من سماحة النفس ودماثة الأخلاق ورقي الفكر أن نقبل بالرأي الآخر، ليكون الرأي والرأي الآخر. بينما الناقد لايقبل النقد، ولا سبيل للنقد الآخر . بل هناك نقد بناء ونقيضه . فكيف سمحوا للرأي الآخر ولم يسمحوا بالنقد الآخر. لا توجد قاعدة تحيل النقد الآخر إلى نقد هدام، هي فقط رغبة أنانية لدى البعض لا تقبل باستبدال المفردات الخفيفة بمفردات أثقل وزنا. عندما يكونوا الطرف المنقود، وحجتهم النقد تعدا حدوده ولا حدود لهم عندما يكونوا هم الطرف الناقد. إعلاميا بمختلف وسائله المقروء والمسموع والمرئي، النقد يستحوذ على النصيب الأكبر. وفي الدوائر الاجتماعية لا تسمع إلا نقدا، وفي جميع مواقع التواصل الاجتماعية على الشبكة العنكبوتية والهاتف المحمول. النقد هو الشغل الشاغل للحيز الأكبر، وكلها تشير بأصبع اتهام واحد إلى رجل واحد هو المسؤول. أيا كان هذا المسؤول وأيا كانت مسؤوليته، فلابد أن يكون في نظرهم الشماعة التي تحمل الإخفاق الجماعي. يخفق المعلم في أداء وظيفته فينتقدون وزير التعليم، يخطئ الطبيب في تشخيص المرض فينتقدون وزير الصحة. يتساهل المهندس مع غش المقاول فينتقدون وزير الإسكان، تتحول الشوارع إلى سلة مهملات لمخلفات المواطن. فينتقدون الأمين العام، يتغيب الموظف عن عمله وعدم انضباطه وتسببه في إرباك مصالح المواطنين يجير إلى وزير الجهة التي يعمل بها . عنجهية بعض مديري الفروع والظلم الذي يمارسونه ضد موظفيهم وسوء استغلال مناصبهم أيضا يعلق على وزير إدارته. مسافر تأخر عن موعد سفره ولم يتمكن من السفر، يتهمون شركة الطيران بسوء خدماتها وضعف إمكانياتها. لاعب أخفق في تسجيل هدف محقق لفريقه، طالبوا برحيل رئيس ناديه. حتى نبرة صوت المعلق الرياضي انتقدوها، كانت قوية ومتفاعلة مع هدف هذا الفريق ولم تكن كذلك مع هدف الفريق الآخر. يجيدون النقد في جميع الاتجاهات، الناس تنتقد بعضها، والكل يشكو الكل، وكأن الجميع على صواب.. عجبي.! عثمان إبراهيم جابر