تدور عجلة الزمن بسرعة مذهلة ترتجف منها القلوب الحية، ذلك أن المسلم يكاد يطيش عقله عندما يقف مع نفسه محاسبا: ماذا قدم فيما انقضى من أيام عمره ولياليه؟ ويزداد خوفا وفرقا عندما يستحضر ما رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك). فيا الله ما أقصر الأعمار. تبلغ الستين أو السبعين أو الثمانين أو المئة، ثم تنتهي من الدنيا وتنتقل إلى الآخرة، وهذا إن لم تتخطفك المنون في سن الشباب أو الكهولة. لكن عزاء المسلمين أن لهم ربا لطيفا رحيما، عوضهم بقصر أعمارهم ما يدركون به أعمال المعمرين مئات السنين، وذلك بمضاعفة الأجور والحسنات بحسب شرف الأزمنة والأمكنة ومواسم الطاعات. ومن ذلك ما أنعم الله به على عباده بفضيلة شهر الصيام ففيه مضاعفة للحسنات، وتكفير للسيئات، وإقالة للعثرات؛ فلذلك والذي قبله أحببت التذكير مع قدومه بهذه الوقفات: الوقفة الأولى (وقفة محاسبة): يجب على كل مسلم أن يأخذ العبرة من سرعة تصرم الأيام والليالي فيقف مع نفسه محاسبا، حسابا يدفعه إلى العمل الصالح وهجر الذنوب والمعاصي. الوقفة الثانية (التوبة التوبة): المسلم ليس معصوما عن الخطأ، فهو عرضة للوقوع في الذنوب والآثام، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وبين أنه من طبع البشر وبين علاجه فقال: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون). الوقفة الثالثة: (رمضان فرصة لتطهير القلوب وتصفية النفوس وتزكيتها والسمو بها إلى المعالي). الوقفة الرابعة (ذكرياتنا الخالدة في رمضان): عندما نذكر تأريخنا في رمضان فإننا نذكر تأريخا مشرفا وأمجادا تليدة، نذكر نصرا وفخرا، عزة وشموخا نذكر بطولات حققها الأخيار. فنفخر بغزوة بدر الكبرى وفتح مكة، ونعتز بفتح عمورية ونخوة المعتصم، ونذكر فتح الأندلس ونتشرف بذكر انتصارات صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين بعد موقعة حطين الشهيرة وتحرير بيت المقدس من قبضتهم. سعود بن سعد السبيعي