الكل يريد أن يتكلم ويقول رأيه في كل الأمور، ولهذا هناك فيض لا متناهٍ من برامج الكلام واتصالات الجمهور والمزيد منها على تويتر وفيسبوك والمنتديات، والسؤال هو: كم من هؤلاء المتحمسين لإبداء آرائهم بل وفرضها على الآخرين في كل القضايا قرأ كتابا منذ إنهائه للدراسة؟ كم كان سيكون من المفيد سماع كل هذا القدر من الآراء لو كانت آراء مثقفة لأشخاص يقرؤون أحدث الكتب التي يمكن الحصول عليها بالمجان من الانترنت، لكن الناس يضيعون أوقاتهم في مهاترات الجدل العقيم حول قضايا ليس لديهم معرفة حقيقية عنها، والنتيجة ظواهر مثل من يتوهم أنه يدافع عن الإسلام بقيامه بالسطو على حواسيب من يخالفه في الرأي وسرقة صور زوجاتهم وأمهاتهم وتهديدهم بنشرها إن لم يتراجعوا عن آرائهم، فهذا ما يحدث عندما يدخل المفلسون من المعرفة والفكر معترك الجدل الفكري والمعرفي، فهم ليس لديهم المادة المعرفية والفكرية التي يمكنهم بها مجادلة الآخرين ولهذا يلجؤون لطرق العصابات الإجرامية المحرمة من سطو واعتداء على الأعراض وابتزاز، والطامة الكبرى أنهم يفعلونها باسم الإسلام. ثم يمكنك أن تعلم أنك إنسان مهذب بحق عندما تقرأ تعليقات المعلقين العرب في المواقع ولا تفهم ثلاثة أرباعها لأنها عبارة عن سباب مقذع ويكون باسم الدفاع عن الدين!. ومع ذلك أنا احترم الرأي العام للناس فالنبي عليه الصلاة والسلام قال إن الأمة لا تجتمع على ضلالة. والشعوب المعاصرة لا يصح إطلاق لفظ العوام القديم عليهم الذي يتضمن وصم الناس بالجهل والغوغائية لأن غالبهم متعلم ومتحضر لكنهم غير مثقفين في القضايا المعرفية والفكرية المثيرة للجدل والثقافة العامة الاجتماعية السائدة لا تتضمن أنماط التعامل الإيجابي البناء مع الاختلاف والمختلفين. [email protected]