سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«سوق عكاظ» لا يزال في سن الطفولة .. والحركة الثقافية المحلية تحتاج لقوى دفع تشعل فتيل التفاعل أكد على حق المثقف العربي في تقويم عطاء المهرجان .. خالد الفيصل ل عكاظ :
أكد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لمهرجان سوق عكاظ الذي تنطلق دورته السادسة الثلاثاء المقبل، أن المهرجان السنوي للسوق ليس حدثا ثقافيا فحسب، وإنما مشروع حضاري إنساني مكتمل ينطلق من المملكة بهوية عربية ويسعى للعالمية ، مبينا أن ذلك المشروع رغم النجاحات التي حققها محليا وعربيا لا يزال في سن الطفولة ويحتاج للمزيد من الوقت لتحقيق جميع أهدافه المرسومة، والتي تهدف في المقام الأول لبناء الإنسان «القوي الأمين» بعلمه وثقافته. وشدد الأمير خالد في حوار خص به «عكاظ» على أهمية النقد البناء، مؤكدا على حق المثقف العربي في تقويم عطاء المهرجان الذي يحرص في كل عام على تحقيق قيمة مضافة، موضحا أن جائزة الإبداع والتميز العلمي تعد إضافة حقيقية لهذا العام، إلى جانب ندوة «ماذا نريد من الشباب وماذا يريد الشباب منا» والتي تجمع الشباب بأمير مكةالمكرمة وأربعة وزراء في حلقة نقاش مفتوح لمدة ساعتين. وقال أمير مكةالمكرمة: «إن الحركة الثقافية المحلية بحاجة إلى قوى دفع تشعل فتيل التفاعل والتسارع وتحرك الركود»، موضحا أن المهرجان سيوجه رسالة عن «يومنا الوطني وكيف نحتفل به؟»، نظرا لتزامن أنشطة سوق عكاظ مع الاحتفال بهذا اليوم الخالد في ذاكرة الوطن والمواطنين، وأشار إلى أن البرنامج الثقافي لهذا العام سيناقش الإبداع النسوي وقناع الكتابة، فقه الواقع، الثقافة الإلكترونية، الطاقة المتجددة وبدائل النفط. وإليكم نص الحوار: «كيف نحتفل بيومنا الوطني».. إحدى رسائل المهرجان هذا العام هل يرى سموكم الكريم أن سوق عكاظ «اشتد عوده» ببلوغه السنة السادسة من الإحياء والانطلاق في الحلة الجديدة، وفي أي المقاعد ترونه بين التظاهرات الثقافية السعودية والعربية؟ أهم ما يمكن أن يكون جليا هو أن سوق عكاظ ليس حدثا ثقافيا فحسب، وإنما مشروع حضاري إنساني مكتمل الأركان والعناصر، يستلهم فكرته الأساسية من ذات الدور الذي كان يؤديه السوق في أيام مجده القديمة، عبر تقديم حزمة متنوعة وثرية ومتعددة الألوان من الأنشطة والبرامج في مجالات: الثقافة، الأدب، الفكر، العلوم الحديثة، التراث والتجارة. ثم عودة إلى صلب السؤال، لأقول بمسؤولية وتفاؤل إننا نحن كفريق عمل في اللجنة الإشرافية التي تضم كلا من: صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة والآثار، معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري، معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، ننظر إلى سوق عكاظ على أنه أشبه بحلقة في سلسلة العطاء الإبداعي الذي تحاول مختلف المواسم الثقافية السعودية والعربية تقديمه للجمهور ورعايته وتشجيعه. والأكيد أيضا هنا أن التراتبية ليست هاجسا بالنسبة لنا، فرؤيتنا تذهب إلى أي فعل ثقافي فكري مهم لرفع الوعي والارتقاء بالإنسان العربي، بل إن المهم هو المحتوى وحجم الأثر الإيجابي الذي تتركه جميع هذه المواسم مجتمعة على الثقافة العربية والإنسان العربي وهي مجتمعة كحبات اللؤلؤ في السلسلة ذاتها. وفي الوقت ذاته، نؤكد على حق المتابع للشأن الثقافي العربي في تقويم عطاء كل موسم بحسب نتاجه وعطائه، وأن يضع من يراه في الصدارة ويرتب البقية كما يشاء، وهنا نأمل أن يرى هؤلاء أن موقع سوق عكاظ في الصدارة أو قريبا منها عطفا على ما يقدم من إيحاء للتراث والجانب المشرق من الذاكرة العربية. إحياء السوق عطفا على ذلك، وبرصيد السنوات الست الماضية، ما هي أبرز ملامح الاستراتيجية التي استندتم عليها في إحياء سوق عكاظ؟ لا بد من الإيضاح لرؤيتنا لسوق عكاظ، فمنذ أعوام مضت بدأنا في إمارة منطقة مكةالمكرمة إعداد خطة تنمية استراتيجية للمنطقة، فكرتها الأساس بناء الإنسان وتنمية المكان على حد سواء في خطين متوازيين، ولذلك جاء سوق عكاظ كواحدة من المبادرات العملية والعلمية المطبقة على أرض الواقع حاليا لتنمية الإنسان معرفيا وثقافيا وعلميا وفنيا وتراثيا، إلى جانب مبادرات أخرى لرعايته صحيا واجتماعيا واقتصاديا. وكفريق عمل في اللجنة الإشرافية وجميع اللجان التنفيذية الأخرى، نتطلع أن يكون سوق عكاظ جزءا لا يتجزأ من منظومة نهضوية واسعة تنتشر على امتداد البلاد العربية والإسلامية، تسهم وتؤثر جميعها في تحقيق نهضة حضارية حقيقية تنتج الإنسان (القوي الأمين)، قويا بعلمه وثقافته، وتمكنه العلمي في كل ما يعمل، مدربا بشكل جيد، ماهرا فنيا، متعافيا ولائقا بدنيا، وقادرا على أداء مهماته بإتقان، وأمينا بإتقانه وتقواه وصدقه وأمانته وتفانيه وتعاونه وإيجابيته وتفهمه وتحمله المسؤولية، وبفكره الوسطي ومبادراته ومشاركته الاجتماعية وطموحه وتفتحه الذهني. وفي الوقت ذاته وبنفس الوتيرة نعمل على جعل سوق عكاظ صورة مشرقة للنهضة الحضارية التي تعيشها المملكة في المجالات الاجتماعية والعلمية والاقتصادية، وهي نهضة تخطو خطوات ثابتة لنقل مجتمعنا السعودي إنسانا ومكانا إلى (العالم الأول)، بالتمسك بالثوابت الدينية من جهة، والانفتاح على العلوم والمعارف الجديدة من الجهة الأخرى. مرآة الثقافة برأيكم يا صاحب السمو، كيف يمكن لسوق عكاظ ذي الأعوام الستة مقارنة بعمر السوق الأصلي الذي يصل إلى قرون أن يحيي التراث، وفي الوقت ذاته يصبح مرآة لثقافتنا الحديثة والوعي المعرفي في مستقبلنا؟ هذا مثار نقاش دائم ومستمر وبشكل سنوي بين أعضاء اللجنة الإشرافية وجميع اللجان التنفيذية، وبالتأكيد، هذه واحدة من أكثر الجزئيات التي حرصنا على معالجتها في سوق عكاظ، نحن حتما لن نعيش في الماضي، بل نأخذ من الماضي أحسن ما فيه ونبني عليه ما ينفع حاضرنا ويفيد مستقبلنا. قلت سابقا: إن سوق عكاظ كان يقدم آنية اللحظة وآنية الفكر وآنية الثقافة وآنية التجارة، ونحن يجب أن نعيد هذا المفهوم ونضيف إليه أن يقدم لنا آمالنا المستقبلية. سوق عكاظ في حقيقته يركز على الإنسان من خلال تأسيس هوية ثقافية إسلامية ترتكز على ربط الماضي بأصالته الموجودة في دواخلنا النفسية وحاضرنا الذي يجب أن نطوره. قيمة مضافة تحديدا، يا صاحب السمو، كيف سيحقق ذلك هذا العام؟ يحرص سوق عكاظ سنويا على أن يحقق قيمة مضافة وأن يفتح نافذة جديدة تتيح إلقاء نظرة على المستقبل، في المجالات الثقافية والعلمية على حد سواء، فعلى سبيل المثال تم تأسيس جائزة للإبداع والتميز العلمي وسيطرح البرنامج الثقافي هذا العام في سوق عكاظ العديد من المحاور، خذ مثلا (ندوة ماذا يريد الشباب منا وماذا نريد من الشباب) وهي عبارة عن حلقة نقاش لمدة ساعتين تشهدها جامعة الطائف في اليوم الأول (24 شوال 1433ه الموافق 11 سبتمبر 2012م) قبيل حفل الافتتاح الرسمي، ويشارك فيها أمير منطقة مكة مع خمسة وزراء، هم: صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد