يبدو أننا تدللنا كثيرا ولسنوات طويلة على العمالة المنزلية خاصة من إندونيسيا والفلبين الأشهر في تصدير هذه العمالة التي عرفت خصائص الأسرة السعودية خاصة والخليجية عامة، واليوم يتحسر كثيرون عندنا على ماكان من (بطر) بعد أن جربنا العمالة المستجدة من دول لا تعرف عمالتها (ألف باء) ثقافة الخدمة المنزلية، حتى أن الصغير عرف الفارق. من مظاهر البطر فيما مضى: كانت بعض الأسر تتباهى بمواصفات خادمتها وتقيس مزاياها بشكلها وشطارتها، والوقت المفتوح لخدمة الصغير والكبير (وهي مغمضة) والشغل من صباح ربنا حتى منتصف الليل، ولا يوم راحة (ولا تزنّ وتبكبك) على الراتب حتى لو تأخر شهورا، وإذا أبدت الزوجة المصون عين السخط، فعليها أن تمسك الباب لاستبدالها بخادمة (تفصيل) تدبرها لها إحدى صديقاتها، فلا استقدام ولا رسوم ولا خسارة هروب. اليوم وقد تغيرت أوضاع سوق العمالة المنزلية واضطراب أحواله وأصبح الجود بالموجود ولم يتم بعد علاج الأزمة بشكل صحيح، لذا لجأ بعض المواطنين إلى التحايل لجلب خادمات من إندونيسيا والفلبين بتكاليف تصل إلى 30 ألف ريال، والآن قفزت الرواتب إلى (2000) ريال شهريا في بعض الحالات، ومن لا يعجبه أو لا يستطيع، عليه بالاستقدام بطريقة (شختك بختك) أو يلجأ للاتفاق مع سماسرة بمرتب مضاعف وساعات عمل محددة ويوم إجازة عند جماعتها، والأسرة التي لا تعجبها الشروط الباب يسع عشرة. وهكذا أصبح حالنا مع العمالة المنزلية والهروب الذي لم يتوقف حتى من العمالة من دول جديدة بعد أن عرفت اللعبة وأدركت عطش السوق، لنسمع مؤخرا أفكارا أو (جس نبض) عن إمكانية تشغيل عمالة منزلية سعودية لتقوم الدنيا ولا تقعد. قد يفهم البعض كلامي على أنه تفضيل لعمالة بعينها، لكنني في الحقيقة أتحدث عن واقع، وأدعو إلى تصحيح الأخطاء، لأننا من شجع السماسرة والسوق السوداء، ومن أصاب السوق بهذا الخلل بغياب ثقافة المعاملة بالمعروف أو التسريح بإحسان، وفي نفس الوقت والتوازي تسود ثقافة التلاعب والضغوط من الخادمات جشعا واستجابة لإغراءات السوق السوداء. واليوم الكل يصرخ وينتقد كل شيء، وضاعت المسؤولية وسط الزحام انتظارا لشركات الاستقدام المساهمة وفق النظام الجديد، وهنا أقول: الله يبلغنا الآجال والآمال. [email protected]