أكد عضو هيئة كبار العلماء عضو المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور علي بن عباس الحكمي أهمية وجود الصلة بين الشباب والعلماء وأن تكون بالمودة والرحمة وتوقير الشباب للعلماء ورحمة العلماء للشباب، مبينا أن وجود الفجوة بين الطرفين سيكون له الأثر السلبي على الأمة وعلى الشباب بصفة خاصة. وقال في حوار ل «عكاظ» إن واجب الأمة أن لا يسمحوا بوجود هذا الحاجز سواء كان مفتعلا من جهات أخرى أو كان بسبب عزوف الشباب أنفسهم وهذا ربما يكون بسبب سن الشباب وعنفوانه ورفضه للتحكم في تصرفاته، أو قد يكون من بعض العلماء بسبب أدائهم أو كيفية تعاملهم مع الشباب، وأنه ينبغي على العلماء إزالة كل المعوقات وفتح المجال للشباب أن يكونوا على صلة وثيقة بالعلماء.. فإلى التفاصيل: • هناك فجوة بين الشباب والعلماء وينتج عن هذا استغلال هؤلاء الشباب في ما يضر بهم وأمتهم وأوطانهم. كيف نستطيع التقريب بين العلماء وشباب الأمة وكيف هو السبيل إلى ردم هذه الفجوة التي اصطنعها البعض؟ • الصلة بين الشباب والعلماء لا بد أن تكون صلة مودة ورحمة وتوقير من الشباب للعلماء بسبب العلم وفارق السن، وأن تكون علاقة رحمة ورفق وشفقة وعطف من العلماء للشباب باعتبار فارق السن أيضا وحاجتهم للتوجيه. هذه جوانب متكاملة ومترابطة. لا يصلح شأن الشباب إلا بالاستفادة من الكبار وخاصة العلماء منهم الذي يبينون لهم شرع الله وطريقه المستقيم. الصلة لا بد أن تكون موجودة وإذا انتظمت العلاقة بين الشباب وبين الوالدين يصلح حالهم. أما إذا كانت هناك فجوة وجفاء فلا شك أن هذا سيكون له أثر سلبي كبير على الأمة بأسرها وعلى الشباب بصفة خاصة. لذلك نقول إن واجب الأمة أن لا يسمحوا بوجود هذا الحاجز سواء كان مفتعلا من جهات أخرى أو كان بسبب عزوف الشباب أنفسهم وهذا ربما يكون بسبب سن الشباب وعنفوانه ورفضه للتحكم في تصرفاته، أو قد يكون من بعض العلماء بسبب أدائهم أو كيفية تعاملهم مع الشباب. • وماذا يجب والحالة هذه؟ • ينبغي على العلماء إزالة كل هذه المعوقات وفتح المجال للشباب أن يكونوا على صلة وثيقة بهم، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في طريقة تعامله مع الشباب والناشئة وحتى الأطفال. نحن بطبيعة الحال نعرف ما يجب على العلماء تجاه الشباب وأن تكون حياتهم على المنهج الصحيح. ونريد أن نذكرهم ونحن والحمد لله في بلاد إسلامية لذلك فهم نشؤوا في هذه الأجواء الإيمانية الراسخة، ولكن رغم ذلك نريد أن نذكرهم بما يجب عليهم القيام به من واجبات وما ينبغي أن يستمروا عليه من عقيدة التوحيد الصحيحة والسلوك الحسن في كافة تعاملاتهم سواء كانت تجارة أو صناعة أو حرفة، وفي التعامل العام بينهم وبين بعضهم والمجتمع بشكل عام. لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة. فهو عندما بعثه الله برسالته لم يبق جالسا في بيته ويرسل الرسائل للناس ولم يترفع ويطلب أن يأتي إليه الناس، بل كان صلى الله عليه وسلم يتتبع الناس في مواقعهم ومعاقلهم ويذهب إليهم في الأسواق وكل التجمعات. كان يعرض نفسه على القبائل وكان يناله أذى شديد من الكفار، لكن ذلك لم يمنعه من أداء رسالته ومواصلة دعوته حتى بلغها وحقق الله له ما أراد. • لكن البعض بفهمه لمقولة «إن العلم يؤتى إليه ولا يأتي» ، لا يغشى المجالس ولا يذهب إلى الناس؟ • لا ينبغي للعالم أن يجلس في مكانه ويقول من أراد علما فليأتني أو ما شابه ذلك. يجب على العالم أن يذهب للآخرين وللمعارضين في أماكنهم. نعم ينبغي أن تكون للعالم مكانته وهيبته في نفوس الناس وأن لا يأت بتصرفات لا تليق. ولكن هذا لا يعني أن يمسك علمه. من واجب العالم أن تكون صلته بالناس قوية، سواء كانوا شبابا أو كبارا ليعلمهم ما علمه الله إياه وأن يتخذ كل الوسائل الممكنة لذلك لتحبيب الناس إليهم وأن لا يجدوا منه جفوة وترفعا وحبا لمصالح الدنيا. علينا جميعا أن نقدر للعالم فضله وأن نحترمه. كذلكم الجميع مطالب إذا كانت لهم حاجة بالبحث عن العلماء إذا كانوا بعيدين عنه ويتخذ الوسائل التي توصله لأهل العلم. هناك تكامل. يجب على المسلم الاتصال بالعلماء، ويجب على العالم أن يهيئ الفرص ويتخذ الوسائل اللازمة لتبليغ ما عنده من العلم وأن لا يسمح لأحد أن يحجبه ويضع حاجزا بينه وبين الناس. لغة العلماء • يشتكي بعض الشباب بأن اللغة التي يستخدمها بعض العلماء هي لغة مرتفعة أو مترفعة ربما لا تناسب العصر والبعض يشكو من ممارسة الوصايا، هل توجد هذه الأشياء فعلا من وجهة نظر فضيلتكم؟ • إيصال المعلومة الصحيحة والحكم الشرعي والتوجيه النبوي بالطرق المناسبة وتحبيب الشباب إلى أهل العلم حتى يستفيدوا منهم. لا بد أن تتم مخاطبة الشباب وبقية الناس بالطريقة التي يفهمونها حتى يبلغ العلماء ما عنده من العلم. التخاطب وسيلة لتبليغ العلم، وكما جاء في الأثر «خاطبوا الناس بما يعقلون أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟» .. اللغة ينبغي أن تكون مفهومة ومقبولة ومتاحة للناس. أما ما يقال عن وجود تعال من العلماء فإنني حقيقة لا أرى ذلك. العلماء يحرصون على وجود الصلة مع الشباب ويتلطفون معهم. إذا حدث شيء من البعض نتيجة خلقه وما تربى عليه وهذا قليل جدا حسب ما أعرف وأعلم فالعلماء يشعرون بأهمية مسؤولياتهم، إنه يجب عليهم أن يكونوا على مقربة من الشباب. لكن العالم يجب أن يكون مع الشاب مثل ولده. فهل يرضى الإنسان أن يكون فظا غليظا مع أبنائه؟ بالفطرة فإن الوالد عطوف وحنون مع أبنائه، وقد يحصل أن تجد فظاظة لدى بعض الآباء ولكن هؤلاء نسبة قليلة. تعميم الحالات • وإذا وجدت بعض الحالات هل نعممها ؟ • إذا وجد بعض العلماء الذين يتصفون بالفظاظة فإن هذا لا ينبغي أن يعمم على الجميع ويقال إن العلماء يترفعون عنا. العلماء في الجملة ينظرون إلى الشباب كما ينظرون إلى أبنائهم ويدركون أن هذا واجبهم وأن عليهم التعامل مع الشباب وسائر أفراد المجتمع بنوع من العطف والشفقة والحنو الأبوي. المبتعثون والفتاوى • هناك حديث عن المبتعثين والأحكام والفتاوى الخاصة بهم التي ربما يتميزون بها كونهم في غربة، هل هناك أحكام فقهية خاصة بهم، وهل من نصائح لأبنائنا وبناتنا الذين يدرسون في الجامعات الأوروبية؟ • المبتعثون هم مسلمون يعيشون في بلاد غير إسلامية، كغيرهم من المسلمين الذين يعيشون في تلك البلاد، ما يميزهم عنهم أنهم شباب أو في مقتبل العمر. كونهم يعيشون في بلاد غير إسلامية تختلف عاداتها وتقاليدها وقوانينها عما هو موجود في الدول الإسلامية. كما أنهم شباب يحتاجون إلى عناية وإلى رعاية وتوجيه وتثبيت الأسس التي يجب أن يكونوا عليها. هذه النظرة في اعتقادي موجودة لدى الجهات المسؤولة عندما قررت إرسالهم للدراسة في تلك الجامعات ومتوفرة لدى الآباء والأمهات. لذلك لا شك أنهم زودوهم بما يحتاجونه من نصح وتوجيه.. بدورنا نقول لهم: اعملوا بقدر ما تستطيعون لتأدية الواجبات التي بينكم وبين الله ولا تجعلوا ذلك ذريعة لغيركم من غير