حين ننظر أمامنا وخلفنا وإلى جوارنا.. فإننا نجد أوطانا منقسمة.. وشعوبا متصارعة.. ومجتمعات غارقة بالمشاكل والأزمات.. كل ذلك موجود بسبب حالة الانقسام الفكري.. والتطاحن المذهبي.. والتشتت الفئوي.. وكأن المجتمع الواحد أمة.. وكأن البلد الواحد.. عدة بلدان.. وكأن الصلة بين المواطنين مقطوعة.. وكأن كل واحد فيهم عدو للآخر.. وكل ذلك حدث ويحدث.. لأن تلك الدول والمجتمعات فشلت في الحفاظ على نمط فكري مستقر.. ومنسجم.. وموحد بينها.. بصرف النظر عن الاختلاف في المذهب.. أو العنصر.. أو التوجه.. وكل ذلك بسبب الفشل أيضا في انخراط الكل تحت مظلة «المواطنة» التي تستوعب الجميع ولا تسمح باستشراء الخلافات العميقة بين أبناء الوطن الواحد. إن التعددية.. والتنوع الثقافي التي تحياها بعض المجتمعات.. وأفرزت حالة من «الانشطار» وتعدد الولاءات.. وصدام الأفكار.. تمثل الآن مظهرا غير حضاري لفكر «تصالحي» كان يجب أن يوفر قواسم مشتركة عظمى لأوطان يتعايش في رحابها الجميع وينسجون رباط وحدة حقيقية.. لكن ما يحدث على الأرض هو غير كل هذا.. تلك هي الصورة الحقيقية لمجتمعات قريبة منا.. أو بعيدة عنا.. وهي ولا شك صورة مؤلمة وغير مطمئنة.. وهي صورة حذرنا الملك منها كثيرا.. ودعانا إلى الابتعاد بسببها عن التصنيفات المذهبية والفكرية والمناطقية وممارسة فكر الإقصاء، كما قال ذلك مجددا في لقائه بأعضاء الحوار الوطني وحضور مجلسه في مكةالمكرمة مساء أمس الأول. قال هذا الملك.. ونبه إلى خطورته.. وجعل الصور تتداعى إلى أذهاننا في ضوء ذلك الواقع المؤلم الذي تعيشه منطقتنا وسواها.. فما أحوجنا إلى إدراك حقيقة هذه المخاطر وتأثيرها على وحدتنا الوطنية.. وضمان سلامة مجتمعنا من تلك الأمراض والتشوهات.. وبالذات لأننا في بلد معقد في تركيبته الثقافية والاجتماعية.. وإن كان ما يجمعنا هو أعمق.. وأكبر.. وأعظم من التأئر ببعض التصرفات اللامسؤولة.. فهل نحن على وعي كامل بما يجب علينا أن نفعله؟. *** ضمير مستتر: نكبة الكثير من الأوطان.. تبدأ بتناحرها الفكري.. وتنتهي بحروبها الأهلية الضارية. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 400 مسافة ثم الرسالة [email protected]