لم تهنأ أعين أهل جدة أو تهدأ قلوبهم تجاه التهمة التي تناقلها البعض عنهم بعد البيان الذي أصدره عدد من الدعاة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يفيد بوجود موجة إلحاد على بلاد الحرمين، حيث تناقل البعض هذه التهمة وأشار إلى أنها تجتاح مدينة بوابة الحرمين عروس البحر الأحمر. أهالي وأعيان من مدينة جدة تحدثوا حول الحادثة التي شاعت مؤخراً، مبينين أن هذه التهمة تشعل الفتنة والطائفية بين أبناء الوطن الواحد، مدافعين عن أهل جدة قائلين عروس البحر الأحمر بوابة الحرمين كما عرفت بمنارة المعرفة وشعلة العلم، مطالبين بتنفيذ العقوبة تجاه مؤجج هذه الفتن، لافتين إلى أن أهل هذه المدينة وشبابها أثبتوا مواقف مشرفة في الأزمات. لا تعمم الحوادث وأكد رئيس جمعية خيركم في جدة المهندس عبدالعزيز حنفي، أن البيان الصادر بذات الشأن مردود على صاحبه إذ لا يمكن لحادثة واحدة حادثة كاشغري أن تعمم، كما وأنه لا توجد تجمعات إلحادية في بلادنا لإصدار هذا البيان المؤجج للطائفية، منوها بأن شبابنا أثبت جدارته في الأزمات كحادثة السيول فكان دورهم مشرفا. وبين أن مدينة جدة تحوي أفضل مكاتب الدعوة على الإطلاق وخير حلقات ودور التحفيظ كما تحتضن الكثير من الدعاة والأئمة. وأيد حنفي تفعيل إجراءات قانونية تمنع من التفوه على أي مدينة بما يجلب التشويش، مشيدا برأي مفتي المملكة حينما قال: لا تجوز التهمة من غير دليل، والذي أثنى في ذات السياق على أهل جدة. يؤجج الفتنة من جهته اعتبر المشرف على كرسي الأمير خالد الفيصل للقيم الأخلاقية الدكتور سعيد المالكي، أن البيان الذي تداولت حوله الأقوال بأن أهل جدة هم من يواجه هذه الموجة الإلحادية يخلق الطائفية والتعصبات، وينشر الفتنة بين أبناء الوطن، قائلا هذه التهمة باطلة وناقلها إما حاسد أو حاقد. وأشار إلى أن قذف أهل جدة والتي هي بوابة الحرمين تهمة لا تغتفر. وطالب العوام بعدم الالتفات إلى الدعوات أو البيانات التي يتم فيها الاتهام أو القذف قائلا: علينا دوما التمسك وأن نتذكر قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا). إحداث البلبلة وأرجع عضو مجلس الشورى سابقا الدكتور محمد آل زلفة انتشار هذه الدعايات إلى قلة من الناس يريدون إحداث البلبلة على عقول البسطاء. وذكر أن هذا البلد الإسلامي لن يكون فيه إلحاد في يوم ما متسائلا، ما مدى معايير الإلحاد الذي يتحدثون عنه فهل يرجع مثلا لانتقاد فئة معينة واختلافنا معها، مطالبا بضرورة أن يكون هذا السؤال حاضرا للنقاش لئلا تحدث الفرقة. وقال آل زلفة لست مع مقدمي أولئك البيانات وأنا ضد المشككين في أديان الناس. وأضاف جدة مصيف لملايين السعوديين والاختلاف في وجهات نظر البعض أو الآراء الفقهية الاجتهادية لا تعني أن تنشر التهم، متسائلا هل حديث البعض في أمور مخالفة مثلا أو اجتماع الشباب في مقاه ثقافية أو أندية تسمى إلحادا. واعتبر ناشر هذه التهم يرغب في تقسيم المجتمع وإشاعة العصبيات، خصوصا إن كانت بعض المناطق هي المستهدفة، إذ أن البعض يصور للناس أن أهل الرؤى المختلفة خارج عن الإسلام كهذه التهمة الأخيرة. ورفض آل زلفة قبول مثل هذه البيانات المؤججة للتهم، محذرا من نشوء فئة تبث التهم وأخرى تدافع قائلا هذا من مهام الدولة، إذ هي من سيقضي على انتشار هذه الدعوات. وطالب بسن قوانين تحفظ حقوق الناس أمام المتجرئين على نشر التصنيفات، حتى يتمكنون من مقاضاة مصدري التهم دون استناد إلى ما يثبت ذلك. إطلاق التهم من جهتها، أوضحت المذيعة السعودية مها حلواني، أن إطلاق هذه التهم على العنان لا تجوز وتزداد حرمتها حينما توجه على من يدينون بالإسلام. وأشارت إلى ضرورة مراعاة الكلمة قبل التفوه بها وأنها مسؤولية عظمى، قائلة بتنا في الآونة الأخيرة نسمع من يتساهل في بث التهم على الآخرين، منوهة بضرورة إيجاد قانون يمنع اتهام الغير خصوصا إن كانت التهمة تمس جناب الدين والعقيدة فضلا عن الجوانب الأخرى. وحذرت من تصديق الدعوات التي تنشأ عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائلة: ينبغي أن نكون أمة واعية لا تركض خلف الدعايات أو الوشايات، كما علينا الوقوف صفا أمام مروجي الشائعات، مبينة أن الدعوى بوجود موجة إلحاد تجتاح مدينة جدة لا يقتصر ذنبها في إشاعة التهم المغرضة، بل حتى في التقسيمات والعداوات التي تنجم عن هذه التهم. وذكرت أن ما جاء عن مفتي عام المملكة بعدم جواز إطلاق التهم بلا دليل هو عين الصواب، إذ قال سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). وخلصت علينا الحفاظ على أخوة الدين والوطن وتجنب كل ما من شأنه المساس بهما.