المسلمين سواء جهات مسؤولة أو زملاء أو أن تكون عباداتكم سببا في التضييق عليكم أو لفت النظر إلى أنفسكم. بالعكس عندما يحرص المسلم على عباداته دون أن يتعرضوا للآخرين فإنه يجبرهم على احترام دينه ومعتقداته، وقد جربنا هذا في بلاد الغرب ورأينا أنهم يحترمون من يحترم دينه. فإذا احترمت دينك احترموك. إذا عرفوا أنك مسلم لا تبالي بدينك لن يحترموك وعندئذ يمكن أن يتدخلوا في دينك لأنك أعطيتهم الفرصة. على الشاب أن يتمسك بالثوابت وأن يكون ذلك وسيلة إلى دعوة من هم حوله وليس لتنفيرهم وذلك بأن يؤديه على الوجه المطلوب قدر الإمكان، من غير أن يحاول محاولة النظام. أحكام فقهية • ربما يجدون عنتا ومشقة وفي بعض الدول تكون أوقات الصيام لأكثر من 17 ساعة. إذا وجد هذا العنت، هل هناك أحكام فقهية تلحق بهم لأجل التيسير إذا لم يستطيعوا أداء الصيام بالصورة المطلوبة؟ • هذه أحكام معينة في حالات بعينها، مثلا كيف يصوم ومتى يصوم ومتى يفطر ومتى يؤدي الصلاة في أوقاتها. هذه أحكام لجميع المسلمين في الدول غير الإسلامية التي يختلف فيها وقت الصيام، وقد ذكرت أحكام الصيام والصلاة لهؤلاء وتم ذكرها من قبل بشيء من الدقة والتفصيل من قبل مراكز الفقه ومجامعه وهي موجودة في المراكز الإسلامية بتلك الدول ولو ذهبوا إليها فإنهم سيجدون الإجابة على أسئلتهم كافة. لا نستطيع في هذا اللقاء أن نحدد مواعيد الصوم والإفطار بصورة عامة لأن الأمر يختلف من دولة لأخرى. التسامح والاعتدال التحايل بالمصطلحات • هناك جدل حول بعض المصطلحات التي وردت في ديننا الحنيف وهي تتداول بصورة كبيرة هذه الأيام مثل التسامح والاعتدال والوسطية وغير ذلك. ربما يستغل البعض هذه المصطلحات لتمييع الدين أو للتحايل على بعض الأحكام؟ • هي ألفاظ ذات معان عديدة تشمل التساهل والتعامل مع غير المسلم وقد يفسرها البعض بغير معانيها فيفهم التسامح على أنه نوع من التفريط، ويجعل التمسك بدينه وثوابته نوعا من التشدد. الوسط خير. التسامح المطلوب في ما لا يحل حراما قطعا أو يحرم حلالا قطعا. إذا كان هناك أمر مقطوع بحلاله فلا يجوز لأحد أن يحرمه، وإذا كان هناك شيء محرم قطعا فلا يجوز تحليله بحجة التسامح. الأمور القطعية لا يجوز التسامح فيها. أما ما عدا ذلك من الأمور المستحبة والمتغيرة بتغير الزمان والمكان فهي مجال التسامح. حتى ما هو محرم قطعا أو حلال قطعا إذا وجدت ضرورة قصوى يوجد معها الخوف الشديد على استمرار الحياة أو ضياع المال أو انتهاك العرض، سواء في ديار المسلمين أو في غيرها فهذه ضرورة والضرورة تبيح المحظور كما قرر العلماء الثقاة. ولكن لا ينبغي أن يستمر هذا الوضع بحجة الضرورة بل ينتهي بزوال الضرورة القصوى وتقدر الضرورة بقدرها. مخالفات رمضان • هناك أمور تحدث في رمضان على وجه الخصوص، مثل الكلمات التي تلقى بعد أداء الصلاة، ورفع أصوات مكبرات الصوت في المساجد وكذلك حجز الأماكن للصلاة في المساجد وغير ذلك من النقاط التي يجب توضيح التجاوز فيها إن وجد؟ • بعض الناس يقعون في المخالفات. من حيث طول التراويح وبدايتها ونهايتها ضابطه أنه إذا حدث اتفاق بين جماعة المسجد المداومين على الصلاة والمنتظمين أو أغلبهم على أمر من ذلك كأن يقرأ الإمام جزءا في كل يوم فليس هناك حرج. إذا لم يناسب هذا الأمر أقلية فهم استثناء لا يحل القاعدة. أما حجز الأماكن فقد قال أهل العلم إنه إذا داوم الإنسان على الصلاة في مسجد معين فلا بأس أن يحجز مكانا فيه. ولكن إذا أقيمت الصلاة فلا يمكن ذلك. بيع الأماكن • لكن البعض يبيعون الأماكن في الحرمين؟ • ما عنيته هو أن يأتي الإنسان ويحجز بسجادته مكانا للصلاة فإذا أتى قبل إقامة الصلاة فهو أولى الناس بهذا المكان. وإذا أقيمت الصلاة فالمكان لمن كان موجودا. أما أن يتخذ الأمر وسيلة للتربح فهذا لا يجوز.. بعض الناس يحجزون أكثر من مكان ليعطوها لمن لا يعرفونهم وخاصة في الحرمين إذا كانوا يدفعون أكثر.. المسجد وقف لمن سبق. كذلك مسألة رفع الأصوات عولجت وقيل فيها الكثير. ظلم البنات • البعض يمارس الظلم على البنات ويمنعوهن من أخذ حقهن في الميراث، فكيف تعلقون على هذا الموضوع؟ • هذه التصرفات نزعة جاهلية نهى الإسلام عنها، لا يجوز لمسلم أن يفرط أو يتحايل للاستيلاء على ميراث النساء؛ لأن ذلك مصادمة لشرع الله وأمره. الله أعطى للإنسان ثلث ماله عند وفاته يوصي به لغير ورثته، حتى قال الفقهاء: إن الهبة أو العطية أو البيع في مرض الموت موقوف أو باطل لأنه يشم منه رائحة التحايل، ولو كان تقربا إلى الله في ظاهره. وللمتضررة الرفع للمحاكم إذا لم يفلح الود والصلح ولو ببعض التنازلات، فهذا أمر مشروع ولا يجوز لأحد أن يلومها في ذلك، لكن لو تم الاتفاق مع رضا النفوس لكان أولى لأن القضاء يجلب العداوات. كما أن من واجب القاضي حين ينظر في خصومات حقوقية وغيرها، أن يبدي نصيحة قبل البت فيها؛ لتقريب النفوس والإصلاح لأخذ الحق بنفس راضية. مجمع الفقه • كيف ترون مجمع الفقه السعودي الذي أمر بإنشائه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله؟ • هو نقطة تحول كبرى ووسيلة رائعة من وسائل الرفع من مستوى البحث العلمي الشرعي. هيئة كبار العلماء كما بين ذلك الأمر الملكي ستكون مشرفة ومتابعة لكل ما ينطلق من هذا المجمع من آراء وأبحاث متعمقة في شأن الفقه الشرعي، في حين أن آليات تنفيذ قرار إنشاء المجمع وأعداد أعضائه ومكانه وكل ما يتعلق به توضحه الدراسة التي تقوم بها الجهات المعنية وهي وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة العدل وهيئة الخبراء، مع إشراف هيئة كبار العلماء حين تحققه على أرض الواقع. إخفاء الزواج • البعض يتزوجون بالخفاء خوفا من الزوجة الأولى، كيف ترون هذا الأمر وهل هو جائز ؟ • من أخفوا زواجهم الثاني معذورون، قد يكون له عذر إن لم يرد أن تعلم زوجته الأولى بزواجه الجديد، ولم يرغب في إفشاء الزواج، لكن هذا الأمر يفتح بابا للتجاوزات، فالإسلام حث على إعلان النكاح وجعل ذلك الفرق بينهما.. وشخصيا لا أرى جواز مثل هذا الزواج لأنه ليس مشروعا. الزواج في الخارج • لكننا نسمع أيضا عما يسمى بالزواج في الخارج، كيف تعلقون على ذلك؟ • أحذر عموم المواطنين من المخاطر الناجمة عن الزواج في الخارج، لأن في ذلك مخالفة شرعية ونظامية، فالزواج في الخارج له محاذير كثيرة شرعية واجتماعية ونظامية، والنظام يحتم أخذ موافقة ولي الأمر عند الزواج من أجنبيات، وهو مايعد مخالفة صريحة لأنظمة الدولة. المخالفة الشرعية تتمثل في مخالفة ولي الأمر والنية المؤقتة أثناء الزواج، فالبعض يخفي ذلك على أهل المرأة، فهو غش وخداع، أما إذا تم تحديد المدة فإن ذلك يعد نكاح متعة، وهو محرم في كلتا الحالتين. أما المشكلة الاجتماعية فتكمن في تشتت الأسرة وضياعها، إضافة إلى تشويه سمعة الوطن، وأنصح هؤلاء أن يتقوا الله في أنفسهم وأهليهم وذريتهم وأن يكفوا عن مثل هذه المخالفات. هذا النوع من الزواج فيه مخالفة شرعية وغش للأسرة التي تزوج منها بعد