«إن الأعمال الإنسانية الخيرية لا يقتصر أثرها على متلقيها، بل إن أثرها الأكبر هو لمقدمي هذه الأعمال، فهي تسمو بالنفوس، وتقدم لها الرضى والسعادة الحقيقية، وأعظم من ذلك الأجر والمثوبة من الله تعالى، إننا اليوم وفي ظل الظروف العالمية والمصاعب التي تواجه الإنسانية لفي أشد الحاجة إلى التآزر وتقوية التعاون لدعم الأعمال الخيرية، مما يزيد من أثرها ويعدد مجالاتها»، هذه الكلمات المضيئة قالها الراحل الكبير صاحب الأيادي البيضاء الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله - وستبقى تلك الكلمات خالدة في سجل التاريخ ونبراسا مضيئا في مجال الأعمال الخيرية، التي عم فضلها داخل وخارج المملكة، واليوم السبت وأنجال سلطان الخير يعقدون اجتماع أمناء مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية، فإنهم يستذكرون على طاولة هذا الاجتماع قصة نجاح في عمل الخير صنعها رجل جبل على العطاء والخير طيلة حياته، وبقيت صنائعه بعد وفاته. صرح خيري وفي هذا السياق قال صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلطان بن عبدالعزيز أمين عام مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية ل«عكاظ»: إنه بفضل من الله ثم بدعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والأمير سلطان - رحمه الله - تمكن القائمون على هذا الصرح الخيري والعاملون فيه والمئات من المتطوعين المساندين لرسالته من بلورة العديد من الأهداف في واقع ملموس يعيشه ويستفيد من مخرجاته عشرات الآلاف من الأشخاص خارج وداخل المملكة، ويشرفني أن أضع بين أيادي المهتمين بالعمل الخيري ومسيرة التنمية في المملكة هذا الموجز عن أداء المؤسسة خلال العام المنصرم، رافعا تحية شكر وتقدير لكل من شارك في مساندة جهود المؤسسة وأسهم في تحقيق أهدافها. تطلعات المؤسس وتابع الأمير فيصل بن سلطان أن المنتمين إلى المؤسسة يسعون لمواكبة تطلعات المؤسس صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله، وخلال الفترة الماضية شهد أداء المؤسسة نقلات نوعية شملت كافة برامجها، ومنها المساهمة الفاعلة في بناء الإنسان عبر الاهتمام بدعم البحث العلمي والتعليم المتخصص والمنح البحثية، تطوير منظومة الرعاية الصحية في المملكة، تبني قضية الإعاقة والتصدي لأسبابها وتحجيم آثارها وتوفير رعاية متكاملة للمعوقين، إحداث نقلة في التنمية المجتمعية من خلال برنامج الإسكان الخيري، وتطوير مؤسسات العمل الخيري، ودعم الأبحاث والمؤتمرات والإصدارات العلمية، وتحديث الأنظمة والتشريعات ذات العلاقة بقطاعات إنسانية وخدمية وخيرية وتقديم المساعدات للأفراد، تسخير التقنية في مشروعات خدمية وتنموية، مساندة جهود الدولة في التواصل الحضاري، والعمل على تصحيح الصورة الذهنية عن المملكة والعالمين العربي والإسلامي. الرعاية الصحية تعد مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية المرتكز الرئيس لجهود المؤسسة في مجال تطوير الرعاية الصحية في المملكة، وقد تمكنت المدينة خلال العام الماضي من تعزيز مكانتها المحلية والإقليمية والعالمية كمركز تشخيصي وعلاجي وتأهيلي وتدريبي، وحققت المدينة أرقاما غير مسبوقة فيما يتعلق بأعداد المستفيدين من خدماتها، كما انفردت بتبني العديد من برامج التأهيل المبتكرة لتتوج بها منظومة خدماتها، وحققت المدينة الكثير من النجاحات الرائدة في مجال أعمالها منحتها العديد من الاعتمادات والجوائز الإقليمية والعالمية، ومع تضاعف أعداد المتطلعين لخدمات المدينة؛ تنامى دور الصندوق الخيري لمعالجة المرضى بالمدينة ليلبي احتياجات الحالات غير القادرة. وبالتوازي مع البرامج الخاصة للمؤسسة في مجال الرعاية الصحية تعددت المشروعات التي حظيت بدعم المؤسسة في هذا القطاع لتشمل