بطيبته المعهودة وحلو سجيته كان بالأمس القريب يوزع ابتساماته على زائريه، في المستشفى ويتحامل على ألمه ومعاناته، ويبدو وكأنه ذلك الذي عرفوه من قبل، في صحته وعافيته. كان حريصا كل الحرص على فعل الخير كعادته حتى وهو على السرير الأبيض فتراه تارة يسارع إلى من طلب مساعدته في حاجة من حوائج الدنيا، وأخرى يشفع لمن أراد منه شفاعة لأمر. هكذا عرفت صالح الشهري الإنسان منذ ثلاثة عقود ولو حاولت سرد كل ما أعرف عن إنسانيته وخلقه الرفيع لما اتسع المقام بها ولفاضت الصفحات بعددها وكثرتها. صالح الشهري الفنان لا يخفى على الساحة الفنية فهو أحد ساداتها العظام ويعد قامة فارعة من أبرز المنتسبين لها. ملحن بارز أثرى الساحة الغنائية بألحانه العذبة شدا وغرد بها ثلة من المغنين العرب وساهم في الحركة الفنية بشكل فاعل وكأنه جيش من الموسيقيين، أحدث ما يشبه الانقلاب في الساحة. غير صالح في مسارات الأغنية وأضاف لها الشيء الكثير من التجديد. مبدع بكل ما تعنيه الكلمة يعتبر من رموز الأغنية السعودية وسفيرها في العالم العربي. قدم لوطنه أغاني وطنية جميلة نكاد نراها ونسمعها كل يوم عبر الإذاعات والتلفزة حتى إن البعض منا أصبح يحفظها ويرددها لروعتها وجمالها. ربما كان نصيب الأغنية العاطفية عنده هي الأوفر نظرا لتخصصه وحبه لها. اشتهرت أغنياته في جل الأقطار العربية وذاعت سمعته وتوسعت شهرته بين العامة والنخبة لدرجة أن كل مطرب من تلك البلدان يحرص على وجود اسم صالح في ألبومه الغنائي سعيا منه للنجاح كما فعل الآخرون. استطاع أن يلبي رغبات ومطالب الشباب حين قدم ألحانا تواكب عصرهم وتتماشى مع سنهم. علاقتي بصالح علاقة مبنية على وشائج القربى والأخوة ولأني أحد المقربين منه ومجايليه فقد ذكرت بعضا من جوانب حياته ومناقبه رحمه الله. وإن كانت لا تفي بحقه هذه الكلمات إلا أنه وجبت الإشارة لها على الأقل. وبعد أن ترجل فارس الإبداع وغادر دنيانا بالتأكيد سيحدث رحيله وفقده شرخا في الساحة الفنية. رحم الله أخي صالح الشهري وأسكنه فسيح جناته «إنا لله وإنا إليه راجعون».