العديد من الحوافز التي يحصل عليها رجال الأعمال في المملكة هي الأعلى على مستوى معظم دول العالم، وهناك ثلاثة حوافز محددة "أراهن" على عدم وجود مثيل لها في العالم ! هذه الحوافز الثلاثة هي: 1- قروض الصناديق المتخصصة وبخاصة الصندوق الصناعي، الذي قدم قروضا تفوق ما قدمته "جميع" صناديق الإقراض في الدول العربية مجتمعة مع فارق جوهري هو أن معظم صناديق الإقراض في العالم وفي دول العالم العربي - ومن بينها دول الخليج العربي وتحديدا الإمارات ! - تعمل وفقا لأسس تجارية، بينما الصندوق الصناعي في المملكة مدعوم من "المال العام" بمليارات تقدم لرجال الأعمال على طبق من ذهب مع تسهيلات في السداد ودون فوائد (باستثناء مصروفات إدارية بسيطة). 2- أسعار الطاقة، حيث أنه وفقا لتقرير الطاقة السعودي الأول الصادر عام 2007عن الهيئة العامة للاستثمار فإن سعر الغاز الطبيعي في أوروبا والولايات المتحدة وكندا يفوق السعر المتاح للمستثمر الوطني والأجنبي في السعودية مابين 9إلى 11ضعفاً ! والأمر نفسه ينطبق على تعرفة الكهرباء في المملكة التي تقل بنسبة 27% عن أسعارها في الصين وبنسبة تتراوح ما بين 30- 35% في أوروبا والولايات المتحدة، وكذلك الحال بالنسبة لتعرفة المياه التي تقل بنسبة 35% عن كلفتها في الصين، وبنسبة 55% عن كلفتها في المملكة المتحدة. 3- مجانية تسجيل الملكية العقارية، فقد حصلت المملكة على المركز الأول عالميا في هذا الجانب وفقا لتقرير البنك الدولي الصادر قبل شهرين، إذ لا توجد دولة في العالم غير بلادنا يمكن لشخص فيها "إفراغ" أرض بمئات الملايين لشخص أخر خلال يوم واحد ودون دفع أي رسوم أو ضرائب. وهناك حوافز أخرى، مثل تقديم الأراضي بأسعار رمزية، والتخفيضات في رسوم الجمارك، مع عدم وجود أشكال متعددة من الضرائب والرسوم المرهقة لرجال الأعمال، وغير ذلك.. وأنا لا أنكر وجود المعوقات ووجود أجهزة حكومية فيها الكثير من الفوضى والبيروقراطية "القاتلة" والتعامل بغباء أو تعالٍ أو استهتار سواء مع المواطن أو رجل الأعمال دون حسيب أو رقيب ! ولكن ذلك موضوع آخر. و هنا أقدم مقترحاً للمجلس الاقتصادي الأعلى، بإعداد دراسة شاملة حول كيفية الاستفادة من وجود هذه الحوافز الاستفادة المثلى لخدمة المواطن والاقتصاد الوطني، بحيث يتم أولا حصر هذه الحوافز ومقارنتها بدول العالم الأخرى، ومن ثم وضع معايير معينة لتقديم كل حافز بحيث يستفيد منها بصورة أكبر الشركات التي تدرب وتوظف المواطنين بنسب عالية، وبحيث تحصل المشاريع المقامة في المناطق الأقل نموا على حوافز أعلى، وغير ذلك من معايير.. إن بقاء الوضع (العشوائي) فيما يتعلق بالحوافز على ما هو عليه، يعيق تحقيق الدولة لعدد من أهدافها الإستراتيجية التي يتم الإعلان عنها كثيرا دون أن تتحقق على أرض الواقع، ومنها وأهمها التنمية الإقليمية المتوازنة، والتي لا يمكن أن تتحقق بصورة شاملة ما لم يتم تحفيز القطاع الخاص "عمليا" على المساهمة فيها.