كم يبعث على التفاؤل أن نرى منجزات سعودية ثقافية رفيعة المستوى، تتبرعم معلنة عن مستقبل ثقافي واعد في بلدنا، رغم العقبات التي قد تعترض كل خطوة جديدة في هذا المشهد، ومن أجمل التجارب الثقافية المقروءة التي صادفها بصري مؤخرا، أثناء تجولي بين رفوف إحدى المكتبات المحلية، كتيب بعنوان «ثقافة الثقافة» لمؤلفه عمر بن سليمان العريفي. هذا الإصدار الصغير الذي لم يتجاوز 75 صفحة يحترم عقلية القارئ بمعلوماته التي تم جمعها، وشرحها، وتبسيطها، ثم عرضها بأسلوب يجعلها يسيرة الهضم والفهم للجميع، آخذا بعقل القارئ في رحلة تساؤلات تدريجية تصل من المقدمات إلى النتائج، محققا معادلة معقدة لطالما فشل مفكرون ومؤلفون في تحقيقها؛ وهي تقديم مادة ثقافية صعبة بأسلوب سهل. حاول الكتاب الإجابة عن مجموعة من التساؤلات المتعلقة بالثقافة والمثقف، مثل: ما هي الثقافة؟ هل الثقافة عادات وتقاليد؟ هل هي آداب وفنون؟ هل هي معلومات ومعارف أم أسلوب تفكير؟ من هو المثقف الحقيقي؟ هل هناك ثقافة وهمية ومثقفون وهميون؟ هل هناك ثقافة كاملة؟ كيف يمكن تعلم الثقافة؟ وما هو أثر الثقافة؟ قد يكون من الصعب تلخيص كافة النتائج التي يقدمها الكتاب في هذه الزاوية الصغيرة، لكن من أكثر النتائج لفتا للاهتمام وصوله إلى أن الثقافة الحقيقية ليست في حفظ المعلومات عن ظهر قلب، أو الاشتغال بالآداب والفنون فقط، بل هي «أسلوب التفكير الراقي»، وبهذا يكون المثقف هو: «الإنسان الراقي فكريا، الذي يحاور بموضوعية، ويختلف برقي، ويحترم الآخرين ويقدر إنسانيتهم، وينظر إلى الأمور بنظرات عميقة وزوايا مختلفة، ويرفض الانسياق وراء أنصاف الحقائق والأفكار الشائعة، ولا يقبل الآراء إلا بعد تفكير وتأمل، ولا يرفضها إلا بعد تدقيق وتمحيص». Twitter @zainabahrani [email protected]