سجلت الأندية الرياضية لحظة تاريخية بإقرارها الميثاق الشرفي الذي تم التوقيع عليه من جميع الأندية أمام الرئيس العام لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم في ذلك الوقت الأمير سلطان بن فهد، على أن يتم التقيد به من جميع رؤساء ومنسوبي الأندية والمتضمن عدم الدخول في مزايدات ومفاوضات مع لاعبين أجانب أو محليين يكونون على اتصال مع ناد سعودي آخر، بهدف التخريب أو تعطيل انضمام نجم لناد منافس. جاء ذلك على إثر الخلاف الذي نشب بين الاتحاد والأهلي بخصوص مفاوضة اللاعب الأرجنتيني مانسو، ومن هو النادي الذي دخل على الآخر، والذي اتهم الاهلاويون فيه نادي الاتحاد بالدخول على الخط، ومن ثم تم منع التعاقد مع اللاعب الأرجنتيني وإحداث قرار ميثاق الشرف بين الأندية، ومنذ إقرار الميثاق والتشديد بضرورة الالتزام بما فيه وإلى يومنا هذا لم يمتثل أي ناد ولم يلتزم أي رئيس بما جاء به الميثاق الشرفي، حيث تكررت حالة مانسو بين الأندية السعودية ولم يلتزم أحد بالميثاق الشرفي الموقع من الجميع، فقد تابعنا شواهد عديدة لم نجد الاتحاد السعودي يحرك ساكنا أمامها. ومن تلك الحالات انتقال عيسى المحياني للهلال، بعد دخوله على خط مفاوضات نادي النصر، وما صاحب ذلك من تذمر نصراوي، باتهام إدارة نادي الهلال والمفوض باسمه باختراق الميثاق الشرفي والتوقيع مع اللاعب بعدما نجح المفوض الهلالي بإقناع اللاعب. أيضا في مفاوضات نادي الاتحاد مع الثلاثي القدساوي (ياسر الشهراني، مبارك الأسمري، عزيز فلاتة) عندما دخل ناديا النصر والهلال كمنافسين لنادي الاتحاد للحصول على خدمات اللاعبين ليتحول اتجاه ياسر الشهراني إلى الهلال وعبد العزيز فلاتة للنصر) وهذا الموسم تجددت اختراقات الأندية لميثاق الشرف في حالتين، الأولى: دخول الأهلي في مفاوضات مع اللاعب عيسى المحياني قبل نهاية عقده أو الدخول في الستة أشهر، في الوقت الذي كانت فيه ادارة الهلال تبحث مسألة تجديد عقده، والحالة الثانية: دخول نادي الشباب في مفاوضات سرية مع اللاعب البرازيلي كماتشو، الذي كان على اتصال مباشر مع إدارة الأهلي من أجل التجديد، ليتفاجأ الأهلاويون بمساومة اللاعب بمبالغ كبيرة حتى انتهى به المطاف بالتوقيع للشباب. أمام هذه الاختراقات لميثاق الشرف فتحت «عكاظ» الملف الساخن المتعلق بها لتضعه أمام ضيوفها الذين أدلوا بآرائهم التي جاءت في السطور التالية: بداية وصف رئيس نادي القادسية السابق جاسم الياقوت الميثاق الشرفي الذي بين الأندية بأنه مجرد شعارات «لا تودي ولا تجيب»، فكل ناد سيبحث عن مصالحه ومن حقه أن يفاوض اللاعب الذي يجد فيه مبتغاه، بغض النظر إذا كان ذلك الوقت يصادف الوقت المسموح به أو لا، مبينا أنه من الصعب ضبط الميثاق في وعود وكلمة نتأمل من رؤساء الأندية الالتزام، وإذا التزم رئيس ناد معين فمن الصعب أن تضبط الرؤساء الآخرين إلا إذا أردنا أن نتحدث بدبلوماسية ونطلق عبارات منمقة وجميلة تفوح بالاحترام والتقدير لهذا الميثاق عبر وسائل الإعلام، وهذا في تصوري لن يتم عند من يبحث عن مصلحة فريقه ويسعى لكسب مزيد من المكاسب، فأغلب الأندية تعمل بمبدأ «اللي تغلبه ألعبه»، وهذا الواقع في أنديتنا. واختتم الياقوت حديثه بأننا لا نستطيع أن نلوم الأندية في حالة عدم التزامها بالميثاق لأن الجميع يريد أن يمتلك القوة لديه حتى لو تم جمع كل قيادات الرياضة واتفقوا على توقيع الميثاق الشرفي