قد أتقبل فكرة عشق البعض واهتمامهم بالمظهر بكل تفاصيله من ألوان وتصاميم وأقمشة، فالأمر بالنسبة لي يخفي جانبا إيجابيا، فذلك العشق – برأيي- هو أحد أهم الأسباب وراء ظهور فن تصميم الأزياء الذي يعكس الأذواق والخلفيات الفكرية والطباع وربما الأمزجة. ولولاه لما سمعنا عن «شانيل» أو «إيلي صعب» أو «يحيى البشري» ولما ازدانت أجسادنا بأبهى الثياب والحلي. لكني لم أتقبل فكرة هوس البعض بال«برستيج» وبما تحمله هذه الكلمة ذات الأصل الفرنسي من معانٍ كثيرة كالوجاهة والمقام والرفعة والسمعة الاجتماعية، والتي تلتقي في النهاية في مصب الأفضلية. فمهووسو البرستيج يا قارئي العزيز على يقين بأنهم أفضل منك، فأنت في نظرهم كيان لم يصل لما وصلوا إليه من أهمية، لذلك تجدهم قد طوقوا أعناقهم بدائرة من الأقوال والأفعال التي رسموها من حولهم ولا يخرجون عن محيطها أبدا، ظنا منهم أن ما قاموا به من إنجاز إن وجد يمنحهم الحق بأن يعاملوك حسب ما يمليه عليهم برستيجهم. فأقوالهم محسوبة وأفعالهم محدودة، لذا أنصحك بألا تفاجأ إن قمت بالاتصال بأحد أصدقائك القدامى الذي شارك مؤخرا في أحد برامج المسابقات دون أن ينجح بأي لقب، ولم يجب هو بل مدير أعماله ليحدد لك موعدا، وألا تغضب إن التقيت صدفة بكاتبك المفضل المغمور وركضت نحوه لتصافحه وتعبر عن سعادتك بلقائه وإعجابك بنبض حرفه وتركك واقفا تكلم نفسك بعد أن جاد عليك بابتسامة صفراء وإيماءة، وألا تستاء إن كتبت ردا على تغريدة لأحد زملاء المهنة الذي يعمل في منشأة شهيرة كانت سببا في حصوله على مئات الآلاف من المتابعين في تويتر إن لم يشتري نصفهم وأجابك بكلمة أو اثنتين دون رمز ابتسامة أو ربما تجاهل تعليقك. في الواقع، إن من التناقض أن نطالب القادة والرموز السياسية والثقافية بالنزول من أبراجهم العاجية ونسعد بتجاوب البعض ونكبر ذلك فيهم، في حين أننا نبني سدودا عالية بيننا وبين الآخرين، فقط لأن الله منّ علينا بحفنة من الألق الذي قد يزول بين عشية وضحاها. أخيرا أقول: يا أنت .. لن تستقيم الحياة إلا حين تقترب من الآخر، فتاج المروءة تواضعك .. لا برستيجك. [email protected]