أن استقبلوه وأحسنوا إليه ومنحوه بنتهم على أنه رجل مسلم يريد الزواج الشرعي وإذ به يتركها بلا عائل معلقة لا مزوجة ولا مطلقة. وأنصح الراغبين في الزواج من الخارج أن يسلكوا الطريقة الصحيحة في الحصول على التصريح النظامي الخاص بذلك، الأمر الذي يحصل به البركة والخير. كما أن التوبة من هذه المخالفة لا تجزئ ولا تصح دون رد الحقوق إلى أصحابها، وهذا يكون بتصحيح وضعه النظامي بالتنسيق مع الجهة المختصة في الدولة مادام أنه وقع في المخالفة، فإذا لم يستطع أن يصحح وضعه فإنه يعطي المرأة النفقة اللازمة عليه، ويعترف بالمولود إن وجد ويعطيه نفقته وهذا أقل ما يجب. فتاوى الفضائيات • ما رأيكم في فتاوى الفضائيات التي انتشرت وكثرت في هذا الوقت؟ • الناس في هذا الزمن ابتلوا بهذه الفضائيات ووسائل الإعلام المنتشرة وما ينشر بها من كلام في الدين وما يتعلق بالأحكام الحلال والحرام والمثل العليا في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ومنهجه وسيرته وكل ذلك بسبب بعض الناس هداهم الله بحسن نية أو قصد الشهرة أو غيرها ونحن نحسن الظن بالناس لكن لا ينبغي للمؤمن أن يتكلم وخاصة في مسائل الشرع والدين إلا عن علم ومعرفة أما مجرد التخمين وأنه يسمع كلاما أو قرأ شيئا يسيرا ثم يدخل في التحليل والعمق الأحكام الشرعية أو قضايا العقيدة والشرع والدين فهذا ما لا يجوز لمسلم، فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتدافعون الفتيا البسيطة في مسائل تعاملات الناس الخفيفة، كانوا يتدافعونها وكل منهم يود أن يكفيه الآخر مؤنة الفتيا كل ذلك خوفا من أن يقع في شيء غير صحيح وبعضهم كان ترتعد فرائصه ويتغير حاله ويصفر وجهه عندما تعرض عليه مسألة يطلب منه فيها بيان حكم الله، والناس الآن تجرؤوا ولذا ورد من كلام السلف (أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار)، يجب على الإنسان أن يحترز ويبتعد عن الوقوع في هذا المزلق الخطير قد لا يكون متعمدا الإساءة لكنه وقع في المحظور لأنه دخل فيما لا قدرة له عليه وليس من اختصاصه. والرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: (قاضيان في النار وقاض في الجنة) جعلهما اثنين أحدهما علم وحكم بخلاف ما يعلم والآخر حكم بما لايعلم، فمن دخل في الحكم في القضاء أو الفتيا وهو غير مؤهل علم فقد أوقع نفسه في هذا الوعيد الشديد. تجاوز الميقات • البعض يتجاوزون الميقات لأجل التحايل على نقاط التفتيش أو الفرز، ويحرم من بعد الميقات، هل يجوز ذلك؟ • لقد قلنا مرارا وقال أهل العلم من قبل ومن بعد إن تعمد مجاوزة الميقات لمن أراد الحج أو العمرة بدون إحرام فعل محرم لأسباب كثيرة منها، مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع علماء المسلمين، مخالفة أمر ولي أمر المسلمين في هذه البلاد الراعي لمصالح الحجاج والذي يوافقه فيه جميع ولاة المسلمين من ضرورة تنظيم الحج والحد من الزحام المؤدي إلى المشقة البالغة والهلاك، والتسبب في إلحاق الأذى بالحجاج وذلك من الظلم والله يقول: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم)، وقد فسر أهل العلم الظلم هنا بما هو أقل من ذلك بكثير، ثم باعتبار المخالفة فسقا فكيف يبدأ المسلم حجه بفسق، وما يزعمه هذا المخالف من العذر ليس عذرا صحيحا للمخالفة بل هو عذر للامتناع عن الحج حتى يحصل على الإذن المطلوب.. وكذلك فإن الفدية الواجبة بفعل المحظور فإنها وإن جبرت النقص ظاهرا فإنها لا ترفع الإثم.