هم أولئك الذين أساءوا لأنفسهم قبل الآخرين.. هم الذين زرعوا الشوك في دروب حياتهم.. وصنعوا لأنفسهم العداء دون المحبة والجفاء دون التواصل.. أعني بهم أعداء التواصل والبر ومكارم الأخلاق.. لا يهمهم سوى نفوسهم المريضة، لا يراعون ودا ولا يتجملون خلقا.. ولا يتواصلون برا.. ولا يحسنون مسلكا.. ولا يتعاملون نبلا.. ولا يحسنون ظنا.. ولا يتسامحون عفوا.. ولا يتجاوزون خطأ بالصفح.. نعم.. هم المذنبون حقا.. في الإساءة لأنفسهم قبل أن يشمت بهم الآخرون وقبل أن يكتسبوا عداء الآخرين.. إن الحياة لا تساوي هذا المسلك.. ونحن نعبر منها بعد حين إلى الأبدية مقرا ومستقرا عند رب غفور رحيم بإذنه تعالى. إن النفس البشرية يتنازعها الخير والشر.. لكن الإنسان السوي هو الذي يسلك الخير.. سبيلا إلى حياة كريمة يسعد معها.. وهو الذي يكسب رضا أهله وأقربائه وأصدقائه ومحبيه بعد رضا الله عز وجل.. تجاوز الإساءة شيمة النبلاء.. صدق التعامل صفة العقلاء.. حسن الخلق مرتبة الفضلاء.. بر التواصل سمة الأتقياء.. فلماذا نضيع كل هذا.. بنفوس يتنازعها الشر دون الخير.. لماذا نركض في دنيانا الفانية نلهث خلف الكراهية والتباغض والتباعد والجفاء.. لماذا لا نسعد في دنيانا محبة وخلقا وتعاملا وتواصلا وبرا، قبل أن يطوينا الموت فنمضي دون أن نترك أثرا خالدا يذكرنا به الآخرون في الباقيات الصالحات. أيها المذنبون.. في حق أنفسكم.. وفي أهليكم.. وفي أحبابكم.. وفي من تعرفون ومن لا تعرفون.. قوا أنفسكم شح محبة أنتم في حاجة لها، وازرعوا دروبكم بأشجار الصفاء والمودة والتسامح والبر والتواصل.. تجنون ثمارها في دنياكم الفانية وآخرتكم الباقية.