تدور الآن في سورية معارك عنيفة على الأرض بين الجيش السوري الحر والجيش النظامي، ومع اتساع رقعة المواجهات لتشمل جميع المناطق السورية التي تستخدم فيها قوات النظام كافة أنواع الأسلحة الثقيلة، المدفعية والصاروخية والسلاح الجوي من أجل استعادة السيطرة على المدن، إلا أن معركة (حلب) بحسب المراقبين هي التي ستحدد مصير هذا الصراع، فإن سقطت بيد الجيش الحر هذا يعني أنه اجتاز الامتحان الأصعب وأن النظام فقد السيطرة كليا على الأرض. شهدت الأسابيع الأخيرة في سورية تصاعدا لم يسبق له مثيل في وتيرة العمليات العسكرية، حيث تواجه القوات النظامية مقاومة شرسة من قبل الجيش الحر الذي كبده خسائر كبيرة في المدرعات والمدفعية وناقلات الجنود حتى إنه تمكن من إسقاط عدد من الطائرات الحربية، الأمر الذي يؤشر إلى توفر (الأسلحة النوعية) لدى الجيش الحر، ويجعل مهمة الجيش النظامي في مدينة حلب أصعب من تلك المهمة التي واجهها في العاصمة دمشق، فإسقاط طائراته الحربية بصورة متكررة لها دلالات كبيرة بأن النظام فقد السيطرة على الأرض وأنه يعاني أزمة. كذلك، فإن المعارك التي تدور منذ أيام في (حلب) ولا زالت تؤشر أن هذه المعركة ستحدد مصير هذا الصراع. فيما العوامل التي تجعل مستقبل سورية مرتبطا بنتائج تلك المعركة المصيرية كثيرة لعدة اعتبارات أبرزها أن حلب هي المدينة الثانية بعد العاصمة دمشق، فإذا نجح الجيش الحر بالسيطرة عليها يمكن اعتبار الجيش النظامي عاجزا نسبة للعوامل التالية: - تزايد الخسائر في صفوف النظام (أكثر من عشرة آلاف قتيل) واحتدام المعارك في دمشق وحلب، واضطراره لسحب قواته من الجولان ومن الحدود مع العراق مما يؤكد قرب نهايته. - ثبات الجيش الحر في أكثر من منطقة أطال أمد المواجهات الأمر الذي أدى إلى استنزاف النظام بعمليات نوعية. - تفكك الدوائر الأمنية والسياسية المقربة من الأسد وتزايد وتيرة الانشقاقات. - سيطرة الجيش الحر على المعابر الحدودية مع العراق وتركيا مما ساعد على إدخال المساعدات إلى الثوار. هذا إلى جانب حالة الاستنفار والتأهب التي أعلنتها جيوش كل من إسرائيل والأردن وتركيا والولايات المتحدة تحسبا لأي عمليات قد تطرأ نتيجة لتدهور الأوضاع في سورية، مما يؤكد أن الدائرة الأمنية المحيطة ببشار قد أصبحت مخترقة بالكامل. في السياق نفسه، فإن تصاعد وتيرة المعارك فضحت أيضا تستر المجتمع الدولي وراء الفيتو الروسي الصيني، وأنه لم يكن جادا في مساعدة السوريين على تجاوز محنتهم التي تتجلى بالدرجة الأولى في رحيل نظام الأسد عن السلطة، وطالما بقي الأسد ممسكا بالقوة العسكرية ويستخدمها دون أي رادع فإن العمليات العسكرية مستمرة رغم التدهور الذي يعاني منه الجيش النظامي إلا أنه ما زال يحظى بالغطاء الإسرائيلي والروسي من أجل تدمير سورية. اليوم يمكننا اعتبار أن الجيش النظامي وعلى رأسه بشار الأسد يكابرون، والقول إنهم لن يسلموا سورية إلا حجرا على الأرض يؤكد فقدانهم زمام الأمور، وعلى الجميع الانتقال إلى المرحلة الثانية أي أنه بات لزاما على المجتمع الدولي المتلطي خلف (الحوار) ومهمات المبعوثين الدوليين أن يستعد لحماية المدنيين السوريين من بطش النظام الذي سيرتكب أبشع المجازر وأسوءها بحق البشر والحجر، كذلك على المجتمع الدولي بدلا من إرسال المراقبين والمبعوثين الدوليين أن يسارع إلى تحويل الأسد ونظامه إلى المحاكم الدولية، لأنهم تجاوزوا المجازر التي تحصل في أدغال أفريقيا.