فإن ذلك لا يلزم أحدا بتطبيقه. أبو راشد: ليس معترفا به قانونيا تحدث المستشار القانوني خالد أبو راشد، حيال ميثاق الشرف الذي أبرم في الموسم الماضي، قائلا: أنا شخصيا ضد هذا النوع من المواثيق التي تتم بعيدا عن الصيغة القانونية، فالميثاق الشرفي ما لم تكن به التزامات مكتوبة وشروط جزائية فإنه من وجهة نظري المهنية لا قيمة له، فهي مرتبطة وملزمة لأشخاص هم رؤساء وليس الأندية، بمعنى أن الرئيس يكون ملتزما بكلمة شرف مع الجهة المشرعة أدبيا لهذا الميثاق، لذلك يذهب الميثاق مع الرياح عندما يتغير الرئيس، وبالتالي هذه المواثيق هي مواثيق تندرج تحت مسمى برتوكولات فقط، لكن أن تكون مواثيق ملزمة فهذا غير صحيح، لافتقادها الصفة القانونية، التي يكون في أبرزها تفنيد البنود وإيضاح العقوبات والجزاءات في الميثاق، لكن ربما يكون ميثاقا أدبيا لا يواكبه أي التزام ولا عقوبات وجزاءات، فالمسألة تكون قائمة على أدبيات الرئيس وكيفية تعامله مع الحالات التي تواجهه أو طريقة إدارته للأمور. وعن مدى التزام رؤساء الأندية في الفترة الماضية قال إن المنطق يقول إنه لا يوجد التزام ونحن لا نريد أن نتهم أحدا بعدم الالتزام، ولكن اعتقادنا بأن التعاقدات التي أبرمتها الأندية مؤخرا خير مثال على أن المفاوضات لم تأت بين عشية وضحاها وإنما استغرقت وقتا طويا، وهذا ما نلمسه في الاتفاقيات أو في توقيع العقود. النويصر: الاحترافية تمنع تطبيق الميثاق محمد النويصر رئيس رابطة دوري المحترفين كان له رأي آخر قال فيه: إن ميثاق الشرف هو مأخوذ من اسمه «شرفي» يعتمد في المقام الأول على التزامات أدبية أكثر منه التزاما قانونيا، ويظل مفهوما يختلف من شخص إلى آخر، كل حسب تصوره، وغالبا هذا الميثاق يكون بين مجموعة تتفق على أمر ما بغض النظر عن الميثاق الشرفي الذي وقع مع رؤساء الأندية أو غيرهم، ومهما كان مضمونه أو محتواه، المهم مدى الالتزام به من الجميع، فإذا كان هذا الالتزام مطبقا يكون ميثاقا قويا وفعالا، لكن إذا أخل أحدهم بهذا الاتفاق فمن الصعب أن تلزمه على الأطراف الأخرى. وأضاف النويصر: إن نقطة الاختلاف في مفهوم الميثاق الشرفي إذا كان التزاما في قضايا معينة بعيدة عن الاحتراف وخارج نطاق كرة القدم فهذا أمر يتوقف على الأشخاص المتفقين، أما إذا كانت الأمور متعلقة بكرة القدم فمع احترامي له لا يمكن تطبيقه لأن كرة القدم تقوم على احتراف وعقود ولوائح وأنظمة يجب أن لا تدخل المواثيق الشرفية فيها، لأنه لا يوجد نظام رياضي في العالم يجيز تطبيق هذا النظام. وعن ما يحدث الآن في الأندية قال النويصر: حقيقة أنا لا أعلم عما يدور داخل الأندية، فأنا إنسان بعيد عن عملهم، لكن المسألة يجب أن تؤخذ باحترافية ولا بد أن نشجع هذا التوجه الاحترافي طالما يخدم الكرة السعودية، كما أن العقود هي من تضبط العلاقة بين النادي واللاعب بعيدا عن تدخلات مواثيق شرفية أو غيرها. من جانبه قال عبدالعزيز الدغيثر، المشرف السابق على فريق النصر والناقد الرياضي: لا يوجد التزام من إدارات الأندية في تطبيق الحد الأدنى من الميثاق الشرفي، الذي تبناه وأطلقه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد، لأن جميع رؤساء الأندية لم يفعلوا هذا الميثاق ولا يعنيهم ميثاق الشرف وليست لديهم رغبة في التعامل معه، فكل رئيس يبحث عن مصلحته الشخصية ومصلحة ناديه، وأعتقد أن رؤساء الأندية خذلوا صاحب الفكرة