رغم وفرة وتنوع مصادرنا المعرفية، والانفتاح المعلوماتي الذي نغبط أنفسنا عليه بين الحين والآخر، والجهود الجبارة التي يبذلها بعض أفراد المجتمع في التوعية والتثقيف والتلميح والنقد الاجتماعي، إلا أننا مازلنا نعاني من ذات القضايا والمشكلات!. فالاستهتار بأهمية الوقت مازال موجودا، والسرعة الجنونية في الشوارع مازالت تخطف الأرواح، والطبقية والتصنيف والعنصرية مازالت تختال في العيون والألسنة، أما التعصب الرياضي فقصصه العجيبة لا تنتهي!. منها مثلا ربط الحدود الجغرافية بالميول. فإن كنت من سكان المنطقة الشرقية وتشجع فريق الأهلي فأنت ترتكب خطأ في حق نفسك ومنطقتك!. وتكفيك ملامح الذهول التي ترتسم على من تحادث، والتي تشعرك بفداحة ما ترتكبه من خيانة بعد لومك وعتابك ومن ثم إنهاء المحادثة بالسؤال المعتاد «كيف كدا؟ ما يسير يا أخي»!. وأتساءل.. ما علاقة ميولنا الرياضية وعشقنا لتلك الأندية بالمناطقية؟. أوليست اختياراتنا تتم بناء على إعجابنا بطريقة اللعب أو بمهارة لاعب معين أو التكتيك الرياضي لفريقٍ دون غيره؟، وإن لم يكن الأمر كذلك، فبماذا نفسر تشجيعنا للفرق الأخرى عربية كانت أم غربية؟، فلا أذكر حسب معلوماتي الجغرافية أن «برشلونة» أو «بايرن ميونخ» أو «ريال مدريد» تقع ضمن حدودنا الجغرافية!، الأمر حقا فيه الكثير من التناقض والغرابة!. لكن الأغرب أنه وحالما تنتهي مباراة على شاشة التلفاز، تبدأ فورا مباريات من نوع آخر بين البشر!، حينها تجتاحني رغبة قوية للصراخ بأعلى صوتي قائلة: «إنها مجرد ريااااضة! وليست حربا»!. أخيرا أقول.. بأن من حق الشخصيات العامة أيا كان تخصصها أن تعلن عن ميولها الرياضية، رغم خطورة ذلك، فما يتعرض له البعض بسبب ميوله من محاولات للإيذاء نفسيا أو جسديا عجيبة!، لكن إعلانها باعتقادي أمر يسهم بشكل أو بآخر في تقبل فكرة الاختلاف مع الآخر والتعايش مع هذا الاختلاف بعيدا عن مبدأ «إن لم تكن معي فأنت ضدي» !!. صحيح أنه قد يخسر الكثير من متابعيه في «تويتر» لكنه سيكتسب في المقابل أضعاف ذلك العدد من ذوي الصدور الرحبة.. لذا سأجيب على سائلي: «عفوا.. أي فريق تشجعين؟» ، بالقول: أنا مع ذوي الروح الرياضية!. [email protected]