حكاية الطفلة الأفغانية راضية التي نشرتها الصحف قبل بضعة أسابيع لاتزال عالقة بذهني. هذه الفتاة المسكينة كانت في سن التاسعة تساعد أمها في بيع الملابس بجوار الحرم النبوي الشريف عندما استدرجتها سيدة وافدة من إحدى الدول العربية المجاورة إلى العمارة التي تقطنها حيث تعاونت هذه السيدة مع أخيها على ارتكاب جريمة بشعة تتمثل في حبس تلك الفتاة لمدة ثلاث سنوات ونصف وتعذيبها واغتصابها من قبل الأخ المجرم إلى أن كتب الله لها النجاة حين قرر الجانيان السفر بها إلى بلادهما وانكشف أمرهما عندما استغاثت راضية برجال الأمن في المطار حيث انتهى الأمر إلى إلقاء القبض على الجانيين ومحاكمتهما ثم تنفيذ عقوبة القصاص بهما. الحقيقة أن هذه القصة تثير الدهشة والرعب لا لأنها فريدة من نوعها فحوادث الاختطاف والقتل خاصة للأطفال كثيرة ولكن لطول فترة الاختطاف في مكان مزدحم بالناس الأفاضل من زوار مسجد الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ولعدم إثارة الشكوك حول الجاني الذي كان يتظاهر بالورع. ومع ذلك لا بد أن نتساءل: هل تم الإعلان عنها بصورة كافية؟، ألم تصدر من الطفلة أية أصوات بالاستغاثة يسمعها أحد خلال فترة احتجازها؟ ألم تكن هناك أية تصرفات من الجناة تثير استغراب الجيران؟، تقودنا القصة إلى خطورة مزاولة الأطفال الصغار العمل في الشارع والتعامل مع الأغراب تحت أية ظروف وخاصة في غياب الرقابة والإشراف المستمرين وذلك بسبب سهولة خداعهم أو إغرائهم وتضليلهم. راضية كانت تعيش مع عائلتها، ومع ذلك لم يساعد ذلك على الإمساك بخيوط الجريمة فماذا لو كانت تعيش بعيدة عنهم كما قد يكون الحال مع غيرها من أطفال الشوارع؟، كم هي قاسية ظروف الحياة تلك التي تجبر الصغار السذج إلى التعرض لأخطار تفوق قدرتهم على التعامل معها بالحذر المطلوب. ما هي قوانين العمل العالمية التي تحكم عمل الأطفال، ومن المسؤول عن تطبيقها عندنا، وكيف تنطبق هذه القوانين على هؤلاء الصغار الذين يكدحون بسبب ظروف عائلية قاهرة تجبرهم على البحث عن لقمة العيش لهم ولأهلهم بأي طريقة للبقاء على قيد الحياة؟، ماذا عن غيرهم ممن يقعون ضحية استغلال عصابات منظمة تجبرهم على العمل بعيدا عن عوائلهم لتكسب من ورائهم دون أدنى رأفة بحالهم. ما مدى انتشار هذه العصابات في مجتمعنا؟، وهل تندرج ممارساتها تحت جرائم استعباد البشر والاتجار بهم العالمية؟، هل هناك من يتصدى لها أو من يحاول إلقاء العقوبات المستحقة على أفرادها؟، حكاية أخرى تعلق بذهني، كتب عنها بأسلوبه المعبر الزميل الدكتور فؤاد عزب في هذه الصفحة وهي عن الطفلة التي كانت تتسول عند إشارة شارع حراء بجدة إلى أن راحت ضحية حادثة مرورية مؤلمة. أتذكر تلك الطفلة كلما رأيت مثيلاتها من الأطفال ينتشرون بين السيارات ولا يكادون من صغرهم يظهرون إلا بصعوبة. كم تتكرر مثل تلك الحادثة وما أسهل أن تتكرر. لماذا تلاشت جهود الجمعيات الخيرية التي حاولت التصدي لظاهرة أطفال الشوارع ورفعت يدها بسرعة عن الموضوع؟، من واجبنا أن نكرر السؤال ونحن نرى هؤلاء الأطفال في مدننا وشوارعنا صباح مساء: من المسؤول عن حمايتهم ؟. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة