«أصبحت اليوم واحدا منكم، وإني لأسأل الله جلت قدرته أن يمدني بالعون، والسداد، وأن أكون على مستوى المسؤولية التي حملت إياها، ولا يكون ذلك إلا بتكاتفنا جميعا لتقديم أفضل عطاء، نتمكن من خلاله خدمة ديننا، ووطننا، ومليكنا، والسعي بفاعلية لتمثيل السياسة السعودية خير تمثيل». هذه الكلمات كانت بمثابة خارطة طريق للأمير عبدالعزيز بن عبدالله نائب وزير الخارجية بعد تعيينه بأمر ملكي في هذا المنصب قبل عام. بعد مرور عام على تعيين الأمير عبدالعزيز بن عبدالله في منصب نائب وزير الخارجية، فإن ثمة نقلات نوعية حققتها الدبلوماسية السعودية الهادئة في عالم مضطرب . بدا الأمير عبدالعزيز شفافا ومحاورا محترفا في حديثه، حين قال: «إن رحابة صدري تتسع لكل رأي. فلا خير فيمن يعتد برأيه ويهمش الآخر».. ومن هذا المنطلق شرع الأمير عبدالعزيز في بلورة السياسة الخارجية بدعم وتوجيه سمو الأمير سعود الفيصل الذي رشحه لهذا المنصب، ووفق توجهيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإبزار مفاصل السياسة السعودية الداعمة للحقوق العربية المشروعة، وقضايا الأمة في المحافل الإقليمية والعالمية في هذا العالم . وطوال العام الماضي ظل سموه متحركا ومحركا للدبلوماسية السعودية بعيدا عن الأضواء الإعلامية. يعمل بصمت لإبراز السياسة السعودية الخارجية تارة في جنوب العالم، وتارة أخرى في شرقه..يدافع عن حقوق الأمة والشعوب حاملا راية المملكة رائدة الأمن والسلم العالمي. وفي جولاته الخارجية ركز على دعم العدل والسلام، والتصدي لاستخدام الدين لتبرير الاضطهاد والعنف والصراع والإقصاء، وأبرز تطلعات المملكة لكي يسود الأمن والسلام التفاهم والحوار القائم على الاحترام المتبادل بين الشعوب والحضارات كافة. كما أن جولته في القارة الأفريقية الموسعة أرسلت رسالة هامة مفادها أن المملكة حريصة على تعزيز علاقاتها مع القارة الأفريقية باعتبارها عمقا هاما. ولم يغفل سموه الشأن السوري باعتبار أن المملكة وقفت مع الشعب السوري الذي يواجه آلة القتل والتدمير وجاء الخطاب الذي ألقاه في مؤتمر أصدقاء سورية في باريس بمثابة خارطة طريق لحل الأزمة. والأمير عبدالعزيز ليس معنيا بالشأن السياسي والدبلوماسية السعودية. ولكنه يحمل الهم الثقافي وإلانساني بجوانبه العالمية. ولعل المتتبع لأحاديثه ودعواته التي كان يطلقها في مناسبات دولية تعكس عمق هذا الهم واستوطانه لتفكيره ومناشطه المختلفة. و اهتمامه بهذا الجانب هو استحقاق ثقافي يعكس حرصه على التنوع الثقافي والإنساني والحياتي المعرفي. فضلا عن كونه امتدادا للنجاحات التي حققها الأمير الشاب في العديد من المهام المختلفة في إدارة بعض الملفات في السياسة الخارجية مثل ملف لبنان، وسورية. ولعل اهتمامه بجائزة خادم الحرمين العالمية للترجمة باعتباره رئيسا لمجلس أمناء الجائزة يجسد هذا الاهتمام حيث حققت الجائزة نجاحات كبيرة، وأصبحت في مصاف الجوائز العالمية، وأبرزت الحاجة الحقيقية لتفعيل آليات التواصل المعرفي بين الدول والشعوب، ورغبة المجتمع الدولي لتعزيز جهود التقارب بين الثقافات، وإغلاق الباب أمام دعاوى الصراع والصدام بين الثقافات واتباع الأديان، والتي طالما كانت سببا في التطرف والإرهاب ورفض الآخر. إن الفكر الذي يحمله الأمير عبدالعزيز بن عبدالله، هو قمة التوازن بين روح العمل الدبلوماسي، والشغف الثقافي المعرفي الذي طالما تعلمه من حكيم الأمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز.