مع مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الجوال نشطت مجاميع لخلق الفرقة بين أبناء البلد الواحد وكسر المواطنة من خلال تأجيج الخلافات المذهبية، ومن هنا أتذكر مقولة للداعية الشيخ عائض القرني قال فيها إن الدعاة هم أصل مشكلة التعصب والدعوة إلى المذهبية في العالم العربي والتحزب لها . وفي هذه الأيام تنطلق دعوات لمقاطعة تجار ومؤسسات وطنية ليس لشيء سوى أن هؤلاء لهم مذهب مغاير لأصحاب دعوة المقاطعة.. وفي هذا فتنة وفرقة بين أبناء المجتمع الواحد . ونزع فتيل التعصب وإشاعة الخطاب الإسلامي المعتدل هي مهمة أساسية يتحملها الدعاة الواعون بدورهم في جمع الكلمة، فهم الأقدر على نزع هذا الفتيل وهم الأقدر على محوه . وكلنا يذكر في بداية الصحوة ما كان يفعله بعض الدعاة والوعاظ من استخدام مصطلحات قد تعمق الفرقة بين أطياف المجتمع الإسلامي مثل مصطلح (تنقية العقيدة) الذي يشعرنا كأن العاملين به شقوا صدور إخوانهم من المذاهب الأخرى ورأوا اعتوار إيمانهم فأحبوا أن ينقوا ما رأوه من سواد في قلوب سواهم فعملوا على تبييضه. وفي هذا الفعل تعالٍ وفوقية لا تليق بالمؤمن الباحث عن النجاة والذي لا يصل إلى يقين نجاته مهما أحسن الناس الظن به، ولنا في مقولات أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأحمد بن حنبل وثلة من الصالحين ما يجعلنا نخجل من مقولة (تنقية العقيدة) التي نحملها كشعار لصلاح غيرنا، بينما حالنا بحاجة إلى تنقية من الفوقية واليقين بصلاح حالنا وفساد إيمان غيرنا!!. وأوافق من يدعو إلى الوحدة وأنه ليس من اختصاص الدعاة في أي مذهب محاولة ثني المخالفين لهم عن مذهبهم، والأفضل لنا كأمة إسلامية ترك كل معتقد وفق تعاليمه ونهجه والعمل على جمع الشمل من خلال نقاط الالتقاء وليس نقاط الاختلاف . أما بشأن الرسائل التي تدعو إلى مقاطعة المؤسسات والتجار الوطنيين بحجة الاختلاف المذهبي فهي قضية تستوجب أن تتحرك لها الجهات المعنية لصدها كونها تسعى إلى تقويض اللحمة الوطنية ولكونها تضر بالآخرين فليس من المعقول أن يحدث هذا في بلد واحد، الكل فيه مواطن له حقوق المواطنة كاملة بغض النظر عن مذهبه، وإلا سنجد أنفسنا في حالة تراشق تهم ليس لها معنى سوى الدعوة إلى الفرقة . [email protected]