من يشاهد الأخبار لابد أن يتساءل كيف يمكن لبشر التصرف بمثل هذه الهمجية والفظاعة مع بني وطنه؟ وكذلك من يطالع ما تنشره الصحف من مآسي عقوق الأهل ببعضهم، ومن يتصرف بأنماط لا إنسانية مع المستضعفين كالخدم والعمال، ومن يبتز الإناث ليفترسهن، ومن يرفضون علاج الحالات الطارئة ويتركونهم يموتون على بوابات المستشفيات ويحتجزون المواليد والمرضى والجثث لفترات غير محدودة كرهائن وكل هذا لأجل المال، ومن يستغل غطاء الدين ليبرر لنفسه أنماط استغلال الناس، ومن يكنز المال ليتباهى بأرقامه بينما بنو وطنه قبل غيرهم في أمس الحاجة ليخرج حق الله وحقهم في ماله، ومثله من يرمي أطنان المواد الصالحة للاستهلاك في السوبرماركت والمطاعم ولا يبالي بأن هناك من يتضور جوعا على مقربة منها. وغيرها من الأمور والأحوال التي تصدم الإنسان بمدى التبلد في الحساسية والضمير.. والسؤال الذي يطرح نفسه هو : كيف يمكن للناس أن يكونوا بمثل هذه القسوة وانعدام الضمير؟، ولعل الجواب في بيت شعر لعنترة بن شداد: «لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم ... ولا رضيت سواكم في الهوى بدلا». فحقا لو أن قلب كل إنسان معه في كل أحواله لما أمكنه أن يرضى بغير الأنماط الطيبة ذات الحساسية الأخلاقية، فعيش الإنسان من منطلق وعيه القلبي، يعني أن يعيش من منطلق ضميره الأخلاقي وحساسية روحانيته وإحساسه بالآخرين.. لهذا قال النبي لما سأله رجل عن البر والإثم : (استفتِ قلبك «ثلاثا»، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك). [email protected]