وزير التربية والتعليم، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب، معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، ومجموعة مختارة من شباب الجامعات السعودية. وتهدف الندوة إلى تشجيع التواصل الدائم بين الشباب وصناع وأصحاب القرار لترسيخ ثقافة الحوار، واستثمار سوق عكاظ ليكون إحدى قنوات التواصل الإيجابي لتبادل الأفكار معهم وعرض تجاربهم الثقافية والعملية والعلمية. وتتناول الندوة ستة محاور، هي: (الأول): الشباب شركاء التنمية، (الثاني): الشباب والتعليم، (الثالث): الشباب والبعد الحضاري للمملكة، (الرابع): الشباب والرياضة، (الخامس) دور الشباب السعودي في مد جسور التواصل الحضاري والاجتماعي والإنساني مع شعوب العالم من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، و(السادس): الإعلام وقضايا الشباب. ويركز المحور الأول الذي يتحدث فيه أمير منطقة مكة عن دور الشباب في المشروع التنموي في المملكة وكيف تحقيق ذلك، فضلا عن تحفيز الشباب لتعظيم الإيجابيات لمشاريع التنمية. كما يناقش المحور مقومات الوحدة الوطنية وسبل تعزيز الانتماء الوطني والعوامل التي تؤدي إلى إضعافه، نظرا لتزامن الندوة مع الاحتفال باليوم الوطني، ليتم توجيه رسالة مفادها «عن يومنا الوطني وكيف نحتفل به». أما المحور الثاني فيتناول فيه وزير التربية والتعليم خطط وجهود وزارة التربية والتعليم لتطوير التعليم في المملكة، ومعالجة المعوقات التي يواجهها الشباب في مختلف مراحل التعليم ومؤسساته، في حين يستعرض رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في المحور الثالث دور الهيئة في تعريف الشباب بإمكاناتهم وإمكانات وطنهم ومكتسباته، لمحاولة تقريب المواطن من وطنه، وإطلاعه على تاريخ وحدته الوطنية. كما يتناول المحور التحديات التي تواجه سياحة الشباب وسبل معالجتها. وفيما يستعرض الرئيس العام لرعاية الشباب في المحور الرابع دور الرئاسة في احتضان مواهب الشباب وتأهيلهم للمنافسة في الميادين الدولية، يتحدث في المحور الخامس وزير التعليم العالي عن دور الشباب السعوديين الملتحقين ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في مد جسور التواصل الحضاري والاجتماعي والإنساني مع شعوب العالم، فضلا عن دور المبتعثين في ترسيخ رؤية الملك عبدالله في التواصل الفكري وتقارب الشعوب. وفي المحور السادس يسلط وزير الثقافة والإعلام على صورة الشباب السعوديين في الإعلام من حيث الحيز العام الذي تخصصه وسائل الإعلام لقضايا الشباب وتلبية مطالبهم وطموحاتهم، كما يندرج فيه أثر ظهور المنابر الإعلامية الجديدة مثل قنوات التواصل الاجتماعي، على وجود فجوة بين وسائل الإعلام والشباب. عناصر ثرية تحدث سموكم الكريم عن (ندوة الشباب) كونها تتصدر البرنامج الثقافي، فما مصير باقي البرنامج، وكيف تقيمونه هذا العام؟ سيواصل سوق عكاظ في هذا العام نجاحاته السابقة في جميع برامجه ونشاطاته، خصوصا البرنامج الثقافي الذي يضم عناصر عدة فكرية وأدبية وثقافية وعلمية وتراثية تعبر عن رؤية سوق عكاظ وأهدافه، والمتمثلة في مد جسور بين الماضي والحاضر والمستقبل، مدعوما بتكاتف ودعم وجهود وزارات وجهات حكومية عدة من أجل إنجاح سوق عكاظ عبر إشرافها على أعمال التنظيم وإعداد أنشطته وبرامجه المتنوعة. ويندرج في البرنامج الثقافي لسوق عكاظ في نسخته السادسة 10 محاضرات وأمسيات شعرية على مدى خمسة أيام بمشاركة