حكايتنا مع «السلامة» بمفهومها الواسع أعجب من العجب! فهي رغم التطور المعيشي والتعليمي تبدو معدومة الاهتمام في بيوتنا ومن ثقافتنا الحياتية، وبيننا وبينها ما بين المشرق والمغرب، حتى في كثير من المدارس والمحلات والمؤسسات الحكومية والخاصة هي غالبا ثقافة مهملة وبدون تدريب دوري وتجارب افتراضية للطلاب والطالبات والعاملين رغم شروط الدفاع المدني وجولاته وجهوده للتدريب، وما أحداث التسمم والحرائق المفاجئة والارتباك فيها إلا شاهد على كشف المستور، وأن غياب الوعي وإهمال الوقاية ومتطلباتها البسيطة يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. أولا سلوكنا الغذائي تدينه موائدنا غير الصحية ولا المتوازنة، والسلوك الدوائي يدينه إهمال (معشعش) في الصيدلية المنزلية بالتخزين الخاطئ للأدوية وبقاياها، واستخدامها دون وعي ولا نظرة على تاريخ الصلاحية. وتعالوا لصور أخرى عن الخطر الكامن في البيوت: فالمواد الكيماوية من مطهرات مركزة ومنظفات سامة وحارقة يتم تخزينها في أماكن منخفضة يسهل وصول الأطفال إليها واحتمال العبث بها في غفلة من أهلهم فتحدث كوارث لا سمح الله. ليس هذا كل شيء في عوار ثقافة السلامة: فمعظم الأسر تهمل الاحتياطات ولا تحرص على أن تتفقد دوريا توصيلات اسطوانات الغاز من باب (ليطمئن قلبي) وعدم الكشف عن طرفي (اللي) الذي لا ينتبه لهما أحد لسنوات وسنوات، وإهمال التأكد من سلامة الوصلة وبشكل خاص القريبة من حرارة الفرن وشعلات النار وهي الأكثر تعرضا للتلف!. أيضا هل تعرف ربة المنزل أو الخادمة كيف تتصرف لو حصلت تسريبات للغاز، أو حدوث حريق -لا سمح الله- بسبب غاز أو تماس كهربائي؟ وكم من المنازل بها طفاية حريق؟ وكم رب أسرة حاول أن يعلم أو يدرب أهل بيته ماذا يفعلون مثلا إذا ما حصل حريق أو تسمم أو غير ذلك من أخطار طارئة، بل ما مدى الاهتمام بطفاية الحريق في السيارات وتفقدها؟ وما هو حال وسائل السلامة في المحلات وحتى الشركات والأجهزة الحكومية؟ للأسف هي موجودة لكنها مهملة وربما بعضها فارغة وغالبا لا ينتبه لها أحد، وعند أي خطر تكون المفاجأة الصادمة عن إهمال وسائل السلامة. المؤسف في كل هذا الإهمال والجهل بثقافة السلامة الحياتية الواسعة، أن لا ينتبه له الغافلون. فهل بعد كل هذا يمكن القول إننا نعرف حاجة اسمها السلامة.. حفظ الله الجميع. [email protected]