أحداث سياسية متفرقة في بعض دول العالم العربي، أنتجت مواطنا سياسيا بالفطرة، اقتحمت المتغيرات الأبواب وشارك فيها الرجل والمرأة والطفل شارك بالرأي والتحليل والاستنكار والشجب وحلت الأرقام مكان الحروف، وتسابقت الأقلام على نشر الخبر، وتوالت العناوين الغريبة والعجيبة على صفحات الصحف الورقية والإلكترونية والمواقع الاجتماعية، منهم من يكتب: رصاصة واحدة لا تكفي، ومنهم من يكتب: نريد دواء يسكن آلام الحرب، وآخر يكتب مجرم آثم ينتمي إلى حزب وحشي، عناوين مبهرة وغريبة ودساتير أغرب. من العوامل السياسية الناجحة في نظام الجمهورية، الانتخابات النزيهة والنظام الحر الذي يستند إلى الدستور وحرية التعبير والتمثيل والمشاركة في الانتخابات على أساس المساواة الاجتماعية، لن تزدهر الحضارة ويعم الاستقرار إلا في جو سياسي ناجح 100 %، ها هي المعطيات التي تصدرت الكتب السياسية وأصبح الكل يتناولها بكل قناعة، إلى عهد قريب لم يهتم آباؤنا وأجدادنا بالشأن العام السياسي ولا يحبذون الخوض فيه وكأنه من المحرمات الدينية، وها هي الحروب اليوم الناجمة عن التسلط والدكتاتورية التي أقصت الأرواح وانتهكت الحرمات وقتلت البراءة وسلبت الحقوق والكرامة الإنسانية مقابل كراسي رئاسة بائدة. لا ينتعش التاريخ أو يزدهر الاقتصاد إلا إذا نجحت الخطة السياسية وتقدمت مصلحة الوطن قبل المناصب والتسيد على عرش الظلم والظلام، افتقدت بعض الأنظمة إلى النسق الفكري الذي يشيد الأوطان ويعكس موضوعية الواقع، لم يؤخذ بالاعتبار أن الإنسان هو الأداة والتقنية الطبيعية الأولى في الحياة ومن أجله رسمت الخطط وتوجهت الجهود إلى قدسية الكرامة والعمل على رفاهيته. ولكننا لم نشاهد في تلك الأنظمة إلا نمطا هزيلا من الاهتمام لهذا الكائن، وظواهر نفسية مريضة تحارب وتقاتل مقابل قوانين تعسفية تثير القلق والجدل، لم يكن ظنا فاسدا ولا وهما، هي الحقائق التي جعلت من الروح العربية في بعض الأقطار رخيصة جدا تقتل لمجرد قانون الإزاحة لتحل مكانه ذرات سامة فطرت قلب الفيزياء البيولوجية بلا خصائص تذكر أو عوامل مشتركة لهذا الإنسان المناضل والكادح من أجل البقاء. نحن بحاجة ماسة إلى نمذجة الأوعية الدموية الباردة إلى دماء إنسانية ذات مروءة حية، لقد اندست الخيانة في الوعاء الدموي وبات المجرم لا يشعر بفداحة القتل والتعذيب يا له من إجهاد إنساني يتطلب إعادة كيميائيته من جديد.