل هو الخيار الأسلم؟
- أثبتت التجربة أن الحجب ظل أسلوباً (ضعيفاً) ضمن أساليب الإدارة الرسمية لإرضاء الضمير المجتمعي من باب سد الذرائع البيروقراطية، ولكن هذا الأسلوب أيضاً عكس قاعدة شرعية مستقرة، إذ جلب معه المفاسد ودرأ كثيراً من المصالح.
الإحباط... هل يطرق بابك كثيراً؟
- كثيراً وفي كل يوم تقريباً، ولكن خالقي كريم، إذ أكرمني بصحبة والدي هذا الرجل الفذ الذي استثمر في أبنائه وبناته كل عمره، فحصلوا على أعلى الشهادات. وأكرمني الله أيضاً بصحبة ماجدين كرام، وقبل ذلك كله وجدت يقيناً به - جلت قدرته- قد جعل لي من كل ضيق مخرجاً ومن كل إحباط فرجاً.
هل تشعر بوجل لمستقبل أبنائك؟
- نعم وجيلنا هو المسؤول، فقد حملنا الأجيال القادمة إرثاً ثقيلاً من الملفات الكبرى والخصومات التي لا تلد إلا مثلها.
أما تزال تسيء الظن كثيراً بالبرمجة العصبية وأهليها؟
- نعم... وأتقرب إلى الله بذلك... والحمد لله أنها بدأت تتلاشى مع بدء اختفاء دكاكين بيع الشهادات المزيفة.
النفط لماذا جعلنا أكثر كسلاً؟
- ربما.ولكن ما يثير أن بعض أهلينا من عاربة ومستعربة الشمال يشاغبون علينا بمسمى «بترودولار» ويسموننا بعرب النفط، ونسوا انه «سلاح» المعركة وغوث الأخ المحتاج و ضيافة قاصد بيت الله ومنه فراش ولحاف ملايين المسلمين والبشر ممن استظلوا بخيمتنا. أموال النفط لم نقدم بها جيشاً إلى جار ولم نبعثرها على مشاغبي «أمم» الأرض باسم ثورة «خضراء» أو بدعة «حمراء».
ما الذي بقي لك من ملفات لم تنجز؟
- بقي تقصيري في حق خالقي الذي منح وأعطى. وهناك ملفات قليلة تنتظر، ولكنها مرهقة. وفي حياتي الشخصية أعاني انكسارات روح وهزائم قلب، وهناك كتبي الأربعة تنتظر تنظيمها للنشر. وبقي ملف انتظار ما لا يأتي وهو ما أرهق شبابي بالأمس، وهو وجعي اليوم وأنا أقف على ناصية العمر متأملاً كل ما مضى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.