الكتابة بكل أشكالها التي عرفتها الحضارات كفن وإبداع تقدم نفسها كوسيلة تحمل رسالة سامية، رسالة التثقيف والتنوير وتحريك الجمود الفكري وتطويره. وكتاب الرأي في صحفنا يعتبرون الأبرز حاليا بما يطرحونه من آراء صادمة ومتجاوزة لكثير من حدود التحفظ. ويعرضهم هذا لكثير من المشاكل والإساءات. ورغم ذلك يتجاوزون مراحل الهواية أو المشاركة الهامشية ليصبحوا أصحاب مهنة كتابية واضحة المسار والأهداف، اتفقوا عليها ضمنيا في كثير مما يكتبونه، مما جعلهم مهنيين في كل المهن وفي كل مجالات الحياة، وجاء الوقت ليصبح الاعتراف بهم كمهنة لها مرجعية. ومامن مهنة إلا وتتجه تلقائيا نحو التوحد في أهدافها العامة مع اختلاف الممارسات الخاصة لمزاوليها، ويصبح من الضروري لها من تجمع وعمل مؤسسي يحافظ على تلك الأهداف ويساهم في تطورها. وجمعية كتاب الرأي التي تمت الموافقة عليها مؤخرا خطوة في الطريق الصحيح. ولن اتخيل ماذا يمكن أن تقدم الجمعية لكتاب الرأي. فكل تلك أتركها للجنة التأسيسية ومن يلتحق بها من أعضاء. ولكن يطرأ على ذهني سؤال سببه أن كتاب الرأي الذين عرفناهم هم أكثر من ينتقد أخطاء العمل المؤسسي بكافة أشكاله في القطاع العام والأهلي، هم الأكثر انتقادا للبيروقراطية الإدارية في تسيير الأعمال والتراخي في التطوير للأنظمة واللوائح، هم الأشد حرصا على حقوق الناس وحمايتها، وكانوا دائما الأقرب إلى أراء المجتمع حول الأداء المفترض ومقارنته بتطبيقاته. كل هذا سيجعلهم الآن في مواجهة مع أقلامهم خلال عملهم في (جمعية كتاب الرأي). سيكون لكتاب الرأي الآن مظلة من اللوائح والأنظمة والقوانين، سيكون لهم تجمعا يسعون من خلاله إلى تأصيل حرفتهم الكتابية ورفع قيمتها، سيكون لهم بيتا من أول أولياته أن يحميهم ويحافظ على حقوقهم، ولا شيء أصعب من أن يأتي أحدهم يوما ويخاطب عضوا في الجمعية وهو ينتقد أداء جمعية أو وزارة أو مؤسسة، أو يدافع عن حقوق الآخرين؛ ليقول له: عجزت عن بيتها وراحت بيت الجيران.