لوس كابوس (المكسيك) - أ ف ب - خرج قادة مجموعة العشرين من أعمال قمة استضافتها المكسيك، ب «قلق» على الاقتصاد الأوروبي، وتأكيد بقاء هدف «النمو القوي والدائم والمتوازن أولوية رئيسية». كما حقق صندوق النقد الدولي من هذه القمة التي اختتمت أعمالها أمس في لوس كابوس، مكاسب بجمع أموال إضافية ليصل مجموعها إلى 456 بليون دولار، ما يضاعف قدرته على الإقراض، وستكون لبعض المساهمات شروط من الدول الناشئة. وكان رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين تابعوا أعمال قمتهم أمس والتي افتتحت أول من أمس، وركّز البيان الختامي للقمة، على «النمو والاستقرار». وتعهد قادة مجموعة الدول الغنية والناشئة التي تمثل 90 في المئة من الناتج الداخلي العالمي في مسودة بيان حصلت على نسخة منها «وكالة فرانس برس»، «اتخاذ الإجراءات الضرورية لتعزيز النمو العالمي وترميم الثقة»، وأكدوا أن «نمواً قوياً ودائماً ومتوازناً يبقى الأولوية الأولى لمجموعة العشرين، ويؤدي إلى خلق عدد اكبر من الوظائف ويعزز رخاء الشعوب في أنحاء العالم». وتطرّق البيان إلى اليونان، التي لا تنتمي إلى المجموعة ولا يمثل اقتصادها في العالم أكثر من نصف في المئة، موضحاً أن المجموعة تنتظر باهتمام أن «تعمل منطقة اليورو بشراكة مع الحكومة اليونانية المقبلة لضمان بقائها على طريق الإصلاح للاستمرار في منطقة اليورو». وتمثل إسبانيا النقطة الساخنة الأخرى، غير المنتمية إلى مجموعة العشرين لكنها دُعيت إلى القمة، فنوّه القادة ب «خطة إعادة تمويل النظام المصرفي الإسباني وإعلان مجموعة اليورو دعم السلطة الإسبانية». وحجب الجدل حول منطقة اليورو صوغ بيان طويل، يتناول مواضيع متنوعة من مكانة المرأة في سوق العمل، إلى حصول السكان المحرومين على حسابات مصرفية، مروراً بشفافية أسواق المنتجات المالية المشتقة والزراعة في مواجهة التغير المناخي. وأشارت مجموعة العشرين في كل هذه المجالات، إلى «نوايا حسنة» لكن الأمر مرتبط بمتابعة التوصيات على مستوى كل بلد. وأكد قادة دول مجموعة اليورو الأعضاء في المجموعة، استعدادهم لاتخاذ «كل الإجراءات الضرورية للحفاظ على سلامة منطقتهم واستقرارها». لكن دولاً كثيرة لم تقتنع بالموقف الأوروبي وأبدت خيبة أمل، منتقدة غياب الطموح لدى الأوروبيين. وأسف قادة الدول الناشئة من مجموعة «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، على لسان ناطق باسم الرئاسة الروسية، ل «عدم اتخاذ تدابير ملموسة»، تخفف من حدة أزمة الديون في منطقة اليورو. وأكد رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، أن مجموعة العشرين «تدعم جهود الأوروبيين وتشجعها»، في نص البيان الختامي. وفي المواقف من الضغوط التي تتعرض لها منطقة اليورو، رفض قادتها «تحمّل مسؤولية ركود الاقتصاد العالمي وحدهم»، وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو في لقاء صحافي، «بصراحة، لسنا هنا لتلقي دروس في الديموقراطية أو في كيفية إدارة الاقتصاد»، لافتاً إلى أن دول مجموعة العشرين «ليست كلها ديموقراطيات». وشدد رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي أيضاً، على أن منطقة اليورو «ليست المسؤولة الوحيدة عن المشاكل الاقتصادية في العالم». وكانت القمة مناسبة أعلنت خلالها دول من المجموعة «المساهمة في زيادة موارد صندوق النقد الدولي الذي يعتبر «خطاً دفاعياً» في مواجهة أزمة الدين العام في أوروبا. وستساهم 23 دولة عضواً ومنطقة اليورو أي مجموع 40 دولة، في تقديم هذه الأموال التي ستعزز صندوق النقد، الذي يعد خط الدفاع الأمتن في مواجهة عدوى أزمة الديون في منطقة اليورو. وأوردت مجموعة العشرين في هذه المسودة، أن «هذه الموارد ستوضع في تصرف الأعضاء في صندوق النقد وهي غير مخصصة لمنطقة محددة، ويدل هذا الجهد على تعهد المجتمع الدولي ومجموعة العشرين باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي العالمي». واشترطت مجموعة دول «بريكس»، قبل دفع أي مبالغ إضافية أن يكون صندوق النقد «استنفد الأموال المتوافرة لديه، وإجراء إصلاح لحقوق التصويت العائدة لهذه القوى الناشئة». لكن الصين وافقت على المساهمة في زيادة