في صيف كل سنة لا بد لي من زيارة مدينة الباحة، لأنعم بجزء من إجازتي السنوية بين أهلي وناسي الطيبين فأستعيد الذكريات الجميلة، وأنعم بالأجواء المعتدلة المائلة إلى البرودة، حين تعانق الشمس الدافئة الغيمة الندية وحين يحتضن المطر الهتان الضباب المتناثر الخلاب، فتشعر بسعادة وراحة بال لا يمكن وصفها، إلا أن هذا كله لم يكن يعني الشيء الكثير لذلك السائح المحلي الذي استوقفني والملل يرتسم على ملامحه ليسأل عن أسواق ومطاعم ومنتزهات أخرى! وعندما لم ترق له اقتراحاتي قال لي بتذمر: أجل ممكن تدلني على مخرج طريق الجنوب! وبحق الضيافة فقد أشفقت عليه من نوبة قلبية قد تصيبه حين تستفزه في طريق عودته وقبل اجتيازه لحدود المنطقة تلك العبارات الترحيبية مثل (تسعد الباحة بوجودكم فيها) و(ابتسم أنت في الباحة)!؟. ابتسم أنت في الباحة: وليس مهما أيها السائح ما عانيته خلال رحلتك البرية وأنت قادم من مدينة الطائف باتجاه الباحة وما ستعانيه خلال رحلة العودة، حيث التحويلات المتعددة والطويلة، وكأن الشركة المنفذة لأعمال صيانة الطريق لا يروق لها تنفيذ أعمالها إلا في الإجازة وبهدف التنغيص على الأهالي والمصطافين!؟ ابتسم أنت في الباحة: وليس مهما أيها السائح ما عانيته خلال بحثك عن فندق فخم أو شقة مفروشة لائقة ولم تجد غير فنادق (غير مصنفة) وأخرى يمكن تصنيفها على أنها نجمتان أو ثلاث بالكثير ومع هذا إيجاراتها مرتفعة للغاية ولا تلتزم أبدا بالتسعيرات المحددة وفق قرار رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار رقم 3157 وتاريخ 7/4/1432ه، الذي حدد الحد الأعلى لإقامة الليلة الواحدة لجميع درجات الفنادق بكافة مدن المملكة فجعل سعر الليلة للثلاثة نجوم 550 ريالا والنجمتين 300 ريال وغير المصنفة 100 ريال!!. ابتسم أنت في الباحة: وليس مهما أيها السائح ما عانيته من حرقة وأنت ترى تلك المناظر الطبيعية الخلابة تعاني الإهمال وعدم توفير الخدمات باستثناء غابة رغدان وكأنه لا يوجد منتزه غيرها مع أن هناك غابات ومعالم سياحية كثيرة منها: وادي مليل وجبال شدا وغابة الزرقاء وغابة شهبة ومنتزه قرية العباس وقرية ذي عين وغابة وشلال الزرايب وغابة ومنتزه القمع ووادي الأحسبة وغابة خيره. ابتسم أنت في الباحة: وليس مهما أيها السائح ما عانيته من انقطاع متكرر للمياه، فمالك الفندق المتواضع أو الشقة المفروشة التي تسكنها، ليس بمقدوره أن يجلب من الشيب سوى (وايت واحد) مثله مثل غيره لأنه ليس السياح وحدهم من يعانون من هذه المشكلة، بل أغلب سكان المنطقة البالغ عددهم 800 نسمة لديهم نفس المعاناة منذ سنين، والسبب تأخر إنجاز مشروع ضخ الطاقة الكهربائية لمحطات وادي عردة وتنفيذ محطة ضخ لمحطة نخال ومشروع نقل مياه تحلية الشعيبة إلى الباحة عبر مدينة الطائف! ابتسم أنت في وداع الباحة: وليس مهما أيها السائح ما إذا كنت تبتسم بسخرية، المهم أنك ما زلت على قيد الحياة وتنعم بالأمن والأمان (وتتنفس الهواء ببلاش!) ومع أنك عانيت الأمرين وصرفت أموالا طائلة لم تجن منها سوى الهم والتنكيد، إلا أنك ستظل مواطنا مهما تأفف وتذمر ليس له خيار آخر سوى السياحة في ربوع بلادي. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 277 مسافة ثم الرسالة [email protected]