الأنظمة لم توضع إلا لضمان عدالة الجميع في الحقوق والواجبات، لكن البعض لايرى إلا حقوقه، أما واجباته فيراها بنصف عين وربما مغمض العينين وشعاره (أنا ومن بعدي الطوفان). لننظر إلى السلوكيات العامة ونتأمل ما يفعله البعض من طغيان في حقوقه وجور في حقوق غيره، وأرجوكم ألا نعلق التجاوزات على شماعة الجهل بالأنظمة، وإذا قال أحد بذلك فليجب على تساؤلاتي: هل من يخالف الطابور لا يرى الواقفين فيه؟، هل من يلقي بنفايات في الشارع ولو ورقة صغيرة لا يعرف أن سلوكه ليس من الإيمان ولا من النظام ولا من الذوق العام؟، أيضا هل من يقطع الإشارة ويتجاوز في السير المروري على الطريق ويضايق من خلفه ومن حوله لا يعرف النظام المروري؟!. الأسئلة مستمرة وندخل (على الثقيل) وأسأل عن الرشاوى صغيرها وكبيرها؟!، وعن التعديات على الأراضي؟، وبماذا نسمي السباب والتشهير ونشر الغسيل وإطلاق إشاعات، وكانت نميمة في المجالس الاجتماعية ثم أصبحت فضائح الكترونية بجلاجل على الملأ في العالم. لهذا سعدت بالفعل بكرسي الأمير خالد الفيصل الذي دشنه في جامعة الطائف وموضوعه «الالتزام بالنظام» وما قاله سموه في تصريحه عن أهداف هذا الكرسي العلمي، وأتمنى أن تتحقق الاستفادة منه في تأصيل ثقافة الالتزام بالنظام بمفهومه الشامل وعمقه الأخلاقي النابع من الدين الحنيف أولا ثم من موروثنا الاجتماعي من قيم انحازت دوما إلى الالتزام بالنظام، قبل أن تسود (الأنا) وشعار (الغاية تبرر الوسيلة) لقد عبر سمو الأمير خالد الفيصل بصدق عن هذه الإشكالية وشخص بدقة الداء وحدد الدواء بأن (الأخلاق مرتبطة بالسلوكيات والتعامل، وأن احترام النظام هو المعيار والمقياس لمدى حضارة الأمم والشعوب وإننا أحرى من غيرنا بأن نضرب المثل في السلوكيات والأخلاق لأننا ندين بالإسلام ولا يمكن للمسلم أن يكون بدون أخلاق، وأن الأمم تقاس حضارتها بمدى احترام أهلها لنظامها ولا يمكن أن يحترم مجتمع لا يحترم نفسه ولا يمكن للإنسان أن يحترم نفسه ويحترمه الآخرون إلا إذا احترم نظام بلاده) .. إن الالتزام بالنظام (يا أهلنا وربعنا) هو قمة البناء الأخلاقي عندما تقف حريتنا عند حرية الآخرين قولا وفعلا. فهل انتبهت الأسرة لأهمية بناء هذه الثقافة؟، وهل تعيد المدرسة هذا البناء الأهم؟ وهل يبدأ كل بنفسه؟، فالحق أحق أن يتبع. [email protected]