صدق القائل: «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا» .. فأهمية الأخلاق لا خلاف عليها لكن المعضلة تكمن في اختزالها بتجنب الفواحش فقط، بينما مفهوم الأخلاق أوسع وأكثر تعقيدا، فالأخلاق الحميدة هي الأنماط العقلية والنفسية والسلوكية والقولية والعملية والاجتماعية الإيجابية المستحسنة، ولا يمكن أن يحصل تغيير واقعي في أنماط الإنسان عبر جعله يحفظ نصا معمما فقط، وعلى سبيل المثال تكثر رسائل استجداء الدعم لمحكوم عليهم بالإعدام في قضايا قتل فيها صديق صديقه في شجار عارض، فالقاتل في هذه الحال اقترف جريمته لأنه كان يفتقر للمعرفة بالأنماط السليمة للتحكم بانفعالات الشعور باستفزاز كبريائه، وأيضا مثال آخر هو فظاعة قبح اللغة المتداولة في تخاطب المختلفين في الرأي والمشارب على الإنترنت وغيره، حتى أن الإنسان يمكنه التأكد من أنه مهذب بحق عندما يقرأ التعليقات المتبادلة ولا يفهم ثلاثة أرباعها لشدة بذاءتها، والفظاعة المضاعفة أن هذا يحصل باسم الدفاع عن الدين، ولا يتورعون حتى عن مخاطبة شيوخ الدين الذين لا يوافقونهم في اجتهاداتهم بمثل هذه اللغة الصادمة لأنه لم يتم تعليمهم آداب الاختلاف وحرية التعبير والجدل المثمر الإيجابي البناء، كما أن جزءا أساسيا من مشكلة عدم ثقة أرباب العمل في الموظف السعودي هو ما يصفونه بافتقاره لثقافة أخلاقيات العمل، ثم وحسب الدراسات فالسبب الرئيسي للطلاق الذي بلغ نسبا وبائية هو سوء أنماط تعامل الزوجين. وكثير من أنماط التعديات المنتشرة بين الناس سببها الافتقار للوعي الأخلاقي الحقوقي. فتعليم الأنماط الصحيحة في كل أوجه الحياة بشكل تفصيلي معالج من قبل علماء نفس واجتماع ودين هو الطريق للمعالجة الجذرية للكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية المزمنة السائدة. [email protected]