أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، أن الكلمة العظيمة تتضمن معاني واسعة، وهي تدور حول صلاح الإنسان وفلاحه في معاشه ومعاده ونفسه وأهله ومجتمعه وفي كل ما حوله من حيوان ونبات وجماد، وهي كلمة تدخل في الدين والعبادة والقول والعمل والخلق والمظهر والسلوك، ولها مدارها في التأمل والتعايش، ولها آثارها في رأب الصدر وتضميد الجراح وغسل الأسى وزرع التصافي، وهي كلمة ترجع إليها أصول الآداب وفروعه، وحسن المعاشرة وطرائقها، وهي غاية الغايات ومحط ذوي الذمم العالية، فهذه الكلمة العظيمة يوضحها ويجليها الحديث الصحيح عندما سأل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (أخبرني عن الإحسان؟ فقال: الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك). وبين الشيخ بن حميد، أن الإحسان مشتق من الحسن وهو نهاية الإخلاص، والإخلاص هو أن يأتي المسلم بالعمل على أكمل وجه من الإتقان والإحكام والجمال في الظاهر والباطن، والإحسان في العبادة هو أن تعبد الله كأنك تراه، فهو قيام لوظائف العبودية مع شهودك إياه. وأشار إلى أن مراقبة العبد لربه في جميع تصرفاته القولية والعملية والقلبية فهو من أعلى المقامات في التعامل مع الله، مؤكدا أن الإحسان مطلوب في شأن المكلف كله في إسلامه وإيمانه وعباداته ومعاملاته وفي نفسه ومع غيره وفي بدنه وماله وفي جاهه وعلمه وعمله، وأول مقامات الإحسان، هو الإحسان في حق الله عز وجل، ومن الإحسان بالتوحيد الرضا في مقادير الله فيظهر الرضا والقبول في المنع والعطاء، ومن الإحسان التوحيد في العلاقة بين السبب والمسبب فإذا سألت فسأل الله حيث يتوجه العبد بقلبه إلى ربه طالبا منه معتمدا عليه. ومن الإحسان تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله في صدق محبته ولزوم طاعته وحسن متابعته وعدم مجاوزة شرعه. ومن الإحسان إحسان العبد عبادته لربه، والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وإحسان العبادة والإخلاص والخشوع ومراقبة المعبود مع الإحسان لعباد الله، ومنه في المقدمة الوالدان والرحم وذوي القربى في البر والصلة واللطف في القول والعمل، وليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من قطعت رحمه ووصلها، ومن الإحسان إلى اليتامى والضعفاء والمساكين، كما دعى فضيلته إلى حسن البيع والشراء. وأضاف ابن حميد: الإحسان ينطلق في جميع الميادين الواسعة فينشر الخير والبر في كل ما يحيط بالإنسان أو يمر به فالمحسن عنصر صالح ومسلم مستقيم مع نفسه ومع الآخرين فما يصدر عنه إلا ما يحبه لنفسه ويرضاه للآخرين، مشيرا إلى أن المحسن شخصية مهذبة راقية يستبطن بين جوانحه مكارم الأخلاق تدور بين العدل والإحسان وفق توجيهات الشرع وترتيباته وأولوياته، موضحا أنه إذا كان العدل أساس الحكم وقيام الدول فإن الإحسان هو سبيل رقيها ورفعتها وتقدمها. المسجد النبوي وفي المدينةالمنورة، أوضح الشيخ عبدالمحسن القاسم إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف في خطبة الجمعة أن الله تعالى جعل شهر رمضان ميدانا للتنافس، وخصه بليلة مباركة تتنزل فيها الملائكة والعمل فيها خير من ألف شهر، مشيرا إلى أن من أخلص في صيامه ابتغاء الثواب غفر له، ومن صلى التراويح في رمضان مخلصا لله غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة كاملة. وأكد الشيخ القاسم، أن القرآن الكريم بركة وهداية، من تلاه نال الضياء والبركة منه، ومن قرأه تضاعفت له الأجور بقدر ما رتل من الحروف، وكان جبريل عليه السلام يدارس النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان. وبين، أن الصوم مضنة إجابة الدعاء (ثلاثة لا ترد دعوتهم؛ الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول لأنصرنك ولو بعد حين). وقال الشيح القاسم: شهر رمضان شهر الفقراء والمساكين يرقبون عاما بعد عام فضل الله فيه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان، ومن أغدق على العباد منحه الله من فضله خيرا مما بذل، ورمضان غنيمة التائبين، والمعصية لا تأتي بخير قط، وإن أدركت رمضان فقد لا يعود، والمحروم من فرط في لحظات رمضان وحرم نفسه العمل في لياليه، وبارز الله بالعصيان بالسهر، وتفويت الصلاة. وأشار القاسم إلى أن الصوم ليس امتناعا عن الأكل والشرب ولكن شرعه الله من أجل التقوى، فصوم الجوارح واجب بحفظ اللسان عن المحرمات من الكذب والغيبة، وغض البصر إلى ما حرم الله، وعلى المرأة أن تصون نفسها وشهرها بالستر والعفاف والبعد عن مواطن الفتن، والصلاة في بيتها خير من صلاتها في مسجدها.