لا شك في أن الأحكام الغيابية في القضاء وتفعيلها يحمل معه تكريسا لهيبة القضاء والتقاضي. ومن هنا فإن النصوص الواردة في نظام المرافعات الشرعية التي نصت فيها المادة «55» على أنه إذا غاب المدعى عليه عن الجلسة فيؤجل النظر في القضية إلى جلسة لاحقة يبلغ بها المدعى عليه فإن غاب عن هذه الجلسة أو جلسة أخرى دون عذر تقبله فتحكم المحكمة في القضية وبعد حكمها في حق المدعى عليه غيابيا ما لم يكن غيابه بعد قفل باب المرافعة في القضية فيعد الحكم حضوريا. صحيح أن هذه المادة تتضمن شيئا من الحسم لكن الإشكالية التي لم تجد علاجا بعد هو التبليغ للمدعى عليه وهي عين المشكلة حيث إن كثيرا من المدعى عليهم يراوغون ويماطلون في عدم استلام التبليغ وعدم وجود مكان إقامة معلوم للجميع. ولذلك حين اطلعت على تعقيب إحدى الجهات الحكومية على مقال للزميل خالد السليمان في ما يتعلق بمراوغة البعض في الحضور لمواعيد الجلسات أكدت الجهة أن النص واضح في تفعيل الحكم الغيابي لكن ذلك في نظري لن يتم ما لم تقم الجهات بتفعيل دور المبلغين ومحضري الخصوم وزيادة أعدادهم وتعزيز مجهودهم لأن ذلك هو الأهم وعلى محضري الخصوم مسؤولية في ذلك عن طريق كتابة المحضر من قبله وإحضاره لفضيلة القاضي الذي عليه أن يكتفي بالمحضر المعد ويباشر نظر القضية استنادا إلى ذلك إضافة إلى دور آخر وهو متعين على الجهات الحكومية التي مع الأسف لا تقوم بدور متعاون مع الجهات القضائية وذلك بالتأكيد على الأفراد من الموظفين بضرورة استلام التبليغ المقدم من قبل الجهة القضائية التي على الجميع أن يحترم طلبها. كذلك تحديث العناوين بالنسبة لعموم الأفراد عن طريق الحاسب الآلي في الجهات ذات العلاقة مثل وزارة الداخلية والسجل المدني وكذلك القطاع الخاص الذي عليه أن يمارس ذات الدور المناط بالجهات الحكومية وخصوصا رجال الأعمال والعاملين في القطاع الخاص عن طريق وزارة التجارة والطرق التجارية. كما أن الإعلانات الصحافية التي لجأ إليها بعض القضاة في حال عدم معرفة المدعي بعنوان المدعى عليه هو عمل صحيح يتوافق تماما مع هيبة القضاء ومكانته التي ينبغي للجميع أن يذعن لها ومتوافقة مع نصوص النظام. وهو صورة من صور الحزم القضائي الذي يتعين على الجميع إدراكه ومراعاته. ولا شك أن مثل هذه المعاناة يتكبدها بعض المدعين ضد خصومهم المختفين أو أولئك الذين يتهربون من التبليغ ويحاولون الالتفاف على ما ورد في نص النظام. ومن مآسي هذه الواقعة وما يتعلق بالتنفيذ وهو أن الحكم الصادر غيابيا للمدعى عليه له الحق في الاعتراض بعد تبليغه بالحكم الصادر. والنظام في حقيقته لم يعالج هذه الإشكالية فإذا كان المدعي قد تخلص من عقبة التبليغ عن طريق الإعلان في الصحف فإن الإشكالية تعود عند جهات التنفيذ التي تلزم المدعي المحكوم له أن يبلغ الخصم بالحكم ثم يعترض وهنا الحكم لا قيمة له في ظل هذه العقبة الكؤود فكيف يتم تبليغه بالحكم والحكم أصلا غيابي.. كما أن على القضاة أن يمارسوا دورهم في العمل بكافة الحجج النظامية ومنها إيقاف خدمات المدعى عليه فور تأخره وتلاعبه بمواعيد الجلسات. التقاضي لدينا وخصوصا فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام الغيابية مرتبط بالجهات التنفيذية الأخرى التي لازال بعض أفرادها يجهل الكثير من الأنظمة الصادرة وليس لديه الاستعداد اللازم لممارسة دور الجهة في الحزم لتنفيذ الأحكام الصادرة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 253 مسافة ثم الرسالة