لم يعد التسول وقفا على موقع محدد أو زمن بعينه، بل أصبح يدار من قبل ممارسيه في مختلف المواسم، ولكل أسلوبه، فمع كل موسم جديد يلجأ المتسولون إلى حيل جديدة لاستدرار الناس وإبعاد الشبهات عنهم، فهناك من يدعي أنه غريب عن المنطقة، وفَقَدَ كل ما يملك ويريد المال للعودة من حيث أتى، فيما يدعي آخر أنه مصاب بأمراض خبيثة ومستعصية، ويحمل وصفات لعلاجها، وفئة ثالثة تدعي فقد أهلها في الحروب، فضلا عن حيل أخرى يربطونها بالإعاقة الجسدية. وفي كل مرة يأتي المتسولون بطريقة جديدة لاستجداء الناس .. يحاولون من خلالها كسب تعاطفهم واستمالتهم ليدفعوا لهم ما يريدون من مبالغ مالية. هذه المرة وعلى كورنيش جدة .. انتشر عدد كبير من الأطفال المتسولين من إحدى الدول العربية المجاورة وهم يحملون معهم أوراقا يستجدون من خلالها السياح ليدفعوا لهم ما يسد رمقهم ويكفي احتياجهم، متنقلين من أسرة إلى أخرى رافضين الحديث ومكتفين بطلب قراءة الورقة التي تشرح معاناة أسرهم مع الفقر. أحمد الغامدي ابتسم وهو يقرأ ورقة دسها طفل متسول بين يديه، وقال معلقا على ذلك: «في الحقيقة لم أرغب في مساعدته لأنني بذلك أشجع على ممارسة هذه المهنة الغريبة حتى لا تنتشر بشكل كبير، ولكن أطفالي أصروا على مساعدته فرضخت لهم». ويضيف الغامدي الذي قدم من العاصمة الرياض لقضاء وقت من إجازته في جدة: «هؤلاء المتسولون منتشرون في جدة بشكل لافت، ففي كل موقع تجد لهم أثرا سواء في المساجد أو في المستشفيات أو في الطرقات ولابد للجهات المعنية بمكافحة التسول أن تعمل بشكل جدي حتى تقضي على هذه الظاهرة». حولنا التحدث مع الطفل وهو من جنسية عربية، ولكنه رفض الحديث مفضلا الاكتفاء بالورقة، حاول أن يتهرب من الإجابات وكأنه لا يسمع ومع الإصرار على الأسئلة ترك الورقة وهرب إلى أسرة أخرى لعل وعسى أن يجد من يعطي دون أسئلة.