على الرغم من تخصيص أكثر من مليار ريال لمشاريع الإسكان مؤخرا، من أجل حل الأزمة التي تفاقمت في السنوات الأخيرة، حيث من المعروف أن الدولة خصصت 250 مليار ريال لبناء 250 ألف وحدة سكنية خلال العام الماضي. لقد كان من المؤمل أن تكون انطلاقة مشاريع الإسكان بقوة أكبر لأن المعدلات الراهنة في الإنجاز تشير إلى احتمالية حدوث تأخير عن المعدل المقترح وهو 100 ألف وحدة سكنية سنويا. وعلى الرغم من أن أزمة الإسكان تكمن بالدرجة الأولى في التمويل نتيجة إحجام البنوك عن الدخول بقوة إلى هذا المجال وتأخر إقرار مشروع الرهن العقاري، إلا أن المضاربات على الأراضي تمثل عاملا أساسيا في إشعال فتيل الأزمة. وقد أحسنت الجهات المعنية في وزارة الإسكان بالشروع في إعداد ملف متكامل عن خطورة الارتفاعات المتوالية في أسعار الأراضي بدون مبرر في بعض الأحيان وما يرتبط بذلك من بطء في تطوير المخططات وفق الخطط المعدة وذلك بالتعاون مع المطورين بالقطاع الخاص. لقد بات سعر الأرض وحدة يمثل أكثر من 60% من قيمة البناء كاملا، وعلى الرغم من رفع سقف قروض العقاري إلى 500 ألف ريال إلا أن هذا المبلغ لم يعد كافيا لشراء قطعة أرض للبناء عليها، وقد سبق وحذرنا من خطورة هذا الأمر في هذه المساحة في مقالات سابقة، داعين إلى ضرورة إعادة تقييم دور شركات التطوير العقاري في ضوء اتهامات توجه إلى الكثير منها بالوقوف وراء اشتعال الأسعار بسبب التطوير الوهمي للأراضي. ولعل هذا الأمر يستدعي التحرك رسميا من أجل وضع جدول زمني لتطوير عشرات المخططات الحكومية التي تم توزيعها في فترات سابقة بمناطق نائية لتوفير المزيد من الأراضي الصالحة للبناء، خاصة وأن مساحة المملكة شبه قارة، ومن الصعب إقناع الكثيرين بوجود أزمة في الأراضي الصالحة للبناء عليها، وفي المحصلة النهائية تبقى مشكلة الإسكان تمثل ضغطا متواصلا على الدولة والمواطن الذي يعاني بشدة في سبيل بناء منزل أو استئجاره في ظل الارتفاعات المتوالية بالأسعار. ومن هنا وجب التحرك على أكثر من محور لوضع الأمور في نصابها الصحيح وذلك من خلال الاستفادة من عشرات المخططات المهجورة منذ سنوات والتوسع في مشاريع الإسكان الميسر ووضع مؤشرات دقيقة لأسعار العقار وإيقاف التطوير الوهمي للأراضي. * رئيس طائفة العقار في جدة