كشف تقرير لديوان المراقبة العامة، نشرته صحيفتنا «عكاظ» الخميس الماضي، عن أربعة معوقات تعوقه في مراقبة الأجهزة والمؤسسات الحكومية. بداية أتفق مع رؤية الديوان وأؤيد مطالبه حرفيا ولكن، لو كانت «لكن» هذه رجلا لقتلته، فهي المنغصة دوما لبداية الجمل المفيدة، لِم انتظر الديوان كل هذه السنوات للإعلان عن معوقاته، كيف أمكنه الاستمرار في العمل وهو غير مستقل إداريا وماليا مما يضعه - حسب اعتراف تقريره، ومن فمه أدينه- تحت تأثير ونفوذ بعض الأجهزة التنفيذية المشمولة برقابته، كيف يصمت الديوان أمام خلل مبدئي كهذا ينزع عنه صفته الأساسية، الاستقلال، ويقلل بالتالي جدواه، ويحد من فعاليته المبتغاة. ليس هذا فحسب، يعاني الديوان أيضا من نقص في وظائفه الإدارية والفنية وتجهيزاته التقنية، صدر بتلبيتها توجيه لوزارة المالية منذ ثلاث سنوات. أزيدكم نقصا آخر، يعاني الديوان من نقص الكوادر البشرية المؤهلة علميا والمدربة عمليا ومهنيا في حقول المحاسبة والمراجعة ورقابة الأداء والتحليل المالي وعدم استقرار الموجود منهم لقلة الحوافز، ألا تذكركم هذه النواقص، بل النواقض لعمل الديوان بمن ألقي في اليم مكتوفا وقيل له إياك أن تبتل بالماء، كيف لجهاز بكل هذا النقص أن يعمل بكفاءة، وفرق بين أن تعمل بكفاءة وأن تعمل لإثبات الوجود. أعود لسؤالي الناشب، لم انتظر الديوان كل هذه السنوات لإعلان معوقاته؟ بالتأكيد هي ليست إخلاء مسؤولية ولا حتى تبريرات، ربما شروحات للوم وعتب المواطنين الذين يقرؤون في الصحف عن فساد مالي وإداري لا يعلن، عنها الديوان. لكن، مرة أخرى، مما هو معلوم بالضرورة في علم الإدارة أن أية مؤسسة أو منظمة، حكومية كانت أم أهلية، رقابية أم غير رقابية، يقر مسؤولوها بعدم القدرة، لسبب ما، على أداء مهامهم بالكفاءة المطلوبة ينسحبون، هذه ليست دعوى ضد أحد في الديوان، فأنا أول المقدرين لدوره وقيامه ببعض المهام الصعبة التي كشفت عنها تقاريره السابقة التي طالما أشدت بها في حينه، أنا هنا فقط أسأل أسئلة فنية، إدارية إذا أحببتم. صدر الهيكل التنظيمي للديوان في عام 1406ه، ليكون مستقلا وبصلاحيات تضمنها نظامه الأساسي وأن يدعم بكوادر إدارية وفنية كافية لأداء مهامه، وهناك إرادة سياسية وإصرار من ولي الأمر على محاربة الفساد وصيانة المال العام، فأين الخلل إذن؟ هل سنعود لتحميل الوزر على وزارة المالية؟ سأقول ربما، برغم حصول «دواوين» حكومية أخرى على تمويلات لمشاريعها، هل الأمر تداخل صلاحيات بين الديوان والوزارة يمس استقلال الديوان الممسوس أصلا، مع أن هدف الجهتين واحد، صيانة المال العام، هل هو تحميل للتقصير، أو النقص على أكتاف آخرين؟ أدع كل هذا وأعود لسؤالي، كيف يصمت الديوان، وهو ملاذنا بعد الله في كشف الفساد، على معوقات معجزة كهذه منذ نشأته وحتى اليوم، كيف يسكت على ما يجرح كفاءته ويقلل من قيمة عمله، أقله لماذا لم يحاجج بالتوجيه لوزارة المالية بتلبية متطلباته منذ ثلاث سنوات، بعد تأخر استجابة وزارة المالية. معاناة أخرى للديوان نسيت ذكرها، ضعف قدرات حاسبه الآلي مما يعوق تحوله من الوسائل اليدوية في المحاسبة والمراجعة المالية إلى الوسائط الالكترونية. الآن، فضلا جمعوا أجزاء الصورة أمامكم لأسألكم بعدها، جهاز رقابي غير مستقل لا ماليا ولا إداريا، ويعاني من نقص في كوادره البشرية والتقنية، هذا الكائن الضعيف منزوع الدسم عليه دور المراقبة. [email protected]