مركز الأمير سلطان لعلاج وجراحة القلب بالخرج، ومركز التأهيل الشامل بحفر الباطن. كما تولت المؤسسة بناء عدد من مراكز الرعاية الصحية ضمن مشروع الإسكان الخيري وتوفير الدعم المادي والتقني لعدد من مراكز الرعاية الصحية الخاصة. بناء الإنسان انطلاقا من أهمية العلم والتعليم في بناء الإنسان، ولكونهما - كما رأى سمو المؤسس للمؤسسة (يرحمه الله) - «سببا للرقي في الدين والدنيا» أولت المؤسسة هذا المحور أولوية قصوى وتبنت برنامجا متكاملا تتعدد فروعه وأنشطته لتشمل: المنح الدراسية واصلت المؤسسة بالتعاون مع الجامعات المحلية والإقليمية والعالمية دورها في توفير الفرص التعليمية لأبناء وبنات الوطن من خلال اتفاقياتها مع عدد من الجامعات، مثل جامعة الخليج العربي بالبحرين، وكلية دار الحكمة بجدة، وجامعة الأمير سلطان بالرياض، وكلية إدارة الأعمال الأهلية بجدة، واستفاد من تلك البرامج والمنح الدراسية (630) طالبا وطالبة. دعم المؤسسات العلمية والتعليمية بعد النجاح المتميز الذي حققه مشروع المؤسسة الرائد، والمتمثل في مركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية (سايتك)، واصلت المؤسسة برنامجها في تحديث وتطوير المؤسسات العلمية والتعليمية القائمة، ومن ذلك ما تم تقديمه من دعم لجامعة الملك سعود وجامعة الأمير محمد بن فهد وجامعة الأمير فهد بن سلطان، وجامعة الأمير سلطان الأهلية، ونفقات إهداء جامعة العلوم والتقنية بالطائف، ومركز الأمير سلطان الثقافي بمحافظة المذنب، ومركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، ومشروع مركز خالد الفيصل لإعداد القيادات، وتبني إنشاء المكتبة المركزية للكتب الناطقة التابعة للأمانة العامة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم. الكراسي العلمية حقق برنامج المؤسسة للكراسي العلمية بالتعاون مع عدد من الجامعات المحلية وفي مقدمتها جامعة الملك سعود الكثير من أهدافه الوطنية، كما استفادت الجامعات التي وقعت معها المؤسسة اتفاقيات دعم كراس علمية من علاقة التعاون مع المؤسسة، حيث عملت جامعة الملك سعود بالرياض بالتعاون مع جامعة ميزوري للعلوم والتقنية بالولايات المتحدةالأمريكية على عقد شراكة تعليمية تشمل برامج للدراسات العليا والتبادل المعرفي ونقل التقنية ساهمت المؤسسة بفاعلية في تحقيقها. الأنشطة الثقافية لكي تكتمل منظومة اهتمام المؤسسة بمحور التنمية العلمية وبناء الإنسان، حققت المؤسسة حضورا فاعلا في مجال دعم الإصدارات العلمية وتبني إعداد وطباعة العديد من الإصدارات والأبحاث التي أثرت المكتبة العربية. التنمية الاجتماعية في إطار دور المؤسسة في مجال التنمية الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة شهد العام المنصرم خطوات ملموسة في العديد من البرامج والمشروعات ومنها: برنامج الإسكان الخيري وهو البرنامج الوطني الذي يستهدف إيجاد بيئة عمرانية حضارية مكتملة الخدمات والمرافق للفئات محدودة الدخل بما يسهم في إتاحة الفرصة لهم لخدمة أنفسهم ومن ثم المشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية، وقد تواصلت الأعمال الإنشائية في مشروعات البرنامج لتضيف نحو 300 وحدة جديدة ليصل عدد وحدات البرنامج حتى الآن إلى 1246 وحدة بتكلفة إجمالية تزيد على 385 مليون ريال. التنمية المستدامة بهدف تنمية وتطوير آليات العمل الخيري في المملكة وتعظيم دوره في تحقيق التنمية المستدامة وإيجاد آلية من التكامل والتنسيق بين جهات العمل الخيري تعظيما لدورها في خدمة المجتمع المحلي، ساهمت المؤسسة بتطوير أداء المجلس التنسيقي لأعمال المؤسسات الخيرية الذي كان قد تم تأسيسه من قبل المؤسسة وكل من مؤسسة الملك خالد الخيرية ومؤسسة العنود بنت عبدالعزيز بن مساعد الخيرية. تبني