كانت الآمال كبيرة عند (م. س) لتحقيق أحلامه التي بدأ منذ صغره يرسم تفاصيلها، ويمني نفسه بتحقيقها، منهجه في ذلك أنها نقطة البداية في انطلاقة حياته، وقد سعى لها بعزيمة واقتدار، وهو على قناعة أنه سيصل يوما ما لغايته وتحقيق أحلامه وطموحاته مهما كانت الظروف والعوائق لا يوقفه في ذلك شيء، إلا أنه دائما ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، والأقدار التي يسطرها الخالق سبحانه وتعالى وهي التي تقول كلمتها و(م. س) مؤمن بأنه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره، وهو موقن بأن ما اصابه من عند الله وهذا ما خفف عليه مصابه الجلل. انقلبت السيارة وتقول الحكاية إنه وذات مساء كان (م. س) الذي يعمل في مستشفى بالعاصمة الرياض، عائدا إلى منزله بعد إيصال زوجته المريضة إلى المستشفى الذي يعمل فيه، وهناك قرر الأطباء تنويمها فانتظر إلى أن اطمأن عليها وخرج من المستشفى صوب منزل أهل زوجته لأخذ ابنائه الصغار وفي الطريق انقلبت به السيارة فنتج عن ذلك إصابته بشلل نصفي افقده القدرة على تحريك نصفه السفلي، فقضى مدة تزيد على العام ونصف العام متنقلا بين المستشفيات بحثا عن العلاج. ضاعت الأحلام يقول (م. س) وهو من احدى قرى منطقة عسير في حديثه ل«عكاظ» والذي زارته في منزل أخيه القديم حيث لم يجد له ولزوجته وأطفاله مسكنا، فطلب منه أخوه البقاء معه في منزله حتى يتم إيجاد سكن كريم يؤويه وأسرته، وبعد أن كانت أحلام (م. س) كبيرة ويعمل على تحقيقها بكل تفاصيلها، إلا أن الأقدار لم تمهله، فحولته من شاب ممتلئ بالنشاط والطاقة إلى حطام شاب لا يستطيع أن يقدم لنفسه الخدمات الجسدية حتى البسيطة منها، وهو دائما ما ينظر إلى هذه المفارقة بتعجب، مفارقة ملأت قلبه حزنا، بعد أن أصبحت كل أحلامه أن يجد المكان الذي يحقق له حلم الشفاء والمنزل الذي يؤويه مع أطفاله الصغار، حيث لم يجد بينها من يعطيه فارجة أمل للعلاج، مناشدا وزير الصحة لعلاجه في الخارج، فقد اجمع الكل على أن علاجه يصعب داخل المملكة ويحتاج إلى العلاج في إحدى الدول المتقدمة طبيا فيما يتعلق بإصابات الحبل الشوكي، وفي الوقت ذاته يعتصر ألما في داخله على زوجته وأطفاله الذين ضاقت بهم الحيل ولم يبق لهم ما يقتاتون به. اللهم لك الحمد ومع ذلك، فإن جملة «اللهم لك الحمد حتى ترضى» لم تفارق شفتيه، يقول (م. س) إن ما زاد معاناته هو قلة ذات اليد فلم يبق له ولأسرته إلا ما يقتاتون به من الشؤون الاجتماعية والذي لا يكفى لأبسط مقومات الحياة. واستطرد (م. س) بعد أن صمت برهة «لم تغب أحلامي عن ذهني لحظة، حيث أصبحت كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، ولم يبق منها إلا أن أكمل بيتي الصغير، حيث توقفت المؤسسة التي قامت بعمل أساساته عن الاستمرار، بسبب عدم دفع المتأخرات التي تكفي لعمل مسكن بسيط يؤويني وأسرتي، فالمنزل الذي أقيم فيه مع شقيقي لا يتجاوز ثلاث غرف صغيرة، إضافة إلى رفض شركة الكهرباء إيصال التيار للمنزل بحجة عدم وجود صك تملك للأرض التي تم الإنشاء عليها، علما انه بني على ارض يملكها والدي الذي توارثها أبا عن جد منذ أكثر من 120 سنة». زوجة صالحة وقال (م.س): احتاج إلى الكهرباء للأجهزة الكهربائية الطبية كالعربة المتحركة وجهاز التنفس والسرير الكهربائي الذي يحتوي على جهاز تهوية لتخفيف التقرحات الجلدية، ويستحيل أن تعمل تلك الأجهزة إلا بتيار كهربائي. ولم ينس (م. س) الدعاء لزوجته عندما سألته عمن يقوم بنقله من فراشه إلى عربته أو خلافه وتبديل ملابسه، مشيرا إلى أن زوجته من الصالحات كونها تعتني به ليل نهار لم تكل ولم تمل. وأضاف: في كل صلاة أدعو لها، مشيرا إلى أن زوجته بسبب حمله من الكرسي إلى السرير وتحريكه المستمر، أصيبت بآلام في ظهرها ما جعلها عاجزة عن القيام ببعض الأمور، ما أجبره على التقدم لشؤون الاستقدام لجلب خادمة، إلا أنه فوجئ بطلبهم تسديد الرسوم، حيث أفاده الموظف أنه لن يتم إعفاؤه منها رغم إعاقته.