الرائدة في مجتمعنا الرياضي. وأكد الدغيثر أن الميثاق الشرفي لا يمكن حصره في كرة القدم التي تحكمها قوانين احترافية، وإنما الميثاق الذي نطالب به نحن كرياضيين هو الاحترام المتبادل بين منسوبي الأندية وعدم الظهور في الإعلام بصورة سلبية لا تعكس حقيقة مجتمعنا الإسلامي قبل أن يكون مجتمعا رياضيا، فللأسف شاهدنا خروجا عن النص وسمعنا تصريحات تجاوزت حدود الاحترام، كما أننا لمسنا أن هناك لغة جديدة تفشت بين المسؤولين على الأندية هي لغة (كسر الخشوم)، وأعتقد بأن هؤلاء الرؤساء أساؤوا لأنديتهم قبل أن يخترقوا الميثاق الشرفي، وكم من رئيس أساء بتصريحاته ومن ثم اعتذر. وبين الدغيثر أن علاقة الأندية في انتقالات اللاعبين تقوم على مبدأ العرض والطلب، وكل ناد وشطارته الاحترافية، وكذلك قدرته المالية للحصول على أفضل اللاعبين، وهذا ما حدث في موضوع انتقال أسامة هوساوي من الهلال إلى اندرلخت البلجيكي، وأيضا في انتقال كماتشو البرازيلي للشباب، وربما أحمد الفريدي، ولكن المأخذ على تصرف كماتشو أنه «كذب» على الأهلي في أسلوب تعامله مع الأندية السعودية عندما صرح وقال: إن ظروفي الخاصة تمنعني من العودة للأهلي ومن ثم نجده في الشباب، لذلك يجب علينا عدم اختزال ميثاق الشرف في عقود للاعبين أو انتقالات، فالمفاوضات حق مشروع حسب القنوات المسموح بها ولكن شاهدنا نادي الهلال في مفاوضته لوالد اللاعب أحمد الفريدي، ونحن لا نمانع بالتحدث مع والد اللاعب لو كان الموضوع لا علاقة له بكرة القدم، لأنه من المفترض أن تكون مفاوضات الهلاليين مع وكيل أعمال اللاعب سلطان البلوي حسب ما تنص عليه لائحة الاحتراف. المهندس طارق التويجري كشف أن ميثاق الشرف ولد متزامنا مع القضية التي كانت بين الاتحاد والأهلي في قضية مفاوضات اللاعب الارجنتيني مانسو والتداخل بين الطرفين واحتدامهما في الحصول على خدمات اللاعب، من ثم جاء الميثاق الشرفي للحد من الصراعات حول اللاعبين، سواء كان ذلك للاعبين أجانب أو محليين، فهذا الصراع كلف الأندية مبالغ مالية باهظة، مما دفع بها إلى التذمر من التضخم في عقود اللاعبين، لذلك في تصوري الشخصي أن الميثاق الشرفي هو الطريقة الوحيدة التي تخرج الأندية من الأزمات المالية، ولا سيما في تحديد سقف أجور اللاعبين، وذلك من خلال إيجاد آلية معينة للتعامل مع كافة المستجدات الاحترافية، لكن هل هذه الآلية تتناسب مع كل الأندية (هنا السؤال؟). وفي اعتقادي أن الآلية ربما لا تتناسب مع الأندية التي لا يوجد بها لاعبون، وبالتالي تطمح في فتح السقف من أجل الحصول على عناصر مميزة تدعم بها فريقها، وهناك أندية تشجع وتتمنى أن يكون هناك سقف محدد لأجور اللاعبين، وهي الأندية التي تمتلك نجوما، وأمام هذه المعطيات نجد أن العنصر المالي هو المتحكم في إيجاد هذا الميثاق من عدمه، ففي الفترة السابقة كانت هناك قوة مال رفعت معدلات التضخم في أسعار اللاعبين، ولكن عندما وجدت الأندية نفسها تدفع مبالغ عالية وتتحمل تكاليف باهظة أعادت سياستها التفاوضية لما يتناسب مع موقفها المالي، وهذا ليس في كرة القدم فقط وإنما حتى على مستوى الدول هناك اتفاقيات مالية تحد الأسعار من التضخم وربط اقتصاديات، لذا إذا أردنا أن نتحدث عن مكونات سوق رياضي فلا بد من ربط اتفاقيات لتحديد الجوانب المالية وتقليص معدلات التضخم في عقود اللاعبين. وبين التويجري أن هناك ممارسات غريبة تحدث من قبل بعض رؤساء