صدم الشعب الأمريكي ليلة الخميس الماضي ولازال مذهولا من حادث اقتحام شاب يدعى جيمس هولمز لإحدى قاعات السينما في ولاية كولورادو أثناء العرض الافتتاحي لفيلم الرجل الوطواط الجديد حيث أطلق هولمز النار بصورة عشوائية على المتفرجين مما أدى إلى وفاة اثني عشر شخصا وإصابة ثمانية وخمسين آخرين بجراح مختلفة. جيمس هولمز هذا، وعمره 24 عاما، كان طالبا متفوقا تخرج بدرجة الشرف من جامعة كاليفورنيا مكان إقامة عائلته ثم التحق بقسم الدراسات العليا في علم الأعصاب بجامعة كولورادو قرب مكان الحادث. انسحب هولمز من دراسته دون إبداء سبب واضح قبل فترة قصيرة من قيامه بجريمته البشعة. الغريب أنه تمكن من شراء عدة أنواع من الأسلحة الفتاكة بواسطة الشبكة العنكبوتية تشمل رشاشات أوتوماتيكية وستة آلاف طلقة نارية وغير ذلك، كما جهز نفسه جيدا بملابس مضادة للرصاص وقناع واق من الغازات السامة مشتراة بالبريد الإلكتروني. عندما اقتحم هولمز قاعة السينما وأطلق غازا مسيلا للدموع ظن المتفرجون أن الموضوع لا يعدو كونه مزحة لخلق جو من الإثارة بمناسبة عرض الفيلم الجديد. إلا أنه سرعان ما تبين لهم جدية الهجوم عندما انهمرت عليهم النيران وأردتهم بين قتيل وجريح. استجابت الشرطة لنداءات الاستغاثة خلال تسعين ثانية وألقت القبض على الجاني الذي استسلم فورا بعد أن خلف ذلك العدد الكبير من الضحايا في أكبر حادث من نوعه في أمريكا. قال هولمز للشرطة إنه هو «الجوكر» مشيرا إلى الشخصية الإجرامية في فيلم الوطواط. فوق ذلك اعترف للشرطة أنه لغم شقته بالمتفجرات. وفعلا تبين صحة كلامه حيث وجدت الشرطة ثلاثين لغما مختلفا استغرق إبطالها أو تفجيرها يومين من العمل الحذر قبل أن تتمكن الشرطة من دخول الشقة بسلام، وكان من الممكن وقوع ضحايا آخرين كثيرين بين أفراد الشرطة أو بين جيرانه في البناية. التغطية الإعلامية للحادث كانت كثيفة ومستمرة. وقد أظهرت استغراب الكثيرين، بل اشمئزازهم من سهولة حصول هولمز، بطريقة قانونية وعادية، على كل تلك الأسلحة والمتفجرات، مع أنه تأكد في النقاشات أن ذلك يتمشى مع القانون الأمريكي الذي يجيز للمواطنين شراء الأسلحة بالبريد والاحتفاظ بها. ولم يجزم أحد بأن هناك أغلبية كافية حاليا لتعديل هذا القانون الذي تدعمه بقوة الجمعية الوطنية للبندقية، وإن علت بعض الأصوات مطالبة بإعادة النظر في تقييد بعض بنود هذا القانون.. الناحية الأخرى المستغربة في حادث السينما هو عدم وجود أي دافع لهولمز لقتل هذا العدد الكبير من أشخاص من العامة لا تربطه بهم أي صلة سابقة. ويبدو أن هذا الجانب سيظل لغزا كبيرا رغم أنه ستكون هناك محاولات كبيرة لتحليل شخصية هولمز بتعمق كبير خلال فترة محاكمته. أما تعليل تصرفه بأنه نتيجة تأثره بالعنف الموجود بالفيلم فلا يتماشى مع نضجه وذكائه العالي ولا مع سيرته السابقة التي لا تبين إصابته بأي مرض نفسي أو عصبي. اتفق المحللون أن التغطية الإعلامية يجب أن تتركز على الضحايا بدلا من المجرم الذي لا يستحق أن تبنى حوله هالة إعلامية تضخم من حجمه أكثر من اللزوم. ومع ذلك لم يكن من الممكن إخفاء الشعور بالكراهية الشديدة والرغبة في الانتقام من هذا الشخص الذي دمر حياة الكثيرين من الأبرياء وعائلاتهم وأصدقائهم، بل نزل كالكابوس الثقيل على سكان ضاحية آمنة، وزرع الذعر والقلق في قلوب كل الأمريكيين وغيرهم. بالنسبة لي، حمدت الله أن ذلك المجرم لم يكن عربيا ولا مسلما حيث لا يحتاج العرب أو المسلمون في أمريكا إلى ما يزيد الشعور بالكراهية ضدهم .. وقانا الله من شطحات النفس البشرية وشرورها التي تستعصي على الفهم. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة