حين تستهدف الدولة (أي دولة) استراتيجية ما، يستوجب الأمر تعبيد وخلق الطرق السهلة التي من شأنها التسريع بتحقيق أهداف تلك الاستراتيجية.. وهذا القول أشبه بفذلكة مدرس يعيد شرح الدرس المفروغ من فهمه. لكن إعادته (في أحيان) ربما لتذكير المدرس بأنه خرج عن الدرس، وهذا ما أقصده تماما من خلال التذكير بالأهداف التي وضعت من أجل الاستثمار الأجنبي. وهي أهداف انحرفت أو تعطلت على أرض الواقع، فمنذ صدور قانون الاستثمار الأجنبي (عام2000 )،قدمت فيه حوافز تنظيمية قد يكون أهمها تسجيل المشروعات، وإنهاء الإجراءات التنظيمية الخاصة بها مع ضمان إصدار قرارات الموافقة على طلبات تراخيص الاستثمار الأجنبى خلال ثلاثين يوما من تقديم الطلبات إلى الهيئة العامة للاستثمار السعودي، وتحقيق المساواة فى المزايا والحوافز والضمانات المقدمة للمستثمرين الأجانب. ويدخل في ذلك إعطاء ملكية للشركات والأراضي بنسبة 100في المئة للأجانب . و تمليك المستثمرين الأجانب 100في المئة من أرض المشروع .و إلغاء الحد الأدنى المطلوب لرأس المال، والتأكيد على عدم وجود قيود على إعادة تحويل رأس المال . مع توفر إمكانية كفالة الموظفين الأجانب من المستثمر الأجنبي، وهي طرق معبدة كضمانات على الورق. ولو انتقلت من الورق إلى الواقع فإنها ستمكن المستثمر الأجنبي من الاستثمار المريح والذي يحقق فائدة للبلد إلا أن واقع الاستثمار الأجنبي يشير بوضوح إلى أن تلك المميزات لم تتحقق، فشكوى المستثمر الأجنبي من وجود معوقات أساسية تقف أمامه لها علاقة بالتشريعات والأنظمة وبعضها خاص بغياب المعلومة، وبعضها خاص بالسياسات الاقتصادية وتكلفة الاستثمار وهي المعوقات التي ذكرت في فعاليات ندوة استثمار رأس المال الوطني والأجنبي «الواقع والتحديات»، التي نظمها معهد الإدارة العامة في 2009. ومع ذكر تلك المعوقات ومعرفتها جيدا فإن هيئة الاستثمار الأجنبي لم تستطع إلى الآن تمهيد الطريق أمام المال الأجنبي لكي تستفيد منه البلد استفادة تحقق لها مدخولا إضافيا. فالهيئة مثلا لم تستطع اختصار زمنية إصدار تراخيص الأعمال والموافقات أو في جانب بطء إجراءات التخليص الجمركي أو التعجيل والإسراع في تنفيذ الأحكام التشريعية، ولم تستطع توفير أنظمة لحماية الاستثمارات الجديدة ومنتجاتها من السلع المستوردة المقلدة. هذا إذا أغفلنا بطء إجراءات التقاضي وعشرات المفردات الخاصة بالتسهيل الأجنبي لم تتحقق على أرض الواقع وهذا يجعلنا نقول إنه ربما ألقي على الهيئة ثقل يفوق مقدرتها فهي مثلا غير قادرة على إيجاد البنية التحتية المتكاملة، ولا تستطيع استكمال نقص المعلومة وليس لديها المقدرة على توفير الكفاءات الإدارية، أو تخفيض تكلفة تدريب الأيدي العاملة وأمور كثيرة لم تتمكن هيئة الاستثمار الأجنبي من حلها. ومع كل هذا فهي مطمئنة بأن ما تقوم به يحقق الهدف الاستراتيجي من قيام مشروع الاستثمار الأجنبي وللأسف فإن هذه اللافتة الاقتصادية الضخمة والتي كان معول عليها على ضخ أموال إضافية في البلد كانت كالجبال الشامخات على الورق لكنها في الواقع تحولت إلى بقالة أو فرن عيش. فهل يعقل أن تموت الفكرة في ظل هذا العجز، وعدم المقدرة على إحياء استثمار يتوافق مع مكانة دولة تحتل المرتبة 23 ضمن الاقتصادات الخمسة والعشرين الأكبر فى العالم، والمرتبة الأولى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فإن تفشل في استراتيجية جذب المال الأجنبي فهذه معضلة ضخمة بحاجة إلى استثمار عقول لحلها.! للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة