لم تمح الذاكرة بعد ما حصل في سربرينتشا في البوسنة التي ارتكب الصرب مجزرة مروعة أجهزوا على المسلمين قتلاً وذبحاً تحت نظر القوات الدولية، اليوم يلوح في الأفق السوري ملامح مجزرة ما شبه إن لم تكن أكثر فظاعة، إذ يحشد جيش بشار الأسد قواته وعناصره لاقتحام محافظة حلب، المدينة والريف معاً بعد أن كاد الجيش الحر يكمل سيطرته على هذه المحافظة التي تشكل العمق الاقتصادي لسورية، قوات بشار الأسد التي أعادت سيطرتها على بعض الأحياء الدمشقية التي فقدتها في الأيام الأخيرة، تعمل على تحريك القوات الخاصة التابعة للفرقة المدرعة الرابعة التي يرأسها ماهر الأسد إلى حلب لإخراج كتائب الجيش السوري الحر، ويرى الخبراء الاستراتيجيون أن قوات النظام السوري أخذت تتحرك وفق ما يريده الجيش السوري الحر الذي يريد إنهاك القوات السورية النظامية من خلال إجبارها على فتح معارك متباعدة، فبعد معارك العاصمة دمشق، وقبلها معارك محافظة حمص يستدرج الجيش السوري الحر، قوات النخبة في الجيش النظامي إلى معركة أخرى في حلب، وهذا سيجعل الجيش النظامي منهكاً ويجعل قياداته أقل انضباطاً رغم أن القوات التي يزج بها بشار الأسد في مثل هذه المعارك هي الأكثر ولاءاً، وأن قادتهم من الضباط العلويين إلا أن استراتيجية الجيش السوري الحر بفتح معارك في محافظات مهمة فضلاً عن العاصمة يجبر الجيش النظامي على كثرة الحركة، وهو ما يرهق هذا الجيش الذي يفرض عليه تحريك آلياته الضخمة وكتائبه المدرعة وبطاريات المدفعية والصواريخ في حين لا يحتاج الجيش الحر إلى مثل هذه الأعمال؛ لأن عناصره متواجدة على الأرض وأسلحته خفيفة، وأن معظم ما يوجه به الجيش النظامي هي أسلحته التي غنمها في المعارك، ولهذا السبب تخلى الجيش النظامي عن المعابر الحدودية، وبدأ يخلي محافظات حيث ظهرت بوادر عن تخلي القوات النظامية عن محافظة دير الزور والبداية كانت سيطرة الجيش الحر على مدينة بوكمال الحدودية، كما أن الجيش النظامي السوري انسحب من خمس مدن سورية ذات أغلبية كردية وسلمها إلى عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يعتبر النسخة السورية لحزب العمال الكردي التركي الذي يخوض معارك مع تركيا. هذا التشرذم وتقليص الوجود للجيش الرسمي السوري وسقوط هيبة النظام يسعى بشار الأسد إلى إعادتها من خلال الذهاب بعيداً في تنفيذ الحل الأمني العسكري، ولذلك أدخل سلاح المروحيات القتالية التي تشارك بفاعلية في معارك حلب وحمص ودمشق، ويعد فعلياً لاقتحام حلب وريفها وارتكاب مجزرة يسعى من خلالها لاستعادة المحافظة وإشاعة الخوف في صفوف السوريين. هذا التصرف والذهاب بعيداً في ارتكاب الجرائم سيدفع السوريين أولاً والمجتمع الدولي إلى التخلص من هذا النظام بنفس الطريقة التي تخلص منها المجتمع الدولي من الصرب في البوسنة والهرسك، رغم كل المجازر التي ارتكبت هناك. [email protected]