نخبة من المثقفين والأدباء والمفكرين والشعراء السعوديين والعرب، ومن بين الندوات: رؤية نقدية لشعر عنترة بن شداد، الثقافة الإلكترونية، الإبداع النسوي وقناع الكتابة، فقه الواقع، الطاقة المتجددة وبدائل النفط، فضلا عن ثلاث أمسيات شعرية تستضيف 11 شاعرا وشاعرة من بينهم شاعر سوق عكاظ، ومحاضرتين لتجارب الكتاب تستضيف أربعة كتاب، ومسرحية عنترة بن شداد التي سيتم عرضها في حفل الافتتاح وطوال أيام السوق. حاضنة الإبداع زمن مضى، والمثقفون السعوديون كانوا يحلمون بإحياء السوق، ومضت الأيام بين البحث عن الموقع وتشتت العمل الثقافي، اليوم وهو واقع حقيقي ماذا يمثل لكم السوق أميرا ومثقفا ومسؤولا؟ سأبدأ بالمثقف فهو يمثل لي ما يمثله لجميع المثقفين العرب من رمزية لحالة ثقافية وإنسانية أصيلة، حفظ التاريخ مكانتها، وإن غيبها الزمن طويلا. جميعنا ربما شعرنا قبل عودة سوق عكاظ قبل ست سنوات بحاجتنا، كعرب وكسعوديين أيضا إلى حاضنة حقيقية للإبداع الإنساني في مجالاته المختلفة أدبيا وفنيا وعلميا واجتماعيا، وفي غيرها من مجالات الإبداع. ولذلك كانت فكرة إحياء السوق وليس السوق في ذاته وهو المشروع الذي تبنيناه في إمارة منطقة مكةالمكرمة وهنا أتحدث كمسؤول وأمير للمنطقة التي تحتضن السوق ليملأ جزءا من الفراغ الذي يعانيه المثقف السعودي والعربي لاحتضان إبداعه وتكريمه، وقبل ذلك وبعده جمع المثقفين في خيمة واحدة هي خيمة عكاظ للتعارف والتحاور وتبادل المعارف وتنميتها، مع الأخذ في الاعتبار تحمل الأمانة والمسؤولية وتأديتهما بحزم وصدق مع الجيل الحاضر وتجاه المستقبل. تفاعل وتسارع في ظل تزايد الأنشطة الثقافية السعودية، وسيركم في نهج مستقل ألا تخشون أن يتحول السوق لمجرد إعادة إنتاج تقديم في زي جديد؟ ربما يوجد اختلاف في تشخيص الواقع الثقافي السعودي، ولكن الحركة الثقافية المحلية بحاجة إلى قوى دفع تشعل فتيل التفاعل والتسارع والتحرك من ركودها، وبالطبع فإن سوق عكاظ يسعى لأن يكون إحدى قوى الدفع هذه، عبر جوائزه وعبر استقطابه الأسماء الثقافية الفاعلة محليا وعربيا للمشاركة، وإتاحته الفرصة للمثقفين السعوديين والعرب للاجتماع والتواصل. وكبشر وكحال أي نشاط إنساني، إننا مهما فعلنا لا نستطيع التدخل في المشهد الثقافي بإعادة قولبة عقل الفرد أو المجتمع وإخراج نتاجه الثقافي والأدبي في قوالب جديدة جوهرا ومظهرا قسرا، لكن هذا العقل حتما يتأثر بما يتعرض له من الخارج، وبتحريضه الدائم والمستمر على التجديد في العطاء وإبداع الجديد. ولعل سوق عكاظ ينجح في أن يكون أحد المؤثرين والمحرضين على التجديد الذي يثري إنسان المملكة من جهة والإنسان العربي من الجهة الأخرى. منتج سياحي في حواراتكم وتصريحاتكم السابقة .. تحدثتم سموكم الكريم عن تصوركم للسوق كمنظومة متكاملة ذات زوايا اقتصادية، تنموية تقدم منتجا يغذي السوق ويسهم في تطويره .. ما هو الوضع على الأرض اليوم؟ الاستثمار في سوق عكاظ ليس رأس الحربة، ونحن لا نراهن على استثمار سوق عكاظ لتحقيق عوائد مالية للسوق فحسب، هذا هدف ثانوي في قائمة أهدافنا وطموحاتنا، بل نسعى جاهدين للاستثمار في بناء الإنسان وتنميته، وأن نمكنه من الاستفادة من السوق اقتصاديا، إلى جانب استفادته ثقافيا ومعرفيا واجتماعيا. ولذلك يركز سوق عكاظ على تحقيق عوائد اقتصادية مجزية للمجتمع المحلي من خلال المبادرات والأفكار الجديد، سواء في القرى المحيطة بموقع السوق أو في عموم محافظة الطائف، من خلال دعم قطاع السياحة في محافظة الطائف، وتوفير فرص العمل للشباب، ومساعدة الحرفيين والأسر المنتجة والمزارعين على تسويق أعمالهم ومنتجاتهم على الزوار. شاعر عكاظ عادت جائزة شاعر عكاظ هذا العام بفوز الشاعرة روضة الحاج عثمان علي، بعد حجبها العام الماضي، ما يعني أنه يمكننا القول إن «شاعر عكاظ» أصبحت جائزة الحلم، ويأتي ذلك في ظل وجود أصوات تتعالى بين حين وآخر بأن التعريف بالجائزة لم يكن كافيا؟ حجبت الجائزة في العام الماضي ولكن الشعر لم يحجب، وكان لذلك ظروف سبق أن تحدثنا عنها، وهي أن الأعمال لم ترق إلى مستوى الجائزة حينها. في هذا العام أحدثنا تغييرا في معيار الفوز بجائزة شاعر سوق عكاظ، وتغييرا في معيار اختيار الفائز بها، بناء على معياريين أساسيين هما بالتساوي وبنسبة 50 في المائة، وهما: أولا: إنتاج قصيدة شعرية حديثة خاصة بسوق عكاظ دون تحديد لموضوعها شريطة عدم إخلالها بالشروط الأساسية، والثاني: مراعاة الإنتاج الشعري للشاعر المتقدم للترشيح. الأكيد أن تجربة حجب الجائزة في العام الماضي قد أعطتنا مؤشرات هامة في مقدمها، أن الشاعر العربي لا يسعى بنفسه إلى المنافسة على الجوائز ويبحث عنها، وإنما ينتظر قدرا غيبيا يأتيه بها، ويتطلع لأن تبحث المؤسسات والجهات المانحة للجوائز عنه وتطلع على إنتاجه، لا أن يقدم نفسه إليها ويعرض إنتاجه. وهذا الأمر عالجناه حيث بادرت لجنة جوائز السوق إلى مراعاة هذه الخصوصية وتم الاتصال والتنسيق مع جميع الأندية الأدبية كافة العاملة في السعودية ووزارات الثقافة والمؤسسات الثقافية العربية لتقديم ترشيحات للفوز بالجائزة، كما تم وضع ملف كامل عن جوائز عكاظ على الموقع الإلكتروني الرسمي للسوق يوضح آلية الترشيح وشروطه ومواعيده. وكان من نتيجة ذلك تقدم 51 شاعرا لنيل جائزة شاعر سوق عكاظ وشاعر شباب عكاظ من ثماني دول عربية، فبالإضافة إلى السعودية تقدم شعراء من المغرب، سورية، تونس، الأردن، اليمن، عمان، السودان، وموريتانيا. وللمعلومية فإن لجنة جوائز سوق عكاظ تشرف عليها اللجنة الثقافية برئاسة معالي مدير جامعة الطائف بالتعاون مع كل من وزارة التربية والتعليم، والهيئة العامة للسياحة والآثار، ووزارة التعليم العالي، ومحافظة الطائف، كما تضم اللجنة، وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية، وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية، نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار لشؤون الآثار، ممثل لوزارة التعليم العالي، أمين سوق عكاظ، وأربعة أشخاص من المهتمين بالثقافة. تواجد المرأة ربما بعد السنوات الست الماضية، لا تزال المرأة تكرر نفس السؤال، ماهي المساحة التي يرسمها لها السوق، شعرا ونثرا وفنا، وتنظيما ومشاركة وحضورا؟ على رغم أن المرأة كانت وما زالت موجودة في سوق عكاظ منذ عامه الأول، إبداعا ومشاركة وحضورا، ولم تغب عنه أو تغيب إطلاقا، وربما تكون مصادفة فوز الشاعرة السودانية روضة الحاج هذا العام، قد جاءت لتؤكد أن السوق بكل مكوناته لم يغيب المرأة. سبق أن قلت وأكرر اليوم إيماني المطلق بأن (الإبداع لا جنس له)، وهذا هو منطلقنا في مشاركة المرأة في أنشطة سوق عكاظ وبرامجه إلى جانب الرجل، فالبرنامج الثقافي للسوق، يتضمن عددا كبيرا من الأسماء النسائية المشاركة أو المدعوة للحضور. كما أن المرأة حاضرة بقوة في جادة عكاظ، من خلال عروض الحرفيين والأسر المنتجة. وبالطبع، فإن أبواب سوق عكاظ مفتوحة لجميع الزوار الراغبين في حضور أنشطته وبرامجه، بلا أي تمييز بين الرجال والنساء، فالهدف من السوق تنمية المجتمع بأكمله، وليس جنسا أو جماعة من الناس دون الآخرين. تطور ومستقبل تحتفي وسائل الإعلام المحلية والعربية سنويا بنجاحات سوق عكاظ، لكن المثقفين يطالبونه بالكثير والكثير، وكأن وتيرة التطور تسير بطيئة؟ أرجو أن لا تتوقعوا من سوق عكاظ أن يصل إلى مستوى توقعاتكم في أعوام قليلة، سوق عكاظ لا يزال اليوم في سن الطفولة، عمره فقط ست سنوات، لكنه مقبل على مراحل تطور ونمو واعدة بفضل تجاربه وخبراته التي راكمها عاما بعد آخر، وتكاتف الوزارات والهيئات الداعمة المشاركة في تنظيم أنشطة السوق وبرامجه. داخليا وخارجيا قبل فترة حضرت ندوات ومحاضرات في صوالين القاهرة الأدبية ومقاهي بيروت وكان الحديث فيها عن سوق عكاظ أشبه باحتفالية كبرى، لكن داخليا وفي مقابل تلك الاحتفالية، لم ألمس ذلك، فهل يعني أن السوق لا زال بحاجة إلى توطيد التواصل مع المثقفين السعوديين؟ مشاركة المثقف العربي حيوية ومهمة، وتزيد من حضور السوق وانتشاره عربيا، وتعزز قيمته ومكانته، كما تجسد تطلعه إلى تسجيل حضوره كمشروع حضاري سعودي المنطلق عربي الهوية. وفي الوقت نفسه، سوق عكاظ حريص جدا على أن يعطي المساحة الأكبر في المشاركة والحضور للمثقف السعودي، وهو دائم الحضور والمشاركة في السوق عاما بعد آخر، وهذا ما تثبته قوائم أسماء المشاركين في الندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية والثقافية، وفي غيرها من الأنشطة. الوجهة المقبلة إلى أين ترفعون أشرعة السوق .. وما هي وجهة سفينته التي تقودونها يا سمو الأمير؟ بجد ومسؤولية وباستشعار المستقبل الذي سوف يسأل فيه الأجيال عن تاريخهم، نعمل في سوق عكاظ عاما بعد آخر وأعيننا على الانتشار إلى العالمية، بعد أن أسسنا قاعدة من النجاح والتميز على النطاق المحلي أولا، والعربي ثانيا. ونعلم أننا لا نملك عصا سحرية، ولن يتحقق الانتشار في العام أو العامين المقبلين، ولن يتحقق من دون مشاركة حقيقية وفاعلة من المثقف السعودي ومتابعة دقيقة من الإعلام المحلي، هذا ما يجب أن يدركه الجميع. خلال الأعوام الماضية، نفذنا مشاريع للبنية التحتية، وهذا العام سيتم افتتاح خيمة سوق عكاظ لتكون مقرا لجميع النشاطات والبرامج. وبهذه المناسبة أود تقديم الشكر لمجموعة بن لادن السعودية التي مولت تنفيذ هذا المشروع، كما أوجه الشكر لكل الداعمين لسوق عكاظ، الذين يرونه مشروعا ثقافيا طموحا. تجربة الانفتاح كان البعض يتوقع أن ينفتح سوق عكاظ على التجارب الثقافية للشعوب الأخرى، كأن يستضيف مثلا تجربة الشعر اللاتيني أو القصة اليابانية، فهل هذه المشاريع موجودة؟ إن الانفتاح على تجارب الشعوب الأخرى ضرورة ملحة، انطلاقا من إيماننا بأن الثقافة والأدب والفكر والعلوم مشتركات إنسانية، وهي خلاصة تجارب الشعوب وحصيلة تطورها، والاطلاع عليها يفيد ولا شك في تنمية الإنسان وزيادة معارفه. مجتمعنا السعودي أحد المجتمعات الوارثة للحضارة الإسلامية، هذه الحضارة ما وصلت إلى الازدهار المعروف عنها إلا بانفتاحها على بقية حضارات العالم السابقة والمعاصرة لها، لم ينغلق المسلمون الأوائل، وعلينا نحن ألا ننغلق. ولذلك، لا سبيل لنا إلا بأن ننفتح على الشعوب الأخرى ثقافيا وعلميا وفكريا، ونتعامل معها بإيجابية، فننقل منها ما يفيدنا ونزيد عليه ونطوره، لنبني حضارة إسلامية جديدة عمادها إنسان قوي أمين.