من لهؤلاء؟ من لهؤلاء المساكين الهائمين على وجوههم في الطرقات والأزقة تحت أشعة الشمس الحارقة ولهيب الأجواء الساخنة، أجساد شبه عارية تتحرك حافية القدمين، فمن لمثل هؤلاء!؟ إنهم لا يدركون حجم الضرر الذي قد يلحق بهم أو المخاطر التي قد يتعرضون لها، يسيرون على غير هدى، فلا يعرفون إلى أين هم ذاهبون، ويعيشون على البقايا من الطعام. إنهم إخوتنا الذين فقدوا نعمة العقل لسبب من الأسباب. إننا معنيون جميعا بالمحافظة عليهم وعلى آدميتهم التي لا يدركون أنهم قد افتقدوها، وهذا أبسط حقوقهم علينا، ولكننا كأفراد لن نستطيع أن نقدم لهم الكثير. ولكن هناك من يستطيع أن يفعل ذلك من أجلهم كوزارة الشؤون الاجتماعية، والجمعيات الخيرية، ورجال المال والأعمال، مع أنهم لا يريدون من ذلك الكثير إلا القليل، فهم يحتاجون فقط إلى مأوى، وطعام، وملابس نظيفة، ويحتاجون إلى من يرعاهم. لذا نأمل من وزارة الشؤون الاجتماعية إنشاء دور رعاية كافية لاستضافتهم، إذا كانت الدور التابعة للوزارة لا تكفي، وجمعهم فيها حالا، ولا يجب تركهم أبدا بحجة أن ذويهم لم يقوموا بتسليمهم لدور الرعاية من البداية، أو أنهم سلموهم، ثم استلموهم بعد ذلك مكرهين لعدم توفر أماكن لهم في الدور، ومن ثم أهملوهم، لأنهم قد يكونون عاجزين أصلا عن السيطرة عليهم. ثم إن الدور الاجتماعية هي مكانهم الطبيعي، أما إذا أبدى ذووهم الرغبة في استلامهم، فتؤخذ عليهم التعهدات اللازمة بالحفاظ عليهم، أو إعادتهم إلى الدور، وإن لم يفعلوا ووجد المريض في الشارع وأخذ إلى الدار مرة أخرى، فلا يسلم لذويه إلا في حالة شفائه من مرضه، لأنهم لم يلتزموا بما تعهدوا به، أما إن لم يرغبوا في استلام مرضاهم أبدا فلا يجب إجبارهم على ذلك، لأن الحكومة لم تقصر أصلا في رعاية هذه الفئة، فهي قد تكفلت بها. سلطان صياح الميموني ترشيد أعمال الخير لا يقتصر عمل الخير على بناء المساجد ودعم حلقات تحفيظ القرآن، بل يشمل كل ما يفيد الإنسان في دينه ودنياه، لكن الملاحظ لأعمال الخير اقتصارها على أنشطة وبرامج محددة وإهمالها لجوانب إنسانية كثيرة، وذلك التقصير مرده لقلة التوجيه والترشيد لذلك العمل، فالمال مال الشخص ينفقه في الوعاء الذي يريد لكن الشخص المنفق بحاجة لمن يعينه ويرشده ويترك له الخيار بعد إرشاده. حصر الإنفاق الخيري في وجه واحد مرده لغياب المظلة الراعية فلو تم إنشاء مؤسسة تعنى بالعمل الخيري وتوجه أهل الخير وتقدم لهم الاقتراحات والدراسات فإن الأموال المتدفقة من جيوب أهل الخير ستصب في أوعية خيرية كثيرة يستفيد منها المجتمع. وجود مؤسسة راعية لأنشطة الخير لا يعني التضييق على أهل الخير كما يظن البعض، بل يعني توجيههم لأنشطة يحتاجها المجتمع كبناء دور تحتضن ذوي الظروف الخاصة ومساكن للأرامل والمطلقات والفقراء ومراكز لغسيل الكلى ومراكز تدريب للفتيات والشباب، فكما يحتاج المجتمع المسجد فإنه بحاجة لمثل تلك الدور التي تحقق له الاستقرار والعيش الكريم. لقد أصبح العمل الخيري مشتتا ضائعا بين جهات عدة، فليس من المعقول ترك أنشطة وبرامج خيرية كثيرة وقصر العمل الخيري على برامج محددة لأسباب تنظيمية وتوعوية بحتة، فكل ما يفيد الإنسان ويحقق له الراحة والاطمئنان عمل خيري يؤجر عليه صاحبه. رياض عبدالله الزهراني