أتعاطف كثيرا مع المرأة السعودية إذ إن قضاياها لا تشبه قضايا الرجل. فعلى سبيل المثال حين تطرح فكرة أن تسجل «امرأة داعية» محاضراتها الدعوية، فالمجتمع لا يتناقش حول فحوى ما ستقوله، وهل ما تقوله مضِر أم لا ، كما يحدث للداعية الرجل، بل المجتمع يتناقش حول صوتها، وهل يسمح لها أن تسجل صوتها أم لا يسمح ؟ ودائما يستخدم ضدها سلاح القاعدة الشرعية «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح» ، وهذه القاعدة كأي سلاح يمكن لك أن تحرر به أوطانا، ويمكن أن تستعمرها به، بمعنى كيف ستتعاطى مع هذه القاعدة، فهو ما سيحدد هل أنت تستغلها للعدل أم لسلب حقوق الآخر بغض النظر امرأة أو رجل، فهذا السلاح « درء المفاسد » يستخدم مع الجميع لمنع ما يراه البعض أنه سيجلب فسادا. والقاعدة / السلاح هي لا تستخدم بما هو محرم «كالخمر» ، بل بما هو في الأصل مباح، ولكن قد يتم استغلاله كفِيز «جلب العمالة» التي أصبحت تجارة تستغل، ويمكن لشخص استخراج فِيز للعمال ثم يبيعها بأسعار عالية جدا تصل أحيانا إلى 50 ألف ريال. بمعنى أن هذه القاعدة / السلاح تقيس على الواقع، إن كانت نسبة «المفاسد» أعلى من نسبة المصالح ب 1% ، يصبح استعمالها لمنع مباح، أشبه بتحرير الأوطان، أما إن كانت نسبة المفاسد لا تتجاوز 50% فيصبح استعمالها أشبه باستعمار الأوطان وسلب مواطنيها حقوقهم. فما بالكم حين تستخدم هذه القاعدة / السلاح في الفرضيات، أي في احتمالية أن تحدث مفاسد إن تم إباحة ما هو مباح؟. خلاصة القول: إن ما هو مباح أو ما سكتت عنه الشريعة ولم تحرمه، من المفترض ألا يضع أي شخص فرضية أن هذا الأمر سيؤدي لفساد إن هو مباح بالأصل مستخدما سلاح « درء المفاسد » ، فالقاعدة لقياس الواقع، والواقع هو من سيخبرنا هل هذا المباح أدى لمفاسد، وهل نسبة المفاسد أعلى من المصالح؛ ليصبح المباح محرما؟.