الأندية عند دخولهم في مفاوضات مع اللاعبين من خارج أنديتهم، هذه الممارسات تزرع علامات استفهام من خلال قائمة عروض تفوق المتوقع، لافتا إلى أن المنهجية التي يسير عليها النادي الأهلي فيها كثير من الاحترام والاحترافية ولا يحب أن يدخل في صراعات، فلديه فلسفة تقوم على التركيز لما يحتاجه الفريق وبالتالي لا غرابة أن نشاهد فريقا ممتعا ومنافسا، وكان حصان الموسم الماضي ولا تجد النادي الأهلي منافسا على لاعب يتجاوز سعر عقده ما هو متوقع، بينما هناك أندية تدفع أموالا مبالغا فيها، ومن ثم تضع نفسها تحت الضغط الجماهيري والمالي مما يعرضها للانهيار. واختتم التويجري حديثه بأن بداية التصحيح تأتي من الأندية من خلال وضع منهجية وآلية محددة تحدد فيها الاحتياجات الضرورية للفريق ومن ثم تضع لها ميزانية، كما يحدث الآن في اوروبا، وعندما أعلن بلاتيني انزعاجه من التضخم الكبير في العقود الاحترافية للاعبين وجه بتحديد هذا الجانب وشجع الأندية على تفعيل المداخيل المالية التي تخدم الرياضة الأوربية بشكل عام، ونحن يجب علينا الاستفادة من توجه بلاتيني حتى نحافظ على رياضتنا وهذا هو الميثاق الشرفي الذي نناشد به. أحمد مسعود رئيس نادي الاتحاد السابق أكد أن نادي الاتحاد خلال رئاسته كان أول ناد يوجد ميثاق الشرف بين الأندية، وذلك عندما دعا رئيسي الأهلي والوحدة إلى جانبه كرئيس للاتحاد، حيث قال: إن الميثاق الشرفي كان يقوم على أمور لا دخل لها في الجانب التنافسي وعمل ميثاق شرفي يساهم في تعاون الأندية الثلاثة، لأنه من غير المعقول أن تضع ميثاقا شرفيا بين كافة الأندية تحد فيه الروح التنافسية ولن تجد أحدا يتقيد بها، فلو صرحت الأندية أنها موافقة على الميثاق علنا فإنها سوف تمارس المفاوضات سرا، وهذا لم يكن فقط في الفترة الحالية وإنما منذ أن وجدت الأندية وقبل أن يكون هناك احتراف، الجميع يبحث عن مصالحه الخاصة، وإذا ضربنا مثلا بأن الاتحاد كان يريد لاعبا معينا وكان النادي الأهلي سبق وأن فاوضه أو حتى على اتصال به من أجل الاستعانة بخدماته فإن الاتحاد أو غيره لن يتردد في دفع مبلغ أكبر من أجل الحصول على خدماته طالما لديه قدرة مالية تمكنه من استقطاب اللاعب والعكس صحيح، والشواهد كثيرة في كل الأندية فهذا طبع بشري لا علاقة له بالميثاق الشرفي الذي ينبغى أن يكون في حدود معينة فقط. وأضاف المسعود بأن هناك كثيرا من التجاوزات وكثيرا من التحديات حول اللاعبين مما جعل اللاعب السعودي يصل إلى أرقام فلكية ستأتي بالأثر السلبي في المستقبل، وحتى نعالج هذا الأمر لا بد أن نهيئ المناخ الاحترافي المناسب، وذلك لن يتحقق إلا من خلال الرئاسة العامة لرعاية الشباب بوضعها حدا أدنى وأعلى حتى نستطيع أن نضبط المسألة، وبالتالي الأندية تعرف الموازنات المالية للاعبين، عدا ذلك فإن الأمر يكون محل منافسة لا علاقة لها بالميثاق، فإذا لم يأت التحرك من قبل النادي فإن التحرك سيأتي من جهة غير رسمية (كالمحبين للنادي) ولن تضبط المسألة، لا سيما بعد انتشار نوع من المفاوضات يتمثل في (التنغيص) الذي تقوم به بعض الأندية، ليس من أجل استقطاب اللاعب وإنما لأنها تريد أن ترفع سعره على ناديه، فللأسف إن تلك الممارسات أوصلت قيمة عقد اللاعب إلى 20 مليونا، لذلك المسألة تقف عند الرئاسة العامة في تحديد أسعار اللاعبين وفق ضوابط معينة تلزم بها كافة الأندية، عدا ذلك لن يكون هناك ميثاق شرفي.