(تتمة) ابن باز - قلت: إنّ الشيخ محمد بن عثيمين لا يملك أي مهارة وخبرة سياسية مثل الشيخ أبن باز.. هل تعني أن الشيخ ابن باز كان رجل جمع ما بين ثوبيّ الدّين من جهة والسياسي من جهة آخر؟ - كان الشيخ عبد العزيز بن باز الأقرب خلال أكثر من نصف قرن للمجال الرسمي، منذ توليه القضاء, وقربه من أجيال ورموز دينية ورسمية مما أكسبه خبرة طويلة في هذا المجال. - ذكرت أن الشيخ عايض القرني: "إن تعرضه للإيقاف عن الخطابة وإلقاء المحاضرات مبكرًا أدى لعزلته".. ماذا تقصد بالعزلة؟ وهل تعتقد أن ذلك العزل أثر في عطائه الوعظي أو الدعوي؟ وماذا تقول لو لم تصبه تلك العزلة؟ - أدى إلى عزلته عن الجمهور مؤقتا، حيث فقد التواصل الجماهيري في الخطب والمحاضرات قبل أن يعود بعد سنوات للوعظ والتوجيه، وقد تأثر دوره مؤقتا وجماهيريته قبل أن يعود بصورة أكثر تنظيما ومنهجية تتناسب مع مهارات الخاصة في التأليف والبرامج الفضائية. - وقلت إن ناصر العمر لم يكن بمستوى (الحوالي) العلمي في المذاهب والعقائد ولا بمهارة (العودة) في تفاعله مع الأحداث، ولا وعظية( القرني ).. إذا لم يكن هذا وذاك فمن يكون.. بعيدا عما ذكرته في كتابك؟ هو كما أشرت له في البروفايل، فلكل شيخ ميزاته وطريقته في التأثير والتوجيه، وقد تميزت محاضراته ودروسه بالتنظيم والترتيب في تلك المرحلة، وهو حالة متوسطة بين هذه الصفات المشار إليها. توهم البعض - يقول أحدهم: يبدو أن الكاتب -قاصدا إياك- له إلمام واسع وحقيقي بالحركة الصحوية؛ ولكنّه بعيد كلياً عن الواقع الثقافي الذي حاول سبر غوره من خلال مظاهره الشكلية. هل تعتقد أن هذا الحكم ينسحب عليك، ويؤخذ على كتابك؟ - يتوهم البعض أني غارق في معايشة تيار على آخر مبكرا أو يريد أن يوهم الآخرين بذلك وهي أمنية لديهم ليست حقيقية لو كان لديهم معرفة سابقة بي، فخبرتي في خطاب التيارات المحلية إسلامية وتحديثية متقاربة جدا ولم أتعرض لعزلة من أي نوع في أي مرحلة في زمن الجزر المعزولة حيث لا يدري الإسلامي ولا المثقف التحديثي ماذا يحدث في من تطورات لدى الآخر إلا في لحظة الصدام، وإذا كان البعض يرى أني في العقل الديني أسهبت ودخلت في تفاصيل تبدو حميمية فالواقع أنها قصة مجتمعي وتحولاته مع الخطاب الديني الذي نقل المجتمع من وعي سابق إلى وعي آخر فأصبح الجميع يفرق بين وعي ما قبل الصحوة وما بعدها. وإهتمامي الثقافي والسياسي قديم ومتابعة تفاصيله قبل ظهور الصحوة في مجتمعنا وبعدها، وما قدمته من أراء نقدية في العقل الثقافي فرضته طبيعة الخطاب الثقافي ودور المثقف المتعثر في أكثر من مرحلة.. حدثت الصدمة والارتباك عند البعض وهو يرى بعض التفاصيل مدونة أمام الجيل الجديد! وحول الرسالة المباشرة لهذا الكتاب قال الأستاذ عبدالعزيز الخضر: الكتاب محاولة لتقديم طريقة مختلفة في تناول الشأن المحلي وفق ما تتطلبه الحالة السعودية، وتوظيف مجموعة من الآليات البحثية والأساليب الصحفية في تشخيص المشهد المحلي وتطوراته، من خلال وصف تاريخي لنمو الأفكار والأحداث والتغيرات الاجتماعية والسياسية والدينية، لتساعد المهتمين