أعتقد أننا نفكر في كل شيء ونهتم بأمور كثيرة إلا ثقافة السلامة في حياتنا، فنادراً ما يطلع كل منا على مبادئ السلامة الشخصية والعامة كيف يتصرف في حالة الطوارئ إذا ما حصل مكروه لا سمح الله من إصابة أو حريق، وفي حالة كهذه لابد أن يصاب الإنسان بصدمة فورية تشل تفكيره وتربك تصرفه . وبصراحة شديدة يلاحظ تهرب واضح من تأمين أبسط مقومات السلامة والتدريب عليها مع أنها شغلة بسيطة ولا تكلف شيئاً إلا مراجعة لما ينقص من هذه الوسائل في بيوتنا، وثقافة عامة عن مبادئ الإسعافات الأولية وننفق القليل لتأمين متطلبات ذلك من مواد إسعافات أولية وطفاية حريق، والأهم كيف نتعامل مع كل حالة مفترضة لا سمح الله، فالوقاية خير من العلاج . نظرة بسيطة وسريعة على سياراتنا وبيوتنا ..آخر شيء يشغلنا ولو لدقائق هو هذه الثقافة المهمة التي لا غنى لأحد عنها، فكثير من السيارات تجد عبوات الطفايات فيها فارغة ومهملة وصاحب السيارة أو قائدها يستخدمها في كل مشاويره وفتح الباب الخلفي ويضع أغراضاً ويرفع أغراضاً دون أن ينتبه لمكان الطفاية، ولولا الشروط المرورية والحملات التي لم يعد لها أثر على طفايات الحريق، لما وضعها أحد في سيارته من الأساس . هكذا لا نستجيب إلا لأوامر وتعليمات أو لنتفادى حملات مفاجئة وغرامة وإحراجات، مع أن الضوابط المرورية تستهدف السلامة على الطريق وليس وضع طفاية كديكور أو لزوم تجنب المخالفة وهذا هو الخطأ الأكبر في فهم التعليمات . هذه واحدة من مظاهر الجهل بسبل السلامة والتعامل مع حالات الطوارئ، وقد أعجبتني حلقة برنامج " خواطر " أول أمس عن أرقام الطوارئ وتعددها، فقد كشف البرنامج عن مدى الجهل أو الخلط بين أرقام الدوريات والدفاع المدني والإسعاف، وأتفق مع خلاصة البرنامج بضرورة وجود رقم موحد كغرفة عمليات لكل الطوارئ توجه إلى الخدمة المطلوبة وبسرعة بدلاً من الحيرة والارتباك لمن يطلب نجدة أمنية أو الدفاع المدني والإنقاذ حيث لا يسعفه الموقف . أما في بيوتنا فحدث ولا حرج لأننا نختار مواصفات السكن ونظامه وشكل العمارة والماء موجود فيها أم مصابة بالقحط والجفاف كحالنا في معظم أحياء جدة، كما نفكر بمتعة في اختيار الفرش وتجديد الديكورات، ولا أحد يفكر ولو للحظة كيف يتصرف في حال حريق لا سمح الله ..وأنا متأكد أنه لو قام برنامج بسؤال الناس رجال ونساء كيف يتصرف لو دخل مسكنه وفوجئ بالغاز يملؤه ؟ ! . في حالة كهذه سيجيب كل منا بعد ثوانٍ من التفكير، ويقول الإجابة الصحيحة أو ربما الخاطئة، لكن في الموقف الفعلي وفي كل الأحوال الوضع يختلف على أرض الواقع، فلو كان الوقت ليلا، أول شيء قد يفعله الشخص أنه سيمد يده بتلقائية إلى مفتاح الكهرباء مع أنه يشم غازاً قوياً أول ما يفتح الباب ..فكم واحد منا فكر في ذلك وكم منا ينصحون زوجاتهم وأبناءهم عن كيفية التصرف السليم حتى لا يقع المحظور ويكلف كثيراً . أرأيتم كم نحن بعيدون عن ثقافة السلامة ومبادئها البسيطة التي لا تكلف شيئاً مع أنها ضرورية، وكم من مفاجآت داهمت قائدي السيارات وكذلك الأسر في البيوت وأربكتهم ..أخطاء كثيرة نعيش معها، وإذا نبهت أحداً يقول لك " خليها على الله، ربك هو الستار " ، وقد قال سبحانه وتعالى :"ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ، فالأخذ بالأسباب هو سبيل الوقاية والنجاة في هذه الأمور وغيرها المتعلقة بحياتها في دنيانا ولآخرتنا . أتذكر موقفاً تعرض له صديق قبل عدة سنوات وأخبرني به حينذاك ..فقد فوجئ بزوجته تصرخ فانخلع قلبه من " الفجعة " ، وسرعان ما اشتم رائحة حريق سببه اشتعال المكيف في غرفة أخرى، وحسب كلامه أصيب بذهول وعجز لثوانٍ عن التصرف حتى تذكر " الطبلون " الرئيسي للشقة، ولكن زوجته سبقته بسطل مياه مباشرة على المكيف، فتحول الحريق الصغير إلى صواعق وكأنها رعد وبرق، فهرول لينقذها وسارع إلى فصل التيار وقام بإطفاء النيران حتى انتهت وحمدوا الله على السلامة، فكان درساً لا ينسى بأن الوقاية خير من العلاج والوعي بسبل السلامة . بسيطة لكنها في غاية الأهمية، ومع ذلك نهملها ولا نلتفت لها ..ولا أدري كيف نصل إلى الوعي المطلوب وتصبح السلامة ثقافة في حياتنا، هل وصولاًأشياء نحتاج لحملة وطنية ؟ ..هل نحتاج لجرعات توعية مستمرة من الدفاع المدني والهلال الأحمر ليس فقط في اليوم العالمي لهذا وذاك، نحتاج حقيقة إلى ثقافة للسلامة تبدأ من كيفية استخدام الأجهزة المنزلية التي تملأ بيوتنا دون أن نقرأ تعليمات تشغيلها، إلى التعامل مع الأزمات الطارئة في الإسعافات الأولية في حالة الإصابات أو الأزمات القلبية المفاجئة وغير ذلك من مبادئ السلامة العامة . نقطة نظام : درهم وقاية خير من قنطار علاج sh 98 khalid@gmail .com