من هو المثقف؟ كيف يصير الإنسان مثقفا؟ ومتى يمكننا أن نعتبر شخصا ما مثقفا؟ هذه التساؤلات وغيرها أمست اليوم بحاجة لإعادة تفكير، وبحث، وتأمل عميق للوصول إلى إجابات جديدة قادرة على إضاءة المنطقة المبهمة في مفهوم الثقافة والمثقف خلال فترة المعمعة الثقافية المعاصرة، لا سيما مع أزمة الثقافة الجديدة الكامنة في انبثاق أعداد هائلة من أعشار المثقفين، وأشباه المتثاقفين، ومدعي الثقافة من الواهمين الذين «يخوضون مع الخائضين»، عبر المواقع الإلكترونية وقنوات الإعلام الجديد ببضع كلمات لا تعدو كونها «رمية بغير رام»، فيحتسبون على الثقافة، بينما يسيء وجودهم إلى مفهوم الثقافة الإنسانية التي ترتقي بروح الإنسان، وذوقه، وأفكاره، وسلوكه درجات ترفعه عن الانزلاق وراء ضجيج سوء التهذيب، والتعصب الفكري، والتحريض على الفتنة، والانجراف مع تيار عامة بسطاء الفكر ممن يؤثرون سلبا في نهضة المجتمع، ويستريحون لتكريس مظاهر التخلف بجميع أشكالها، ويساهمون في جر الفكر الجمعي وإرجاعه إلى الوراء. نحن بحاجة إلى التأكيد على ضرورة بناء المثقف روحيا وأخلاقيا لنصل إلى المثقف العربي الأصيل، الذي ترتقي كلمته بفكر المجتمع وسلوكه، المثقف الذي أشار إليه الكاتب السعودي عمر العريفي في كتابه «ثقافة الثقافة» بأنه: «المثقف الذي يفكر بأسلوب راق، ويفهم بصورة عميقة، المثقف الذي يحاور بتجرد، ويناقش بموضوعية، المثقف الذي لا ينساق وراء السائد، ولا ينجرف مع الإشاعات، المثقف الذي تتمثل ثقافته في أسلوب تفكيره الراقي، وفهمه للأمور، لا فيما يحمل من معلومات أو يؤلف من روايات»، فالثقافة الحقيقية فكر عميق، وسلوك، وذوق، وأخلاق، قبل أن تكون محاولة رخيصة للشهرة على حساب المبادئ، وأولويات الدين، والوطن، والمشاعر الإنسانية النبيلة. Twitter @zainabahrani [email protected]