اختتمت قمة مجموعة العشرين الاقتصادية الكبرى التي تستضيفها المكسيك في منتجع لوس كابوس أعمالها أمس، بمشاركة وفد المملكة الذي رأسه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف وزعماء ووفود الدول الأعضاء في المجموعة متعهدة في بيانها الختامي باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز النمو العالمي وترسيخ الثقة في الاقتصاد العالمي، مؤكدة أن نمواً قوياً ودائماً ومتوازناً يبقى الأولوية الأولى للمجموعة، لأنه سيؤدي إلى خلق عدد أكبر من الوظائف ويعزز رخاء مختلف الشعوب في مختلف أنحاء العالم. وبحسب البيان الختامي للقمة، فإن دول المجموعة تعهدت باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز النمو العالمي وترسيخ الثقة، موضحا أنه في الوقت الذي يتدهور فيه الوضع الاقتصادي فإن الدول التي لها ما يكفي من هامش المناورة في الميزانية مستعدة لتنسيق واتخاذ الإجراءات المناسبة من أجل دعم الطلب الداخلي. وأشار البيان إلى أن دول المجموعة سوف تعمل معا من أجل تعزيز النهوض والتعامل مع التوترات في الأسواق المالية، مؤكدا أن دول منطقة اليورو الأعضاء عازمة على الدفاع عن اليورو أمام هجمات الأسواق المالية، كما أنها وفي إطار التوترات المتجددة في الأسواق المالية العالمية، ستتخذ كل الإجراءات المناسبة من أجل الحفاظ على وحدة واستقرار المنطقة وتحسين عمل الأسواق المالية وقطع العلاقة بين خطر السيادة والخطر المصرفي. وأشاد البيان ضمن هذا الإطار بخطة إسبانيا لإعادة رسملة نظامها المصرفي والإعلان عن دعم مجموعة اليورو للسلطة المالية الإسبانية. وأكد البيان من ناحية أخرى ضرورة مواصلة الإصلاحات المالية من خلال مصارف سليمة قادرة على إعطاء القروض التي تعتبر من ضرورات النهوض العالمي. وجددت دول مجموعة العشرين في بيانها الختامي عزمها على الاستمرار في التصدي للإجراءات الحمائية بكافة أشكالها مع تعهدها بالعمل على خلق المزيد من الوظائف من خلال عمل منسق تحت مسمى خطة عمل لوس كابوس للنمو والتوظيف. ورغم تأكيدات البيان الختامي لقادة مجموعة العشرين بأن دول منطقة اليورو ستقوم باتخاذ كل الإجراءات اللازمة للخروج من أزمتها الحالية التي تلقي بظلالها على النمو الاقتصادي العالمي إلا أن مشاعر القلق تواصلت بخصوص تلك الإجراءات والتزام الدول الأوروبية بتنفيذها. وكانت الكثير من الدول المشاركة في القمة قد أبدت عدم اقتناعها بالموقف الأوروبي، كما أبدت خيبة أمل منتقدة غياب الطموح لدى الأوروبيين. وجاء ذلك الموقف بكل صراحة من مجموعة «بريكس» للاقتصادات الناشئة والمكونة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا التي أبدت أسفها بعد اجتماع لقادتها على هامش القمة من خلال الناطق باسم الرئاسة الروسية لعدم اتخاذ الدول الأوروبية تدابير ملموسة تخفف من حدة أزمة الديون في منطقة اليورو. وبحسب البيان الختامي فإن صندوق النقد الدولي كان الكاسب الأكبر من أعمال القمة، حيث ارتفعت تعهدات الدول المشاركة في القمة بدعم الصندوق الدولي والتي كانوا أعلنوها خلال الاجتماعات الأخيرة للبنك وصندوق النقد الدوليين في العاصمة الأمريكيةواشنطن لتصل إلى مبلغ 456 بليون دولار مما سيضاعف تقريبا من قدرة الصندوق على الإقراض على الرغم من أن تلك المساهمات الإضافية من الاقتصادات الناشئة تحمل في طياتها بعض الشروط. وتطرق البيان الختامي كذلك إلى موضوعات أخرى مثل دعمه لمكانة المرأة في سوق العمل وحصول السكان المحرومين في الكثير من دول العالم الفقيرة على حسابات مصرفية، بالإضافة إلى شفافية أسواق المنتجات المالية ودعم الزراعة في مواجهة التغير المناخي وإن كانت تركت تنفيذ تلك التوصيات مرتبطا بمتابعتها على مستوى كل بلد من دول المجموعة. يذكر أنه رغم الضغوط التي تعرضت لها دول منطقة اليورو خلال أعمال القمة إلا أن قادتها المشاركين في القمة أكدوا مرارا التزامهم باتخاذ كل الإجراءات الضرورية للحفاظ على سلامة منطقتهم واستقرارها وهو الأمر الذي أصر من خلاله رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي على أن يتضمن البيان الختامي فقرة تنص على أن مجموعة العشرين تدعم جهود الأوروبيين وتشجعها. وكان قادة منطقة اليورو قد رفضوا في تصريحات مختلفة أثناء وقبل انطلاق أعمال القمة تحمل مسؤولية ركود الاقتصاد العالمي وحدهم حيث سبق لرئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو أن قال في لقاء صحافي «إننا وبكل صراحة لسنا هنا لتلقي دروس في الديمقراطية أو في كيفية إدارة الاقتصاد» فيما شدد رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبي على أن منطقة اليورو ليست المسؤولة الوحيدة عن المشاكل الاقتصادية في العالم. وفيما يتعلق بزيادة موارد صندوق النقد الدولي كانت القمة مناسبة أعلنت خلالها دول من المجموعة المساهمة في زيادة موارد الصندوق الذي اعتبرته خطاً دفاعياً في مواجهة أزمة الدين العام في أوروبا، حيث ستساهم 23 دولة عضواً في الصندوق بالإضافة إلى دول منطقة اليورو البالغ عددها 27 دولة أي ما مجموعه 40 دولة، في تقديم المساهمات الإضافية التي ستعزز صندوق النقد الذي يعتبر خط الدفاع الأمتن في مواجهة عدوى أزمة الديون في منطقة اليورو. وأشار البيان إلى أن هذه الموارد ستوضع في تصرف الأعضاء في صندوق النقد وهي غير مخصصة لمنطقة محددة مما يدل على أن دول مجموعة العشرين والمجتمع الدولي متعهدون باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي العالمي. وأوضح البيان الختامي أن رئاسة مجموعة العشرين ستنتقل إلى روسيا التي ستنظم القمة القادمة للمجموعة في الخامس والسادس من شهر سبتمبر القادم في مدينة سان بطرسبرغ.