على الرغم من أهمية الاطلاع على تجارب الدول الأخرى في حل مشاكل الإسكان، إلا أن البعض لدينا يتساءل عن الجدوى الكبيرة التي ستعود علينا من زيارة وزير الإسكان الحالية في دول شرق آسيا للاطلاع على تجربتها في البناء في ظل اختلاف الظروف المعيشية والثقافية، ويخشى هؤلاء أن تضيع شهور وسنوات أخرى في التنظير والدراسات لمشكلة الإسكان دون الدخول بعمق في الحلول العملية على الأرض . ولعل هذه الرؤية تستند إلى معطيات واقعية ترى أن الوزارة يتوفر لديها 200 مليون م 2 من الأراضي واعتمادات مالية كبيرة تصل إلى 250 مليار ريال ، إذا أين تكمن المشكلة بدقة. وإذا كنا نتفق إلى حد بعيد على وجود صعوبات في بدايات أى مشروع، فإن هذا الأمر لا ينبغي أن يكون معوقا نحو الانطلاق السريع لحل أزمة استعصت علينا طويلا لأهمية عامل الوقت خاصة أن التأخير من شأنه ان يزيد التكلفة بمعدل 5- 10% سنويا ومن شأن ذلك ان يقلص عدد الوحدات المستهدفة كل عام. إن البداية الصحيحة للحل تكون من خلال تأهيل شركات قوية للتطوير والبناء في وقت متواز بمختلف المدن، مع إعادة النظر في أنظمة البناء الحالية والسماح بالتوسع الرأسي لأنه الأقل تكلفة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية ، كما لا يؤدى الى هدر مساحات كبيرة من الأرض مقابل مردود قليل وهو ما أثبتته التجارب بعد أن أدى البناء الأفقي الى الكثير من التمدد العشوائي الذي نعاني منه حاليا . لقد كشفت الدراسات المختلفة ان أكثر الفئات احتياجا للسكن هم محدودو الدخل الذين تقل رواتبهم عن 5 آلاف ريال وبالتالي لا ينبغي أن يزيد القسط الذي سيدفعونه شهريا عن 1200 ريال لمدة 25 عاما حتى يستطيعوا النهوض بأعبائهم المختلفة، وتلك هي المعادلة الصعبة. أما العامل الأهم الذي يحدد حجم تكلفة بناء الوحدة بشكل اكبر فهو كلفة التطوير التي لا ينبغي أن تزيد على 200 ريال للمتر الواحد بعد ان تبين ان قيمة الأرض تمثل 50% من تكلفة البناء وهي نسبة مرتفعة مقارنة ببعض الدول الأخرى التي لا تزيد بها هذه النسبة عن 30% فقط . لقد سبق أن حذرنا من ضياع الوقت في حل أزمة الإسكان لخطورة ذلك على معدلات الإيجار التي قفزت بشدة مؤخرا، فهل نأمل حاليا في سقف زمني للإنجاز حتى لا يضيع الحلم الكبير؟ * رئيس طائفة العقار بجدة.