على بعد أمتار من المسجد الحرام ، وتحديدا في سوق المنشية الواقع بين شارع إبراهيم الخليل والقلعة يتسابق المعتمرون لقضاء حوائجهم وشراء ملابس بيضاء مع إطلالة شهر رمضان المبارك، حيث يشاع معتقد لدى أغلب المعتمرين أنه من الأفضل ارتداء الثياب البيضاء في العشر الأولى من رمضان ما يدفعهم للبحث عن ملابس زاهية البياض حتى وإن كانت ملبوسة أو مات أصحابها. وفي ذلك السوق المكتظ بالمارة من المتسوقين يقف الشاب خالد مليباري ، أمام بسطته العشوائية عارضا بضاعته من الثياب البيضاء ، حيث يحرص المعتمرون في مثل هذه الأيام على شراء ثياب بيضاء يستقبلون فيها شهر رمضان المبارك . هذا السوق الممتد على طول شارع المنشية في المنطقة المركزية يعرض كما كبيرا من الملابس المستعملة يقصدها الكثير من المعتمرين وهو سوق يغذى بملابس متبرع بها من المحسنين وأهالي ذوي الموتى في مكةالمكرمة، ليتلقفها الأفارقة، محولينها إلى بضاعة تجارية في سوق رائجة، إذ يصبح السوق منذ الساعات الأولى من الصباح مقصدا للمتاجرين بملابس الصدقات التي عادة ما يحملونها من أحياء مكةالمكرمة، وخاصة الراقية، حيث يتقاسم الأفارقة من الجنسين فضاءات المواقع. تجارة الملابس المستعملة كشفت أن ثمة حلقات متسلسلة لبروز هذا المشهد المؤلم، وهي أن التجارة تبدأ من قيام زوجات وبنات الأفارقة بالتجول في الأحياء وخاصة الراقية؛ للبحث عن ملابس تستجدى من الأسر بحجة ارتدائها، وبعد أن يتم جمع أكبر عدد، يتحولن إلى بائعات لتلك الملابس في سوق «عشوائي»، لا سيما وأنها لم تكلفهن ثمنا بل إنها «صدقة»، وكثيرا ما تكون من بين الملبوسات عباءات وأغطية وثياب وملابس نسائية وشالات من ماركات عالمية. وذكر رئيس اللجنة الوطنية لرعاية أسر السجناء تراحم والمتخصص في العمل الخيري يحيى الكناني أنه لا يوجد حل للخروج من هذا المأزق في ضمان وصول ملابس المحسنين إلى مستحقيها، إلا من خلال تنفيذ مشروع مركز استقبال هذه الملابس عن طريق تخصيص هاتف خاص لاستقبال البلاغات، وتوفير عمالة لغسيل وتعقيم وكوي ما يرد من ملابس، ووضعها داخل أكياس شفافة تبرز مقاسها ولونها داخل معرض ثابت تخصص فيه غرفة للقياس، وتصرف للجهات المستفيدة وفق قاعدة بيانات تتأكد من مرور الحالات على البحث الاجتماعي بطريقة حاسوبية، مشيرا إلى أن هناك تجربة نفذت قبل 3 سنوات داخل جهة خيرية تمخض عنها صرف 28792 قطعة ملابس، واستفادت منها 1500 أسرة بمكةالمكرمة، وتوقف 20 فستانا للزفاف عالية الجودة على زوجات محتاجات تزوجن بشباب فقراء. وحذرت بحوث طبية متخصصة في الأمراض الجلدية من خطورة توسع ظاهرة شراء الملابس المستعملة لما ينتج عنها من انتقال أمراض جلدية وسوء تركز الميكروبات مثل الطفح الجلدي والجرب والحساسية وليس من المجدي تعقيمها لتلافي ذلك.