شكك قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد في إمكانية نجاح أي مبادرة ايرانية لحل الأزمة السورية. وقال في حوار مع «عكاظ» أن الدور الايراني سلبي للغاية ما يجعل طهران غير مؤهلة لتقديم مبادرة متوازنة، مشددا على أنه لا حوار قبل اعتقال بشار الأسد وأركان نظامه وشبيحته والزج بهم في السجون. وأكد أن الجيش الحر يسيطر على أكثر من 60% من أراضي سورية لكن الحسم يتطلب فرض حظر جوي أو دعم الثوار بدفاعات وضادات جوية تمكنهم من التصدي لغارات طائرات النظام، لافتا الى أن تثبيت الأمن والاستقرار في المناطق المحررة يتطلب غطاء جويا. وشدد على أن تراخي المجتمع الدولي وسكوته شجع نظام الأسد على التمادي في ارتكاب المجازر المروعة وسفك دماء الأبرياء من النساء والأطفال. وفيما يلي نص الحوار: كيف تقرؤون تصاعد وتيرة المجازر التي يرتكبها النظام السوري في مختلف المدن السورية يوما بعد يوم، وآخرها مجزرة داريا التي راح ضحية لها مئات الأشخاص؟ ما يرتكبه النظام المجرم من قتل ومجازر، محاولات يائسة لإخماد جذوة الثورة الشعبية التي تشتعل في مختلف مناطق البلاد، وإضعاف كيانها. وهو يمعن في القتل والتنكيل بالمدنيين للضغط على ثوار الجيش السوري الحر، ودفعهم إلى التراجع والانكفاء. لكنه لن يحقق مبتغاه لأن الشعب السوري، والجيش الحر كيان واحد لقضية واحدة لا رجوع فيها مهما كانت الأثمان والتضحيات. وقد استفاد نظام بشار من التراخي والسكوت الدولي حيال ما يرتكبه من فظائع وجرائم باتت تتصاعد يوما بعد يوم في حجمها، ونوعية السلاح الذي يستخدم فيها، بدءا من اعتقال الناشطين وتصفيتهم ميدانيا، ومرورا بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين ووصولا إلى القتل الجماعي لأهالي بلدات بأكملها دون تمييز بين ناشط ومدني، حيث أصبحت قواته لا تتورع عن إطلاق الصواريخ من الطائرات والمدفعية على القرى الثائرة بعد أن كانت تطلق نيران الأسلحة الخفيفة والمتوسطة عليها. ويتحمل المجتمع الدولي مسؤولية هذه الجرائم والمجازر، إذ أن سكوته وتراخيه شجع هذا النظام الدموي على الإمعان في القتل بشكل لم يسبق أن شاهده العالم من قبل. وأصبحنا نشاهد جثامين الأطفال الأبرياء بالعشرات بعد القصف الجوي العشوائي والعنيف للأحياء الثائرة على النظام، فيما تكتفي دول العالم ومنظمة الأممالمتحدة بالشجب والإدانة دون اتخاذ إجراءات ملموسة على أرض الواقع لوقف تلك الجرائم البشعة. هناك من يرى أن الأداء الميداني للجيش الحر دخل مرحلة المراوحة منذ فترة طويلة دون قدرة على حسم المعركة لصالحه رغم أنكم تتحدثون عن السيطرة على نحو 60 في المئة من أراضي سورية؟ نحن لا نعيش مرحلة مراوحة لكن علينا أن نعترف أن نظام الأسد يمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة، ولديه نوعية فتاكة منها. وهو يستخدم سلاح الطيران بكل قوته دون حسيب أورقيب. وهذه الوقائع التي يعرفها الجميع ويدرك معناها الخبراء العسكريون تجعل تقدم الجيش السوري الحر بطيئا لكنه فعال إلى حد كبير. ووجود سلاح الطيران لدى هذا النظام الدموي الذي لا يتورع عن انتهاك كافة الأعراف الإنسانية والدولية يجعل من التقدم الناجح والحاسم للجيش الحر غير ممكن عسكريا. وقد أصبحنا في حاجة ماسة للدعم الجوي بمضادات الطائرات، ودعم دفاعاتنا الجوية عبر قرار من مجلس الأمن الدولي بإقامة منطقة حظر طيران فوق سورية، أو تزويدنا بالدفاعات الجوية المناسبة. وعندما يتحقق ذلك ستخرج الأمور عن نمطها البطيء الحالي لنتمكن بشكل سريع من حسم الأمور لصالح شعبنا. والجيش السوري الحر يحقق إنجازات كبرى عبر ضربات يومية يوجهها للحواجز العسكرية والأمنية التابعة للنظام، ما يسبب له الضعف والهوان وانهيار معنويات عناصره. وقد أسقطنا مؤخرا طائرتين عسكريتين للنظام في إنجاز كبير يسجل لأبطال جيشنا الحر. كما أننا نقاتل في كل مناطق البلاد وفقا لأوضاعها والسلاح المتوفر بين أيدينا. ونظرا لتلك المعطيات فإن ما نحققه يشكل إنجازا كبيرا بكل المقاييس خاصة إذا وضعنا في الاعتبار فارق التسليح الذي نعوضه بالإصرار على تحقيق الهدف النبيل الذي نسعى إليه، والمتمثل في تحرير شعبنا من قبضة النظام الذي يجثم على صدره. هل ترون أن المنطقة العازلة باتت وشيكة بعد التفاهم الأمريكي التركي في هذه الشأن مؤخرا؟ نسمع كثيرا عن الرغبة والمشاورات الدولية بشأن المنطقة العازلة. ونؤكد مجددا أننا نسيطر على ما يزيد عن 60 في المئة من الأراضي السورية، إلا أن هذه السيطرة لا تسمح لنا بالقول إن هذه المناطق المحررة آمنة. فالنظام قادر على شن غارات جوية عليها وبالتالي نحن لسنا في حاجة إلى منطقة عازلة بقدر ما نحن في حاجة إلى حظر جوي تصبح عند تحقيقه المناطق الآمنة أمرا واقعا. وهناك مناطق واسعة محررة ولا وجود للنظام وعصابته فيها، وتحتاج فقط إلى غطاء جوي لترسيخ أمنها واستقرارها. هناك أنباء متضاربة عن الوضع العسكري الميداني في مدينة حلب، فما حقيقة الأمر؟ هناك مراوحة ميدانية في حلب حاليا، لكن ثبات الثوار وقوات الجيش السوري الحر في مواقعهم يفرض واقعا لا يمكن تجاهله بأي حال من الأحوال. وتدور معارك قوية في حيي صلاح الدين، وسيف الدولة. ومؤخرا نفذنا عملية واسعة حول المطار العسكري للمدينة، ووجهنا خلالها ضربات موجعة لقوات النظام وشبيحته. وفي رأيي أن حسم الأمور لصالحنا بشكل نهائي في حلب كما في المدن الأخرى يحتاج كما أسلفت إلى غطاء جوي يوقف الفتك بالمدنيين، ففي غيابه سوى النظام بالأرض قرى وأحياء بأكملها، ولم يعد لها وجود. وهو ما يعيق عملنا لأن الهدف الأول للجيش الحر منذ تأسيسه هو حماية المدنيين من قمع وتنكيل النظام الذي لا يرحم أحدا حتى النساء والأطفال الذين هم أكثر المتضررين من جرائمة المروعة. يتردد حديث عن مبادرة إيرانية تدعو إلى حوار بين النظام السوري والمعارضة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فما موقفكم حيال هكذا مبادرة؟ لا مفاوضات مع الأسد ونظامه. وهذا قرار نهائي للشعب السوري. وموقفنا هو أنه عندما يعتقل الأسد وأركان نظامه وشبيحته ويزج بهم في السجون يمكن أن يبدأ الحوار. فبالنسبة لنا لا حوار مع القتلة ومرتكبي المجازر... هناك عدو وهناك حاكم والأسد ليس حاكما، بل عدو الشعب السوري ولا يمكن إجراء أي حوار معه. ومصيره سيكون بمشيئة الله الاعتقال ومحاكمته على كل ما ارتكبه من جرائم يندى لها الجبين منذ ما يزيد عن سنة ونصف السنة. وهذا ليس قرار الجيش السوري الحر فحسب، بل قرار الشعب السوري الذي عانى وما يزال يعاني من جرائم النظام الدموي. وفيما يتعلق بما يتردد عن مبادرة إيرانية نرى أن الدور الإيراني سلبي للغاية ويستند على عداء إيران للشعب السوري، ولذلك فإن أي مبادرة تتقدم بها طهران محكومة بالفشل. فالنظام الإيراني بانحيازه لنظام الأسد ضد شعب سورية غير مؤهل لتقديم أية مبادرة متوازنة ونقول له إنه مهما قدم من دعم ومساندة لنظام الأسد فإن مصيره هو مزبلة التاريخ. مثل مصائر غيره من الطغاة. وحينها ستكون إيران الخاسر الأكبر. ومن هذا المنطلق ندعو طهران إلى إعادة قراءة حساباتها، وتغيير موقفها وفك شراكتها مع نظام الأسد قبل فوات الأوان.