لم أستطع أن أتقبل عنوانا لملتقى يكون موضوعه يدور حول الحشمة في بلد جميع نسائه محتشمات ولم نعرف امرأة واحدة غير محتشمة فيه، بل هو بلد فرض حتى على الأخوات من الجاليات الأخرى أن يحتشمن خلاف ما كان معهودا منذ سنوات وحيث أني من منطقة حائل وأعرف تفاصيلها ومنعرجاتها وطبيعة أهلها الطيبين، فإن ملتقى بهذا الاسم يثير الجدل أكثر مما يهدف إلى توعية النساء المحتشمات بكيفية احتشامهن. هناك من اعتبر أن ملتقى للحشمة في بلد لا يعتبر قدحا في احتشام نسائه بل هو عمل توعوي أو تثقيفي مثله مثل ملتقى المثقفين أو ملتقى الإرهاب أو ملتقى الوطنية أو المخدرات، ومع احترامي لهذه الآراء إلا أنها تجانب الصواب كون الملتقيات المذكورة إشكالية في طبيعيتها، وهي ظواهر وجدت بشكل يهدم بنية المجتمع أو يثير قضايا مغيبة كما هي حقوق المثقف مثلا أو توعية خطورة الإرهاب أو خطورة المخدرات أو مفهوم الوطنية الغائب في ذهنية البعض والدليل التفكير الطائفي لدى غالبية الناس، أما موضوع الحشمة فهو أقرب إلى رؤية محدودة لدى ناس لديهم مفهوم خاص للحشمة يراد تعميمه، وهنا يأتي الإشكال؛ إذ تصبح المواصفات الخاصة جدا في لبس العباءة أو ظهور العينين أو غيرها هي محددات تلك الحشمة من عدمها مع أن الفقه الإسلامي واسع في هذا المجال، وهذا فيه شك في بنية أخلاق المجتمع الذي كان، ولا يزال، بسيطا في تعاملاته؛ خاصة مع تداخل العائلات فيما بينها وامتدادها، مما يعني أن موضوع الحشمة معمول به بشكل طبيعي لدى الناس، ولا يستحق كل ذلك الهياج إلا عند المتوجسين الذي يعتبرون أن الرؤية الطبيعية للمرأة، والتي تعمل بها المجتمعات البسيطة كأن تعمل المرأة في مكان مختلط للرجال كالمستشفيات مثلا هي دعوة للانفتاح أو التغريب يفترض عند المتوجسين ملتقى للحشمة خصص فيه يوم لعدم دخول غير المحتشمات!!