استراتيجية وطنية تبنت المؤسسة من خلال المجلس التنسيقي لأعمال المؤسسات الخيرية إعداد مشروع استراتيجية وطنية للتنمية الاجتماعية تتضمن عدة محاور حول آليات تطوير العمل الاجتماعي والخيري في المملكة، وتدريب الكفاءات البشرية العاملة في هذين المجالين، وتبادل الخبرات وتعضيدها، حيث تم رفعها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لتستثمرها في تحقيق هدف التنمية المستدامة وإيصالها إلى كافة مناطق المملكة، بما يواكب تطلعات حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في هذا الصدد. المسؤولية الاجتماعية تلبية لتوجيهات المؤسس رحمه الله بأن يكون للمؤسسة دور فاعل في دعم ومساندة الجهود الوطنية في مجال المسؤولية الاجتماعية، قامت المؤسسة بتفعيل فريق المسؤولية الذي كانت المؤسسة قد شكلته، حيث يضم في عضويته ممثلي العديد من الجهات والمؤسسات والشركات والغرف التجارية من مختلف مناطق المملكة ويعد بمثابة هيئة مرجعية استشارية تسهم في ترسيخ ثقافة المسؤولية الاجتماعية وقد ساهم الفريق خلال الفترة الماضية بترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية وطنيا ودعم ومساندة المؤتمرات والملتقيات الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية كما ساهم في تشجيع الغرف التجارية لتأسيس مجالس للمسؤولية الاجتماعية. الملتقيات والمؤتمرات شاركت المؤسسة في تنظيم العديد من المؤتمرات العلمية والملتقيات ومن ذلك المؤتمر الدولي الأول للزهايمر وملتقى المسؤولية الاجتماعية والملتقى العلمي الأول لمراكز التوحد في العالم العربي، وساهمت المؤسسة بفاعلية في تنظيم المؤتمر الدولي الثالث للإعاقة والتأهيل الذي عقد تحت رعاية سمو ولي العهد (يرحمه الله)، كما رعى سموه الكريم - رحمه الله - لقاء جمعية المؤسسين لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، إضافة إلى تنظيم المؤسسة بالتعاون مع وزارة الصحة الملتقى الأول للجمعيات الصحية الخيرية الذي حظي برعاية كريمة من سمو المؤسس (عليه رحمة الله)، ونظمت المؤسسة بالتعاون مع جامعة الملك سعود ورشة عمل دولية لتطوير أقسام التربية الخاصة بالمملكة شارك فيها خبراء محليون وعالميون متميزون، كما حضرها جميع رؤساء أقسام التربية الخاصة بالجامعات السعودية وعدد كبير من أساتذة أقسام التربية الخاصة بتلك الجامعات. المؤسسات الخيرية في إطار دور المؤسسة الداعم والراعي لأنشطة العمل الخيري، تبنت المؤسسة العديد من مشروعات العمل الخيري الناشئة وتحويل الفكرة الخيرية إلى منشأة خيرية متكاملة، ومن تلك الأفكار التي تحولت إلى منشآت خيرية فاعلة في خدمة المجتمع المحلي وكان للمؤسسة إسهام بارز في تأسيسها (الجمعية السعودية الخيرية لمرض الزهايمر)، و(مؤسسة حصة السديري الخيرية)، و(جمعية مودة الخيرية النسائية لقضايا الطلاق)، و(الجمعية السعودية للمحافظة على التراث)، ويتمثل ذلك الدعم في تقديم المشورة والمشاركة في إعداد هيكل المؤسسات التنظيمي ولوائحها وبرامجها، وتوفير الدعم والخبرة لها إضافة إلى تطوير الأنظمة والتشريعات الخاصة بها. قصص النجاح من قصص النجاح التي حققتها المؤسسة حكاية المريض فهد الجريسي الذي كان يعاني من شلل الأطفال بالجانب الأيمن من الجسم، كما أنه أصيب بجرح في قدمه اليمنى حيث التهبت، وأدى ذلك إلى خضوعه لسلسلة من عمليات البتر لساقه اليمنى أسفل الركبة منذ حوالي تسعة أشهر، وعند الدخول للتنويم كان على كرسي متحرك وكان يعتمد كليا على الشخص المرافق له، وبعد خضوعه للتأهيل، أظهر فهد تحسنا كبيرا في العديد من الجوانب، حيث أصبح الآن قادرا على المشي بشكل مستقل وآمن من دون أية مساعدة لمسافة أكثر من 150 قدما وعلى الأسطح المختلفة مستخدما عصا واحدة لأغراض السلامة فقط.