موارد الصندوق بقيمة 43 بليون دولار، وأعلن كل من روسيا والبرازيل والهند عن عشرة بلايين دولار وجنوب أفريقيا عن بليونين. وكشفت المديرة العامة للصندوق كريستين لاغارد، التي تخرج هيئتها من هذه القمة السابعة لمجموعة العشرين في موقع أقوى من السابق، أن «القيمة الإجمالية للوعود ارتفعت إلى 456 بليون دولار، ما يضاعف تقريباً قدرتنا على الإقراض». ولفتت إلى «انضمام دول كبرى وصغيرة إلى دعوتنا للتحرك، وربما تنضم دول أخرى إليها قريباً»، مرحبّة بتعهدات هذه الدول «لمصلحة التعددية». ويأتي القسم الأكبر من المبلغ من منطقة اليورو، بالتحديد من دول تواجه صعوبات مالية مثل إسبانيا وقبرص، فيما لم تقدم الولاياتالمتحدة أي مبلغ. ولن يحصل صندوق النقد على هذه الأموال فوراً، إذ يحتاج في بعض الدول إلى الحصول على موافقة البرلمان. وستنتقل رئاسة مجموعة العشرين إلى روسيا، التي ستنظم قمة في الخامس من أيلول (سبتمبر) المقبل والسادس منه في سان بطرسبرغ. المسؤولون اليونانيون يسعون إلى تليين شروط خطة الإنقاذ أثينا - أ ف ب -كانت أثينا تنظر بتفاؤل امس إلى نجاح المفاوضات التي تتواصل لليوم الثاني على التوالي لتشكيل حكومة ائتلافية، قبيل اجتماع مجموعة اليورو غداً والذي يبحث سبل دعم البلاد مالياً. وبحسب تصريحات عدد من السياسيين، كان ممكناً التوصل إلى اتفاق أمس، ينقذ «الثقة» باليونان التي تهددها مفاوضات عقيمة في وقت تبدو البلاد على شفا كارثة بفعل خطر تخلي الشركاء عن أثينا بعد فقدان صبرهم في حال الوصول إلى مأزق سياسي جديد. فقد اجبر الزعيم المحافظ انطونيس ساماراس الذي فاز بالانتخابات التشريعية الأحد من دون انتزاع الأكثرية المطلقة، على محاولة التوصل إلى اتفاق سياسي مع أحزاب أخرى كي يستطيع أن يحكم. واتفق الزعيم الاشتراكي ايفانغيلوس فينيزيلوس ورئيس اليسار المعتدل فوتيس كوفيليس أمس على «تسريع الإجراءات». وأكد فينيزيلوس أن اليونان سيكون لها حكومة في أسرع وقت ممكن، مبدياً «تفاؤله» بالمحادثات. وتوقع كوفيليس حلاً ممكناً «في الساعات المقبلة»، لكن جدد مطالبته ب «اتفاق على برنامج» الحكومة العتيدة. ويفترض أن تشكل هذه الأرضية السياسية المشتركة التي يدور الجدل حولها، أساساً للتفاوض بوجه الثلاثي المتمثل بالدائنين والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد. ويسعى كل الشركاء الحكوميين المتوقعين إلى تليين الشروط الواردة في خطة الإنقاذ أو «المذكرة» القاسية جداً والتي فرضت على البلاد وساهمت في خفض مستوى معيشة اليونانيين. وبسبب فقدان اليونان سلاح خفض العملة بفعل انتمائها إلى منطقة اليورو، لجأت البلاد إلى إطلاق نوع من «الخفض الداخلي» لكلفة الإنتاج. ولكن بسبب اعتمادها على تقليص الرواتب وفرضها ضرائب إضافية، ساهمت هذه العملية في تضاعف الانكماش من دون ظهور أي بادرة انتعاش. ويدعو ساماراس منذ وقت طويل إلى تقليص الضرائب لتفعيل عمل المؤسسات المخنوقة بفعل الأزمة. ويساراً، يتم التركيز على عودة إلى ضبط سوق العمل ودعم الرواتب. وتسجل هذه الإجراءات في إطار تسوية شاملة مع الأوروبيين وصندوق النقد الدولي. وبالاستناد إلى الوعود الانتخابية، يتحضر فريق العمل المقبل لطلب «ارجاء» الاستحقاق حتى 2016 بدلاً من 2014 ليتم تنفيذ الإصلاح المطلوب من اليونان. ويسعى ساماراس كما شريكه المقبل فينيزيلوس سوياً، إلى إقناع كوفيليس بالحصول على دعم اليسار للسلطة التنفيذية الجديدة، والتي سيطلب منها تفسير هذه السياسة وتطبيقها بالاتفاق مع الدائنين لضمان استمراريتها في منطقة اليورو. وأعلن نائب من هذا الحزب المحوري الذي حصل على 16 نائباً في انتخابات الأحد، أن من المفضل عدم تعيين وزراء سابقين في الحكومة الجديدة سواء كانوا اشتراكيين أم محافظين، «لإظهار التغيير في السياسة» الذي طلبه اليونانيون بقوة عبر صناديق الاقتراع. ودعت صحيفة «كاثيميريني» الليبرالية إلى تشكيل حكومة قوية تقودها شخصيات غير سياسية، لا تخشى من دفع ثمن قرارات غير شعبية كي تتمكن ليس فقط من التفاوض مع الأوروبيين بل التصدي للمشاكل المستعصية كالطاقة والتعليم والصحة والقضاء. وللتوصل إلى هذا الحل يفترض أن يتنازل ساماراس عن رئاسة الوزراء.