لم يدر في خلدي أنه سيكون العشاء الأخير أو ستكون اللحظات الأخيرة التي ستجمعني بزوجتي وأبنائي الخمسة، لقد كانت ليلة استثنائية فقدت إثرها كل شيء.. هكذا بدأ الأب المكلوم أحمد حسن العجيبي من محافظة صبيا في منطقة جازان وهو يعيد سرد تفاصيل قصة فقدانه لزوجته الحامل وخمسة من أبنائه في حريق شب في شقتهم نتيجة تماس كهربائي في جهاز التكييف. وبعد موجة بكاء مرير، يسترجع العجيبي الموظف في الهلال الأحمر شريط الذكريات المثخن بالأسى والحزن الدفين قائلا: كنت أشعر في داخلي بهواجس غريبة مثيرة للقلق.. وبعد العشاء ودعت بصورة حميمية أطفالي وزوجتي الذين ناموا في غرفة بينما فضلت النوم في غرفة أخرى، خصوصا أنني كنت مرهقا من أثر السفر ولم أدرك وقتها أنه الوداع الأخير، كانت ليلة جمعة جميلة توجت بعشاء عائلي نظرا؛ لقدومي من الرياض أنا وابني ماهر، وخلدنا للنوم في وقت متأخر من الليل، ومن شدة تعبي نمت في غرفة بجوار غرفة أطفالي ونامت زوجتي مع الأطفال، ومن تماس كهربائي انتقلت شرارة النيران إلى أثاث الغرفة. وزاد: كانت الكهرباء وراء مقتل أطفالي.. وقبل الحادثة كان سكان الحي يشكون من ضعف في قوة التيار الكهربائي وتذبذبه دون أن تحرك أحد لمعالجة الخلل .. وهنا اختنق الصوت وسبقت الدموع الكلمات، وبعد أن جفف دموعه عاد ليسترجع ما حدث في ذلك اليوم العصيب، باشرت فرق الدفاع المدني الحادث بمساعدة الأهالي، وتم إسعاف أفراد أسرتي بعد إصابتهم باختناق ونقلهم مباشرة لمستشفى محافظة صبيا، حيث توفيت طفلتي العنود (ثمانية أعوام) في الحال بينما تم نقل بقية المصابين إلى قسم العناية المركزة في المستشفى وفي اليوم التالي توفي طفلي الآخر، ونقل بقية المصابين عبر الإخلاء الطبي إلى مدينة جدة لتلقي العلاج حيث توفيت زوجتي، وهي حامل في شهرها السادس، وتكتمل فصول مأساتي بوفاة جميع من تبقى من أطفالي الصغار.