تدور عجلة الأيام بسرعة مذهلة وتتعاقب الشهور وكأنها أيام إنها حالة يرتجف منها القلب الحي المؤمن ويطيش منها عقل المسلم عندما يقف محاسبا لنفسه ماذا قدم في ماضي أيامه وماذا فعل من خطايا مع هذا التسارع الكبير في عمر الإنسان المسلم الذي هو مابين الستين والسبعين وقليل من يتجاوزها هذا ان لم تخطفه المنون في سن الشباب اذاً لابد من وقفة مع تصرم الأيام والليالي بهذه السرعة وأخذ العبرة لمحاسبة النفس على ما قدمت من خطايا وتقصير وتفريط في العبادات ولعل هذ الوقفة تكون دافعا لأعمال الخير والطاعات. إن كل لحظة تمر تباعدنا عن الدنيا وتقربنا من الموت حيث لا رجعة ولا فرصة للعمل الصالح : نسير إلى الآجال في كل لحظة وأعمارنا تطوى وهن مراحل ترحل من الدنيا بزاد من التقى فعمرك أيام وهن قلائل وما هذه الأيام إلا مراحل يحث بها حاد إلى الموت قاصد وأعجب شيء لو تأملت أنها منازل تطوى والمسافر قاعد ومع إطلالة هذا الشهر الكريم شهر الخير والطاعات ومحاسبة النفس نستلهم العبر فكم من جسد أضجع في اللحد تمنى أن يبلغه الله هذا الشهر وكم من حي يمر عليه هذا الشهر وقد حمل نفسه بالذنوب والخطايا. فحري بالمؤمن العاقل أن يستقبل هذا الشهر خير استقبال وان يغتنم أيامه ولياليه لزيادة رصيده من الحسنات وانقاص ما تراكم عليه من الخطايا انه شهر المغفرة كم وعد الله به المؤمن الذي يحسن صومه بالعبادة والصدقة وصلة الرحم والدعوة إلى الخير والتسامح ونبذ الخلافات : رمضانُ أقبلَ يا أُولي الألبابِ فاستَقْبلوه بعدَ طولِ غيابِ عامٌ مضى من عمْرِنا في غفْلةٍ فَتَنَبَّهوا فالعمرُ ظلُّ سَحابِ وتَهيّؤوا لِتَصَبُّرٍ ومشقَّةٍ فأجورُ من صَبَروا بغير حسابِ اللهُ يَجزي الصائمينَ لأنهم مِنْ أَجلِهِ سَخِروا بكلِّ صعابِ لا يَدخلُ الريَّانَ إلا صائمٌ أَكْرِمْ ببابِ الصْومِ في الأبوابِ