من مثقفين ومسؤولين، وحتى القارئ من الخارج، لتصور الحالة السعودية بقدر من الموضوعية بعيدا عن الصراعات والمصالح الانتقائية المؤقتة، وهو يجمع بين المعلومة والرأي، ولهذا كان العنوان الفرعي" قراءة في ثلث قرن .. " وليست مجرد سرد تقليدي. والرأي هنا ليس إنطباعي بقدر ما انه تشكل تراكمي من خلال الخبرة في الموضوعات التي تناولها الكتاب. والكتاب يصعب اختزال الرسالة التي يريد أن يقولها المؤلف في هذه المساحة، ولم أكن أرغب في تلخيصها بصورة معزولة لأن كل فكرة جاءت في سياق أحداث وتطورات عرضت بين السطور في كل فصل، ومن غير المناسب إخراجها من السياق، وبعض ما أريد أن يصل إلى القارئ: - أن نواجه محاولات اختزال قضايانا بأفكار نمطية تحت تأثير أجندة محددة وصراعات مؤقتة.. دون وعي تاريخي بتطوراتنا، وأن المشكلة دائما في التفاصيل وليس في الشعارات العامة عند كل اتجاه، ولهذا حدثت الصدمة والإرتباك عند البعض وهو يرى بعض التفاصيل مدونة أمام القارئ والجيل الجديد الذي سيعيد قراءة الماضي بصورة أخرى.. - وأن الأرشفة التقليدية دون وعي لا تكفي فليست المسألة تجميع عشوائي لمعلومات تاريخية دون رؤية محددة ورسالة فكرية، وهنا تبدو الخبرة عامل أساس في تناول مثل هذه القضايا. - أن التحديات التي يواجهها مجتمعنا كبيرة نحو العصرنة والتحديث، وأن القضية ليست هي إلقاء اللوم على تيار محدد أو أفراد، وأن القضية تحتاج منا أستحضار دور مختلف الجهات والتيارات والشخصيات دون تهم وشتائم، وإنما من خلال قراءة تجربة كل اتجاه وظروفه التاريخية لتطوير وعينا الحالي، ولهذا تم عرض مبررات وحجج كل إتجاه في الدفاع عن نفسه، ومناقشتها بالكامل، وقد استغرب البعض من هذا الطريقة، وكأنه جهد لتبرير أخطاء الآخرين، والواقع أنه ضرورة لمساعدة الأجيال الجديدة، وتسليحهم بمختلف الحجج التي تطرح، وليس من أجل تلميع اتجاه ضد آخر. - يريد الكتاب أن يشير إلى خطأ معالجة قضايانا بفصل مجال دون آخر، فمشكلات المجتمع تفصل عن أزمة الثقافة أو الإشكاليات الدينية والسياسية والتنموية، ولهذا كانت الفكرة الأساسية في هذا العمل هو دمج مختلف المؤثرات الرئيسية في المجتمع والدولة تحت غلاف واحد. - وكان الكتاب محاولة لتقديم نموذج لقراءة مختلفة عن السائد، تحاول الجمع بين قد من الشفافية والمصارحة بحقيقة بعض مشكلاتنا، مع احترام مختلف الأطراف، ودون هجوم شتائمي أو البحث عن فضائح، ويبدو أن البعض ارتبك من هذه الإسلوب، في تقييم الكتاب وتحديد موقفه منه. - وأن نطور رؤيتنا للأزمات بأن لا يتم عزلها عن إطارها الحقيقي وسياقها الزمني، فالبعض خلال المعارك والشتائم المتبادلة بين التيارات، أخذ يتلاعب بالحقائق التاريخية وتوظيفها في تكتيك مؤقت، ولهذا كان تناول بعض القضايا مربكا لتيارات متنوعة لأنه كشف طريقة التلاعب بالتطورات الاجتماعية ووصفها بطريقة غير دقيقة. في سطور: "السعودية.. سيرة دولة ومجتمع" ولكي تكتمل الصورة نقوم بعرض مقتضب لأبرز محتويات كتاب "السعودية.. سيرة دولة ومجتمع.. قراءة في تجربة ثلث قرن من التحولات الفكرية والاجتماعية والتنموية.. ". يقع الكتاب يقع في 863 صفحة من القطع الكبير، رصد من خلالها أبرز التحولات الفكرية والسياسية والتنموية في ثلث قرن، كمحاولة جادة للإجابة عن ثلاثة أسئلة جوهرية، هي: (ما الذي حدث؟ وكيف؟ ولماذا؟)، على مستويين أساسيين، هما الدولة والمجتمع. وجاءت تلك القراءات التي رصدها المؤلف في ثمانية فصول فضلا عن المقدمة ومدخل. تحمل العناوين التالية:"خصائص التكوين"، و"العقل الديني"، و"عقل الصراعات"، و"العقل الثقافي"، و"عقل التنوير"، و"العقل الإعلامي"، و"عقل التنمية"، و"عقل المعارضة". وقد ضم الفصل الأول حديثا عن "خصائص التكوين" كالتكوين السياسي والاجتماعي، والمجتمع السعودي صناعة حكومية، ومصادر التأثير غير الحكومية، والضبط الاجتماعي. فيما ناقش الفصل الثاني "العقل الديني" كالتحول من الوهابية المنبوذة إلى الوهابية المرغوبة، ومراحل الوعي الديني، وخطاب الفقيه، ومسار التعليم الديني، وغزو العراق وأحداث مايو، والخطاب الديني والحوار الوطني، ومحتويات الفكر الديني الجديد، ومجتمع الفتوى. أما فصل الثالث فكان عن "عقل الصراعات" ومن أبرز موضوعاته: السياسي وإدارة الصراع، وسيرة المرأة السعودية، والمرأة والنفط، والصحوة والمرأة، والنقاب الجديد، وتعليم البنات..الرواية من طرف واحد، ومعركة الدمج.. من دُمج بمن؟، والاختلاط وغيرها من الموضوعات.. أما فصل الرابع فتناول "العقل الثقافي" ولعل أبرز موضوعاته: الجنادرية.. "مواسم لإنعاش الثقافة"، وبين عالم الأدب وعالم الفكر، والمثقف والسلطة، وتشكل المثقف السعودي، وعوامل ضعف المثقف، والمثقف والمعارضة، و المثقف بين مرحلتين، وقابلية التزييف.. وما شابه ذلك.. بينما ناقش الفصل الخامس "عقل التنوير" فقد تمحور حول التنوير المحلي، والدولة والتنوير، ومحاولات التنوير، والظاهرة التنويرية ما قبل سبتمبر وبعده، والصحوة والتنوير، ومبررات ارتباك الصدمة الأولى، وخطاب التنوير في "الوطن"، واتجاهات التنوير، وماذا قدم التنوير؟، والشيخ والتنوير. وناقش الفصل السادس "العقل الإعلامي" ومن أبرز موضوعاته: في مدارسنا الإعلامية، وصحافتنا والمهنية، وصحافتنا والمصداقية، وصحافتنا الرسمية، ولماذا لم توجد صحافة مستقلة؟، وصحافتنا والرقابة الدينية، وغير ذلك. إلى جانب ما رصده حول شخصيات مؤثرة في الوسط الإعلامي، ك"بروفايلات" لرؤساء تحرير ، كتركي السديري، وخالد المالك.. وهاشم عبده هاشم، وعثمان العمير، ومحمد التونسي وداود الشريان، جمال خاشقجي. كما عرض الفصل السابع "عقل التنمية" لموضوعات عديدة، أبرزها: المجتمع الهيدروكربوني، والنخب الاقتصادية وخطابها الغائب، وفي تقييم أداء التنمية، والدولة والتنمية، والبرجوازية السعودية والتنمية. وعقل الفساد، والفساد والتفكير الشعبي، والصحافة والفساد، وحكايات الفساد وسوق الأسهم. بينما جاء الفصل الثامن والأخير حول "عقل المعارضة"، طرح فيه موضوعات متنوعة كالدولة والمعارضة، والمثقف الديني والمعارضة، والمثقف العصري والمعارضة، والسياسي والخطاب النقدي، وهل المعارضة ضرورة؟، وبين القوى التقليدية والمعارضة.. وغيرها.